ثقافة بصرية وتلاق فني.. في ملتقى التصوير الزيتي السادس
ورشة عمل مفتوحة في الهواء الطلق لنخبة من الفنانين التشكيليين السوريين، وجسور من المحبة والألفة وتلاق فني لنشر الثقافة البصرية والذائقة الفنية في ملتقى التصوير الزيتي السادس “سورية جسر المحبة” الذي أقامته مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة على مدى عشرة أيام في حديقة المتحف الوطني بدمشق وقد أوضح الفنان عماد كسحوت مدير الفنون الجميلة أن هذا الملتقى يضم عشرة فنانين تشكيليين من مختلف الأطياف والمدارس التشكيلية، ونحن نحرص على اختيار أسماء جديدة لم يسبق لها المشاركة من أعمار وأساليب ومناطق جغرافية مختلفة مع مراعاة الانسجام بين الفنانين لكي نقدم شيئا ناجحا ومثمرا.
فن وحضارة
على خلاف الملتقيات السابقة التي كانت تقام في قلعة دمشق العريقة، يقام هذا الملتقى في أحضان حديقة المتحف الوطني ويوضح كسحوت: اخترنا المتحف كمكان جديد مرتبط بالفن السوري، والفنانون هم أبناء الحضارة السورية المستمرة وقد توافد إلى الملتقى الكثير من طلاب كلية الفنون والزوار، فهو فرصة ليرى الجمهور السوري الفن والحضارة معاً وهو نوع من تلاقي الفنانين لخلق حوار والإطلاع على التجارب، وما هو إلا ورشة عمل في الهواء الطلق من أجل نشر ثقافة بصرية نحن بأمس الحاجة إليها، ومهمتنا تقديم التسهيلات والمكان والدعم المادي والمعنوي لنحصل على نتاج فني سيكون كنزا حقيقيا لسورية، وسيتم إقامة معرض في ختام الملتقى.
ورأى المصور الزيتي والمرمم خليل عكاري أن الملتقى عبارة عن تتمة لملتقيات سابقة كانت تقام في سورية، وقيمته في هذه الفترة بالذات أنه يقام ضمن هذه الظروف التي تمر فيها سورية من دمار وحرب، ولنقول للعالم أننا لازلنا نبدع ونعمل ونحن بلدٌ حضاريٌ وسنبقى على الخط الحضاري العلمي الثقافي الذي عرفنا به، وأشار إلى نقطة حساسة وهي أن الفنان دائماً يخرج من مرسمه لأنه ليس حبيساً فيه، فهو يختزل ما يتعرض له في يومياته ويفرغها في عمله، بل على العكس تماماً الفنان جاء من الخارج إلى المرسم وليس بالعكس، وبيّن أنه يعمل بالألوان الزيتية على القماش وموضوع لوحته هو العطاء الريفي السوري.
توقيت هام
كما وجد الفنان موفق السيد أن الملتقى ظاهرة جميلة لكي نلتقي فنياً وإنسانياً، ويسمح للفنان بتلقي الانطباع المباشر على لوحته لأن الفنان التشكيلي على خلاف غيره من الفنانين لا يحظى بشغف ورأي المتلقي إلا بعد أن ينتهي، إلا أن الملتقى منحنا رؤية ردة فعل الزوار لتحقيق تواصل أفضل فتفاعل المتلقي يخلق حالة جديدة وممتعة، ويحمل عمل السيد الأول عنوان “الفراغ” وينفذه باستخدام تقنية الأكريليك لأن ديمومته في الحياة أطول وهو لون مرن لافتاً إلى أن توقيت الملتقى مهم، وحاولت أن أجسده بلوحتي فحالة القلق بدأت تتلاشى وشعور الأمان يجعل الفنان يعمل بأريحية.
ولفت الفنان جمعة نزهان إلى أننا في المعرض نرى اللوحة منتهية أما في الملتقى نشاهدها في جميع مراحلها وتفاصيلها، مما يخلق جسرا من الـتآلف والمحبة مع الفنانين والزوار، وبيّن أن تجربة الخروج من المرسم لها رهبة ولاسيما في جو المتحف المليء بالحضارة والتماثيل والطبيعة والشجر العتيق وهو جو ملهم، ولوحتي امتداد لعملي الذي عملته في الأزمة “بيوت تسكننا ولا نسكنها” فأنا أعمل على الحارة السورية، كذلك أوضح الفنان التشكيلي أسامة حسين: أردت المشاركة في هذا الملتقى من خلال عمل وطني عبر لوحة تعبر عن التآلف السوري وحضاراتنا المختلفة، وقد رسمت فيها الكنيسة والجامع والعلم والشهيد مستخدماً الألوان الزيتية لأن فيها إحساس أكثر من الإكريليك.
رسالة محبة
وكان العمل الأول الذي تشارك به الفنانة نهى جبارة مستقى من عنوان الملتقى حيث تقول: اللوحة رمزية عن آلام المسيح ترمز إلى الآلام التي عاشها الناس ولكنهم مازالوا يملكون أملاً بالخلاص كما خلص المسيح من آلامه، ولابد أن زوار الملتقى والمتحف أغلبهم يملكون خلفية ثقافية تمكنهم من فهم رموز اللوحة، ورأت أن الملتقى تجربة جديدة وفرصة للنقاش وتقريب وجهات النظر متمنية استمرار هذه الملتقيات لأننا أًصحاب رسالة وحضارة سامية هي المحبة والسلام، ومهما أرسلوا لنا الموت سنبقى نرسل لهم لوحات فن وجمال، كذلك أشارت الفنانة مفيدة ديوب أن رسالة المحبة في الملتقى ستصل لجميع الناس من خلال أعمالنا وريشتنا ولوحتنا، وبيّنت أنها تأثرت بالمكان الزاخر بالآثار العريقة والشخوص، وهناك محاكاة مع الطبيعة والزوار وحتى مع الأصوات المحيطة، معتمدة في عملها على تقنية الإكريليك على القماش والرسم بالسكين، لأن التعبيري يحتاج كثافة على السطح وعنف بالتعامل مع اللوحة التي تجسد حالات إنسانية، كما رأى الفنان جان حنا أن الملتقى تجربة جديدة وجميلة وفريدة يتم فيها تبادل الخبرات مع مجموعة فنانين مبدعين، ولاسيما أن التجربة خارج المرسم هي تجربة مختلفة لأن الفنان يخلق مناخه الخاص في مرسمه ولكنه في الملتقى يرسم في جو تفاعلي، حنا الذي يشارك برسم مباشر وواقعي تمنى استمرار هذه الملتقيات التي اعتبرها حالة جميلة ومشجعة.
لوردا فوزي