الأفكار أهم من الأحجار!!
بين قوسين
نعتقد أن تطوير المناهج بتضمينها جانب توعوي وإرشادي وثقافي في كليات التربية بالجامعات السورية، وفي المدارس بات أمراً ملحاً يجب تقديمه على الكثير من الأمور التعليمية الأخرى ضمن أجندة الخطط التربوية والتعليمية، فاليوم لم يعد يكفي أن نعقد الاجتماعات ونقيم ورش العمل ونخرج بجملة من التوصيات لجهة توحيد وتطوير المناهج وتحقيق الانسجام بين مفرداتها ومتطلبات سوق العمل!، فخطورة مفرزات الحرب تتطلب منا جهداً خاصاً لجهة إعداد مناهج تكون ذات فاعلية وقادرة على التأثير والإقناع للأجيال التي عاشت طوال سبع سنوات مضت تحت تأثيرات فكر إرهابي أسود حاول أن يخرّب عقول أبنائنا.
هذا الجانب من المفروض ألا يتم إغفاله لأن مرحلة إعادة الإعمار يجب أن تبدأ من هنا “الأفكار أهم من الأحجار”.
ما يثير الدهشة أن الاجتماع الأخير للّجان الفرعية بين وزارتي التعليم العالي والتربية الخاص بتوحيد مناهج كليات التربية لم يتطرق إلى هذا الجانب أو يأتي على ذكره ولو بالحدود الدنيا!.
نعتقد أن تركيز اللّجان على أن تكون المناهج موائمة لمتطلبات واحتياجات سوق العمل لا يغفر لها إهمال الجانب التوجيهي والتثقيفي رغم أهمية ما يتعلق بفرص العمل، فطالما هناك بحث جاد لتوحيد وتحديث المناهج وفق معايير حديثة، فلماذا لم يتم لحظ وضع خطة لتخصيص فصول من المقررات لغسل ما علق بأذهان وعقول أطفالنا وشبابنا من أفكار مخيفة تسللت إليهم في ظل غياب الجهات المطلوب منها أن تعمل على تحصينهم وتوعيتهم!.
نسأل ذلك لأننا ننتظر من كليات التربية أن تلعب هذا الدور كونها معنية أكثر من غيرها بإعداد الأجيال، سواء في المدارس أو الجامعات، عبر وضع خطط وتخصيص حصص من أجل تحصين التلاميذ والطلبة ضد التعصب والتطرف والعداء للآخر، وتأهيل كادر تدريسي خاص قادر على التفاعل مع الطلبة وفق المنهج الجديد.
بالمختصر نحتاج إلى تحقيق الأمن الفكري في مدارسنا وجامعاتنا، وفي كل مؤسساتنا الثقافية الذي يضمن لشبابنا عدم التأثر بالغزو الثقافي وسمومه التي تدس من خلال برامج ظاهرها جميل ومضمونها سيئ، وكم هنا هامٌ دور الإعلام بكل وسائله ليكون الرافعة الحقيقية لذلك بعد أن غابت أو قصّرت الجهات صاحبة المسؤولية عن القيام بدورها لجهة توضيح المعتقدات الخاطئة بكل أشكالها.
غسان فطوم
ghassanfatom@gmail.com