ثقافةصحيفة البعث

مهرجان أيام التراث السوري.. حكايات تعبق بالعراقة

 

 

يروي مهرجان أيام التراث السوري الخامس فصولاً من حكايات الحرف التقليدية الأصيلة في خان أسعد باشا وسط حي البزورية الذي لطالما استضاف المهرجان وجمع العديد من الفنون الشعبية والصناعات اليدوية، التي تعكس حضارة دمشق ومدى ارتباطها بتراثها الأصيل وقدم علامات تدل على عراقة المدينة وانتمائها الحضاري والثقافي المميز.

أيقونات مدموجة
وقد توجت سورية بالمركز الأول في المعرض الدولي “الإكسبو” في موسكو بمشاركة أربع وعشرين دولة، وعن التتويج قال شيخ الكار للحرف اليدوية عدنان تنبكجي:
نحن كحرفيين نكبر ببعضنا، وكفريق عمل حققنا إنجازا كبيرا لسورية في المعرض الدولي “الإكسبو” في تشرين الثاني من العام الماضي، ورفعت العلم السوري في بلد أجنبي وأهديته إلى سورية بلدي الحبيبة، التي سنبقى نحافظ عليها بتراثها وحضارتها، ولنؤكد للعالم كله أن الحرفي السوري مميز ويصنع شيئا من لا شيء.
وعن مشاركته في مهرجان أيام التراث السوري قال تنبكجي:
مهرجان أيام التراث له طابع خاص وهو بمثابة هوية للحرفي السوري، ونحن كحرفيين معنيين بمتابعة الحرفية المتناغمة مع العصرنة مع الحفاظ على بصماتنا وإبداعاتنا، وقد أحضرنا أعمالا كثيرة وجديدة بما يخص الطرق والحفر على النحاس مثل اللمباديرات والأيقونات النحاسية وجميعها من وحي التراث القديم، وكان عليها إقبال كبير وأضفنا إليها ألوانا حديثة وطعمّناها بالكريستال ودمجنا مجموعة أعمال حرفية مع بعضها مثل الفسيفساء مع النحاس، في البداية كان هناك عمل يتضمن حرفة واحدة بينما الآن هناك انسجام بأكثر من حرفة ليخرج لدينا عمل مشترك، ومهرجان “أيام التراث السوري” بوجوده في خان أسعد باشا أعظم معلم تراثي قديم يعطينا طاقة إيجابية لنعمل أكثر ونزيده جمالاً بحرف عديدة من وحي الطبيعة، مثل العمل على زخارف نباتية واستوحينا من التاريخ أعمالا فنية وصلت إلى الكثير من الدول العربية.

تأكيد الهوية
ومن يمر ليشاهد مجموعة رنا القنواتي للأعمال اليدوية والفنية يكسب معها الكثير، لما تقدمه من معلومات تراثية وتاريخها وعن مشاركتها قالت مسؤولة المجموعة السيدة رنا:
تأتي مشاركتنا دائماً مع اتحاد الحرفيين، ونحن كمجموعة نعمل في كل أنواع التطريز كالدمى التراثية وعلى النسيج السوري –الذي وزعته سورية إلى جميع أنحاء العالم- ومجموعتنا في مهرجان أيام التراث السوري مكونة من أعمال خشبية يدوية مثل أبواب دمشق العريقة والكروشيه والرسم والنحت، متمثلاً بالحضارة القديمة منذ العصر الحجري لتراثنا السوري.
وعن انجذاب جيل الشباب للتراث قالت: تعتبر التكنولوجيا سلاحاًً ذو حدين، ونحن نصر من خلال الفعاليات والمهرجانات على تعريف جيل الشباب بهويتهم وتراثهم وجذورهم العريقة، وعند زيارة الشباب لنا نقوم بتعريفهم على كل خيط وقطبة ونشرح لهم بالتفصيل ليتعرفوا أكثر على التراث ويحبوه، فهي بمثابة رموز بلدنا الأصيلة.
إعلان جديد
أما السيدة منى أبو الخير فتعمل في القش والخيرزان وعن مشاركتها في المهرجان قالت: بدأنا بتعليم النساء كيفية تحويل الخيرزان كقطعة كبيرة إلى قطع صغيرة تصنع في المنزل، ومن ضمن حملة الدعم النفسي للمرأة عملنا على دورات تدريبية مع المنظمات والجمعيات تحت شعار “حتى لو تأخر الوقت يمكن أن نبدأ من جديد”، واتجهنا لهذه الأشياء البسيطة لتكون بمتناول يد كل سيدة في البيت وتحولها إلى قطع مفيدة يمكن أن تكون للاستعمال اليومي أو هدية.
وعن إقبال السيدات على هذه الحرفة قالت: يرغب الرجال بالقش والخيرزان أكثر من النساء، أما جيل الشباب لا يفضله أبداً إلا لمن لديه رغبة -وهم قلة- يحب أن يتعلم، وأنا من خلال الدورات لاحظت أن الفتيات بعمر صغير –اللواتي لم تأخذهن هموم الحياة بعد- يرغبن بهذه الأشياء، أما الجيل الأكبر لا يملكن الرغبة أبداً، وأنا أجد المهرجان بمثابة فرصة ذهبية، إلا أنه تنقصه طريقة جديدة للعرض والإعلان عنه، فإعلامنا مازال يستخدم الأسلوب نفسه والمكرر على مدار السنوات، في الوقت الذي يجب تقديمه بشكل جديد وأسلوب أفضل لجذب أكبر عدد ممكن من الشرائح وبالأخص الشباب ولإقناعهم بأهمية هذا التراث وخاصة بوجود التكنولوجيا، ونحن بدورنا كحرفيين نستعين أيضاً بتصاميم من مواقع التواصل لنقدم لهم أشياء تراثية قديمة ولكنها تحمل طابعا جديدا مثل الخشب والجلد والقش.

مهنة متوارثة
ويعمل الحرفي يحيى ناعمة بحرفة تنزيل الصدف على الخشب وعن مشاركته قال: ورثت هذه المهنة عن والدي وجدي وبالتأكيد سأعلمها لأولادي لكي تستمر هذه الحرفة، وأنا أشارك في هذا المهرجان الذي نفتخر ونعتز به فهو يقدم وجها جميلا لبلدنا، وفي هذه الأزمة علينا أن نثبت أننا موجودون ونعمل بكل جهدنا لنقدم إنتاجنا الفني بأجمل صورة، ويشاهد كل العالم هذه الحرف اليدوية السورية الأصيلة.
جمان بركات