قطرنا سيعيد الإعمار بنجاح.. ويثبت للعالم أن قصة طائر الفينيق مقاربة للحقيقة
مجريات واقع قطرنا العربي السوري في ماضيه وحاضره ومستقبله، تؤكد قدرته على إعادة الإعمار في الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بالتوازي والترافق مع تدعيم ثقله العربي والإقليمي والدولي، إذ لم تنجح القوى المعادية في إنجاز التفكك الاجتماعي لشعبنا، والذي عملت له قديماً وحديثاً، بمنتهى الحقد والضغينة، اعتماداً على وكلائها أو الحضور بنفسها بين حين وآخر، بل قد تبين بوضوح تام أن معظم السوريين الذين بدا أنهم قد تعايشوا مع من عملوا لخلق هذا التفكك، كانوا مضللين أو مكرهين – بما في ذلك بعض من حملوا السلاح ضد جيشهم وأبناء وطنهم – وقد تلمسوا سوء ما وقعوا فيه، ومدى الحاجة والضرورة القصوى للخلاص والعمل باتجاه إعادة تجذير التلاقي الاجتماعي المعهود، وتجديده بأقوى وأبهى مما كان عليه.
وخلافاً لما قد يتخيله البعض من أن التصدع الذي حصل خلال السنوات السبع الماضية كبير ويصعب رأبه، فإن واقع الحال يظهر أن الآلام التي عانى منها أهالي المناطق المحررة من الإرهاب قد حفزت آمالهم بالخلاص مما وقعوا فيه، والمواقف الوطنية الصادقة التي يظهرها أهالي المناطق المحررة ما هي إلا تباشير أولية توحي إلى ضمان إعادة تحقيق الألفة الاجتماعية على أتم وجه، عقب فترة وجيزة من دحر الإرهاب، وما نشهده من تكاتف شعبي ورسمي سيساهم في مسارعة تحقيق ذلك.
أيضاً لم تنجح القوى المعادية من إنجاز التفكك السياسي الذي عملت له بأساليب شتى، وخلافاً لما خُيِّل لها، فقد بقي التماسك السياسي قائماً في القطر بريادة وقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وكلنا نرى تنامي الدور الميداني الفعال والمتابع بشكل يومي للقيادة القطرية، وقيادات الفروع والشعب والفرق، بالترافق مع دور فعال للأحزاب الوطنية، وللمنظمات والنقابات والمجتمع الأهلي، واستمر سيد الوطن في موقعه، بحكمة قراره وشجاعة موقفه وشدة حبه لوطنه وثقته العالية بشعبه، وكلنا سمعنا الهتافات الصادقة للوطن وللقائد من جميع سكان المناطق المحررة من الإرهاب، وكان سيادته في مقدمة من زاروا العديد من المناطق المحررة، وسبق أن قام أكثر من مرة بزيارة بعض وحدات الجيش المرابطة على تماس مباشر مع الفصائل الإرهابية، وما من رئيس في العالم يماثله في الوجود الجريء الواثق بين مواطنيه.
ورغم الحرب الاقتصادية الشرسة التي شنها الخصوم ضد قطرنا، وخاصة فيما يخص الحد من إنتاجنا للعديد من السلع، والحد من إمكانية استيرادنا للسلع الإنتاجية، أو القطع التبديلية، أو بعض أنواع السلع والأدوية، فقد استمر قطرنا صامداً اقتصادياً، وبقيت سوقنا تعج بالمزيد من السلع الاستهلاكية، ورغم غلائها بقي الكثير منها أقل سعراً من مثيله في كثير من الدول، وقد تحلى شعبنا بالصبر على قلة توفر بعض السلع بين حين وآخر، وقد استمرت الدولة في دفع رواتب جميع العاملين مع بداية كل شهر، وتقديم الدعم الغذائي والصحي والتعليمي والخدمي لجميع سكان القطر بما في ذلك المناطق التي كانت موجودة تحت سيطرة الإرهاب، وأيضاً استمر الدعم الإغاثي للفقراء والمهجرين، واستمر الدعم التكريمي للشهداء والجرحى وذويهم، وقد حرصت الدولة على الاهتمام بعودة جثمان الشهيد، متى تم العثور عليه ولو بعد سنين من استشهاده، مع كافة التحاليل الطبية التي تؤكد أهله، رغم النفقات العالية لهذه التكاليف. وقوة الدولة الاقتصادية الأكبر تتجلى بالحضور العاجل لكافة أجهزتها في ساحات وشوارع كل منطقة محررة، لتخديمها سريعاً بالخدمات الضرورية، والإعداد لبدء الإعمار المنشود.
أيضاً رغم العداء الذي لقيه قطرنا من بعض الأشقاء وبعض الجوار، وكثير من الدول، فقد حافظ على ثقله العربي والإقليمي والدولي، نتيجة صموده الواثق ببسالة جيشه ومؤازرة أشراف شعبه ومناصرة خيرة أصدقائه، وجميع خصومه هم الذين يتهاوون حكومات وحكاماً، فبعضهم أعلن إفلاسه مما عمل له وتوخاه، وبعضهم الآخر يبحث عن مداخل لحفظ ماء وجهه.
قطرنا سيعيد الإعمار بنجاح، ومقومات ذلك موجودة، وسيثبت للعالم أن قصة طائر الفينيق الذي انطلق من الرماد مقاربة للحقيقة، ولكن حكمة أولي الأمر ستتجلى في اختيار الأولويات، فبعض الخير أهم من بعض، وأولوية توفير الطاقة إجراء صائب، ولكن ذلك يستوجب أن تكون هذه الطاقة محضَّرة لاستخدامها بالدرجة الأولى لصالح الإنفاق الاستثماري المنتج، كأولوية على الإنفاق الخدمي الاستهلاكي، والعمل سريعاً للنهوض في القطاعات الإنتاجية عبر تشغيل المتوقف وإعمار المخرَّب، والاهتمام الكبير في استعادة وتجديد حضور القطاع العام الإنشائي والإنتاجي.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية