هدف زيارة وزير المالية الأمريكي للصين
ترجمة: علاء العطار
عن موقع غلوبال تايمز 26/4/2018
وسط اشتعال التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يتوجه وزير المالية الأمريكي ستيفن منوشين، إلى الصين للتفاوض بشأن مسألة التجارة، وفي الاجتماعات الربيعية التي عقدها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قبل أيام، قال منوشن: إنه “متفائل بحذر” بشأن التوصل إلى اتفاق يُهدئ النزاع التجاري.
ستساعد زيارة هذه الشخصية البارزة في هذا الوقت الحرج على تخفيف حدة التوترات التجارية، لكن ربما تكون اللعبة بين الصين والولايات المتحدة قد بدأت تواً، وقد تعكس الإشارة الإيجابية، إلى حد ما، التي أرسلتها الولايات المتحدة غايات شتى.
بدايةً، تأمل الولايات المتحدة أن تمنع خروج الوضع عن السيطرة، فقد اتخذت الصين بحزم سلسلة من التدابير المضادة الشديدة رداً على التحركات الأمريكية التي تتضمّن قائمة الرسوم الجمركية بناء على التحقيق الذي تجريه الإدارة الأمريكية بموجب المادة 301، واتهام الصين بسرقة الملكية الفكرية الأمريكية، والعقوبات الأمريكية على شركة “زتي كروب”، وبعد أن رأت رد الصين، أدركت الولايات المتحدة أن بكين ستقاتل للنهاية إلا إذا توقفت الولايات المتحدة عن مثل هذه الأعمال.
وبمجرد أن تبدأ الولايات المتحدة الحرب التجارية، لن يكون هناك فائز في النهاية، والآن بعد أن قامت الولايات المتحدة بتقييم قائمة الرسوم الجمركية بناء على التحقيق الذي تُجريه بموجب المادة 301، فهذا هو التوقيت المثالي لإجراء مفاوضات بين الصين والولايات المتحدة، واتخاذ موقف أكثر اعتدالاً في هذه المرحلة من شأنه أن يساعد على تجنب المزيد من الانتقام التجاري.
وتُبيّن زيارة منوشين المقبلة أن الولايات المتحدة تريد التفاوض مع الصين، والضغط عليها أيضاً، والنزاعات السابقة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين قد بدأت عندما مارست الولايات المتحدة الضغط عليهم، ثم تفاوضت معهم لكسب مزيد من الفوائد الاقتصادية، وبذلك تُحل المشكلة، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس استثناء، فبعد عدة جولات استفزازية له، يحتاج إلى التفاوض لكشف الأوراق، لذا ربما تكون المفاوضات الحقيقية بين الصين والولايات المتحدة قد بدأت للتو، ومن السابق لأوانه اعتبار أن الولايات المتحدة قد قدمت أي تنازل.
كما يمكن الجزم بأن الولايات المتحدة تعتمد على السوق الصينية والفرص التي تتيحها، وفي خضم النزاع التجاري، عقدت اللجنة الفرعية المعنية بالتجارة الدولية والجمارك والتنافسية العالمية التابعة للّجنة المالية في مجلس الشيوخ الأمريكي جلسة استماع في 11 نيسان الجاري، وقال الحاضرون في الجلسة: إن الصين تمتلك أكبر طبقة وسطى في العالم، وتوفر فرصاً كبيرة للولايات المتحدة.
وقد تخفف زيارة منوشين القادمة من الضغوط الداخلية على ترامب بفعل إثارة تحقيق “روسياغيت”، وكادر الإدارة المتقلب، والانتخابات النصفية المقبلة، وكأن ترامب يخطط لكسب قلوب الشعب الأمريكي عبر التصرف بحزم تجاه الصين، ولكن الأمر ارتد عليه، فقد قام أعضاء الكونغرس والاتحادات الصناعية والخبراء بتوجيه اللوم إلى ترامب بسبب سياسته الجمركية، وعلى هذه الخلفية، كان على إدارة ترامب أن تغير موقفها الحازم.
ويمثل إعلان منوشين تغييراً إيجابياً، وعلى الصين أن تتأهب جيداً لذلك، ويجب عليها السعي لإيجاد تعاون براغماتي. استجابت وزارة التجارة لزيارة منوشين القادمة بشكل إيجابي، وإن تمكنت الولايات المتحدة في هذه الزيارة من التفاوض في إطار مبدأ المساواة والمعاملة بالمثل، ستبدي الصين حسن نيتها، وعلى الصين والولايات المتحدة إعادة آلية الحوار الاقتصادي الشامل أو إنشاء برنامج تشاوري مؤقت لحل الخلافات والتوصل إلى تسوية، فالتفاوض هو السبيل الوحيد لإيجاد حل، وسيحقق نتائج مربحة للجانبين.
ويتعين على الصين الحفاظ على يقظتها الاستراتيجية، فقد غيرت الولايات المتحدة استراتيجيتها تجاه الصين، واعتبرت الأخيرة كمنافس لها، وقد أظهرت سلسلة من التحركات التجارية التي اتخذها ترامب مؤخراً أن الولايات المتحدة تريد بتحقيق مصالحها الاقتصادية والتفوق الاقتصادي والتكنولوجي للحد من صعود الصين، لكن لن يكون من الممكن تفادي النزاعات التجارية بين الصين والولايات المتحدة في المستقبل، وسيصبح التصادم والتفاوض متواترين في العلاقات بين البلدين، وهذا يتطلب من الصين الحفاظ على أقصى درجات الصبر والثقة الاستراتيجيتين.
وفي حال فشلت المفاوضات، فمن المرجح أن يستمر ترامب في الضغط على الصين عبر الرسوم الجمركية، ما يحصر الشركات الصينية في مجال التكنولوجيا وعمليات الدمج والاستحواذ والاستثمار، ومن المحتمل أن تكثف واشنطن صادرات التقنية العالية وسياسة التأشيرات بالنسبة للصين، وتتعاون مع الدول الأخرى للضغط على الصين في مجال التجارة، ويجب على الصين الاستعداد لهذه التهديدات المحتملة.
وفي الوقت عينه، تحتاج الصين إلى التمسك بالإصلاح والانفتاح وإعادة الهيكلة الاقتصادية، كما تحتاج إلى العمل بجد أكبر على الاستثمار في الابتكار التكنولوجي، ودعم المشاريع التي يمكنها أن ترتقي بالسلسلة الصناعية العالمية، وتجنب المخاطر الاقتصادية والصناعية المحتملة، كما أن الصين ترحب بالتفاوض ولا تهاب المنافسة الشرسة.