الجيش يحسم معركة الحجر الأسود.. روسيا: القوات الأمريكية تدرب الإرهابيين في التنف ومخيم الركبان
من المتوقع خلال ساعات إعلان منطقة جنوب دمشق خالية من الإرهاب بعد أن حققت قواتنا المسلحة أمس تقدماً حاسماً تمثل في فصل منطقة الحجر الأسود المعقل الرئيس للتنظيمات الإرهابية جنوب دمشق إلى قسمين إثر التقاء القوات المهاجمة من المحورين الشرقي والغربي، وسط حالة من الانهيار تسود في صفوف المجموعات الإرهابية جراء الخسائر الكبيرة التي تكبدتها، في وقت انتهت بعد ظهر أمس عملية تجهيز دفعة أولى من الحافلات التي تقل مئات الإرهابيين وعائلاتهم من بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم تنفيذاً للاتفاق القاضي بإخراجهم إلى شمال سورية.
في السياسة، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن القوات الأمريكية المنتشرة بمنطقة التنف ومخيم الركبان في البادية السورية تواصل تدريب إرهابيين وتمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها في المنطقة، مشدداً على أن تعزيز الولايات المتحدة الأمريكية لوجودها شرق نهر الفرات يهدد وحدة الأراضي السورية.
وفي التفاصيل، نفذت وحدات من الجيش عمليات تكتيكية ضد تحصينات وبؤر الإرهابيين من محورين: الأول شرق حي الحجر الأسود، والثاني من منطقة الأعلاف غرب الحي موسعة نقاط سيطرتها بالتدريج وصولاً إلى التقاء القوات ووحدات الاقتحام المشاركة في العمليات، وبالتالي فصل مناطق انتشار الإرهابيين إلى شطرين جنوبي وشمالي.
وترافقت العمليات مع رمايات مدفعية دقيقة على نقاط تحصن الإرهابيين وصليات صاروخية على محاور تحركهم وطرق إمدادهم، وفرضت في الساعات الأولى من صباح أمس سيطرتها على منطقة المدارس ومبنى مقسم الهاتف شرق منطقة الحجر الأسود، فيما تقدمت قوات الجيش من الكتل السكنية في القسم الغربي للمنطقة، وبسطت سيطرتها على جامع بلال الحبشي لتتقدم القوات بعد ذلك من المحورين، وتلتقي ببعضها عند دوار الحجر الأسود الواقع شمال المنطقة.
هذا وتواصل وحدات الجيش عملياتها العسكرية بوتيرة متسارعة ودقة عالية في التنفيذ والتنسيق بين مختلف صنوف الأسلحة وصولاً إلى تطهير المنطقة من الإرهاب وسط انهيارات متلاحقة بين صفوف الإرهابيين الذين ضعفت قوتهم في الاشتباكات نتيجة للخسائر الكبيرة في الأفراد والعتاد بعد تدمير معظم مستودعات ذخيرتهم.
وأوضح قائد ميداني من مجموعات الاقتحام في المحور الغربي للعمليات أن وحدات الجيش التي بسطت سيطرتها على منطقة الأعلاف خلال الساعات الماضية تقدمت شرقاً باتجاه منطقة المدارس وصولاً إلى التقاء القوات المتقدمة من اتجاه منطقة الزين الفاصلة بين الحجر ويلدا.
وبكلمات تنضح بالإصرار والشجاعة قال أحد رجال قوات الاقتحام: إنه ورفاقه المقاتلين يسيرون بخطا واثقة نحو تحرير كل شبر من أرض الوطن ابتلي بالإرهاب وشعارهم الشهادة أو النصر.
وفي سياق متصل عثرت وحدات الجيش خلال تقدمها على سيارة مفخخة كانت معدة من قبل الإرهابيين لاستخدامها في إعاقة تقدم الجيش على أطراف الحجر الأسود، وقامت وحدات الهندسة بتفكيكها على الفور.
في الأثناء، تم تجهيز 32 حافلة وإخراجها من بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم عبر ممر بلدة بيت سحم بعد تفتيشها بشكل دقيق وتجميعها على أطراف البلدة ليصار إلى نقلها دفعة واحدة إلى جرابلس، وسيتم صباح اليوم “الجمعة” استكمال إخراج الإرهابيين وعائلاتهم من البلدات الثلاث عبر الحافلات على أن تستمر هذه العملية حتى إخراج جميع الإرهابيين الرافضين للتسوية تمهيداً لإعلان هذه البلدات خالية من الإرهاب.
كما بدأ أمس تطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي والقاضي بإخراج المجموعات الإرهابية منهما نحو إدلب وجرابلس وعودة جميع مؤسسات الدولة.
وأفاد مراسل سانا في حمص بأن عملية تسليم المجموعات الإرهابية السلاح الثقيل والمتوسط بدأت فعليا فيما تقوم وحدات الهندسة والآليات بإزالة عدد من السواتر الترابية على طريق حمص حماة الدولي تمهيدا لإعادة فتحه، ولفت إلى أن العملية تستمر خلال الأيام القادمة وتنتهي بإخراج الإرهابيين الرافضين للتسوية مع عائلاتهم إلى شمال سورية وعودة مؤسسات الدولة إلى ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي وفق ما ينص الاتفاق.
