أبيض.. أسود..؟!
بمساحة من اللواقط الشمسية لا تتجاوز خمسمئة متر مربع، وبألفين وثمانمئة أنبوب شمسي فقط.. نحو ثمانية وعشرين ألف لتر من المياه الساخنة سيتم تأمينها يومياً من تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية لتسخين المياه الذي تم تدشينه مؤخراً على سطح مبنى المجمع السكني في مشفى الأسد الجامعي.
أما الوفر السنوي المحقق بشقيه النفطي والكهربائي، فهو نحو اثنين وأربعين ألف لتر مازوت، أي ما قيمته 12 مليون ليرة، و252 ألف كيلو واط ساعي بقيمة 17 مليون ليرة سورية في حال استخدام الكهرباء لتسخين تلك المياه.
وإن أتينا للكلفة الإجمالية للمشروع نتفاجأ أنها لا تتعدى الـ 52 مليون ليرة، وبتمويل من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وذلك بناء على دراسة فنية واقتصادية أنجزت من قبل فريق متخصص مشترك من المركز الوطني لبحوث الطاقة ومشفى الأسد الجامعي.
لن نحلل ما تقدم؛ فالأرقام المعلنة تتحدث عن مثل تلك المشاريع التي رغم أهميتها القصوى وآثارها الاقتصادية والبيئية المستدامة، ما تزال محدودة، تنتظر التعميم بالتدعيم لتشمل كل منشآتنا العامة كمرحلة أولى، وفرضها على المشاريع الخاصة كشرط لازم للترخيص لها.
مثل هكذا مشاريع التي ترفع لها القبعة، يقابلها واقع استهلاكي مؤسف لطاقتنا في العديد من مبانينا العامة، التي وبحكم ترددنا على عدد منها نشهد بأم العين كيف تهدر المياه في مرافقها الخدمية، وكيف تهدر أيضاً الطاقة الكهربائية، ولأجل ماذا وفي أي الأوقات..!
من دون حسيب أو رقيب يستمر الهدر، هذا على الرغم من إحداث إدارات خاصة في كل الجهات العامة، تحت مسمى “إدارة ترشيد استهلاك الطاقة”، التي نتحدى أن تكون قد أنجزت شيئاً يذكر يعكس نصيباً من اسمها..!
واقع ما بين الأبيض والأسود، يضعنا أمام إشكالية أكثر من مؤلمة تعانيها إداراتنا العامة حين تقيم تعاطيها مع ما تملكه من إمكانات يتم التعامل معها بكثير من اللامسؤولية واللا مبالاة؛ ما أدى ويؤدي إلى نزيف مستدام لطاقاتنا، علما أن المحافظة عليها لا يحتاج سوى لإجراءات أكثر من بسيطة، لكن نتائج ذلك أكثر من أن تقدر بثمن.
وفورات مستدامة يحققها ما بدأنا به مقابل خسارات مستدامة فيما تلي مما ذكرنا، يبقي قربة أصحاب القرار مثقوبة، لا ينفع معها أي ترقيع مهما كان نوعه ولونه، ويبقى الإنفاق الحكومي في دائرة اللافعالية والجدوى.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com