وتم أمس الأول التوصل إلى اتفاق في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي يقضي بإخراج جميع الإرهابيين الرافضين للتسوية مع عوائلهم إلى جرابلس وإدلب خلال ثلاثة أيام بعد تسليم السلاح الثقيل والمتوسط والعتاد والذخائر خلال مدة أقصاها يومان من تاريخ توقيع الاتفاق، كما قضى الاتفاق أيضاً بتسوية أوضاع المسلحين الراغبين بالتسوية ودخول الجيش العربي السوري إلى المنطقة وعودة جميع مؤسسات ودوائر الدولة إليها إضافة إلى فتح الطريق الدولي حمص/ حماة خلال 3 أيام اعتباراً من توقيع الاتفاق وتأمين الطريق من قبل وحدات الجيش. وبموجب الاتفاق تعهدت المجموعات الإرهابية بتسليم جميع خرائط الأنفاق والألغام والدلالة على أماكن توضع مستودعات الذخيرة والمواد المتفجرة.
من جهة ثانية أفاد مصدر في قيادة شرطة دمشق بأن إرهابيين يتحصنون في منطقة الحجر الأسود استهدفوا صباح أمس بقذيفة حي مساكن برزة وبـ 3 قذائف حي الشاغور، ما تسبب بوقوع أضرار مادية في الممتلكات.
وتعمد التنظيمات الإرهابية في منطقة الحجر الأسود التي تتلقى الضربة تلو الأخرى خلال عمليات الجيش العربي السوري الرامية إلى استئصال الإرهاب من جنوب دمشق إلى الاعتداء على الأحياء السكنية في مدينة دمشق لرفع معنويات إرهابييها.
وفي سياق آخر أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تحطم مقاتلة حربية روسية صباح أمس قبالة سواحل مدينة جبلة في اللاذقية، وقالت الوزارة في بيان لها: إن مقاتلة من نوع سو 30 تحطمت قبالة سواحل مدينة جبلة في تمام الساعة العاشرة إلا ربعاً بعيد إقلاعها من قاعدة حميميم الجوية، مؤكدة أن طياريها لقيا مصرعهما، ورجحت الوزارة بحسب المعطيات الأولية أن يكون سبب تحطم الطائرة دخول طائر إلى محركها مؤكدة أنه لم يكن هناك أي إطلاق نار في المحيط، وأشارت إلى أن الطيارين حاولا حتى آخر لحظة تجنب سقوط الطائرة لإنقاذها. وتشارك روسيا الاتحادية عبر مجموعة من الطائرات في الحرب على التنظيمات الإرهابية منذ أيلول عام 2015 وذلك بناء على طلب من حكومة الجمهورية العربية السورية.
سياسياً، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في سوتشي أمس: تحدث أشياء غريبة في التنف وحول مخيم الركبان مثل تدريب الإرهابيين من قبل الأمريكيين، لافتاً إلى أن الأمريكيين يفتعلون المشكلات لمنع إيصال المساعدات الإنسانية إلى مخيم الركبان، وأوضح لافروف أن الحكومة السورية أعلنت موافقتها على إيصال المساعدات الإنسانية إلى مخيم الركبان بالتعاون مع المنظمات الإنسانية والدولية، لكن القوات الأمريكية الموجودة هناك منعت ذلك، وحاولت وضع شروط غير مقبولة.
وجدد لافروف التأكيد على موقف بلاده الداعم لجهود التسوية السياسية للأزمة في سورية وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254 بالتوازي مع مكافحة الإرهاب، موضحاً أن بلاده تتعاون مع الأردن بهذا الشأن في إطار اجتماعات أستانا.
ورداً على سؤال بشأن مناطق تخفيف التوتر في سورية أعاد لافروف التأكيد أنه تجب محاربة التنظيمات الإرهابية أينما وجدت وفقاً للقرارات الدولية، لافتاً إلى أن مجموعات إرهابية تنتشر في منطقة تخفيف التوتر في جنوب سورية، ويجب القضاء عليها، وشدد لافروف مجدداً على أن إنشاء مناطق تخفيف التوتر أمر مؤقت يتم بعده الانتقال إلى مرحلة ثانية من تسوية الأزمة في سورية بعد استقرار الوضع.
من جانبه تحدث الصفدي الذي تغاضت بلاده عن تدفق الإرهابيين إلى سورية عبر حدودها عن تطابق في الموقف مع موسكو بشأن الحل السياسي للأزمة وفق قرار مجلس الأمن 2254 بما يحفظ وحدة سورية واستقلالها.
وفي حديث لمجلة بانوراما الإيطالية أكد لافروف أن تعزيز الولايات المتحدة الأمريكية لوجودها شرق نهر الفرات يهدد وحدة الأراضي السورية، وقال: بالرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض كانا قد أكدا رسمياً أن هدفهما الرئيسي في سورية هو طرد الإرهابيين فإن الولايات المتحدة في حقيقة الأمر تستقر حالياً بنشاط على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتسعى لتفكيك سورية، وهذا النهج يشجعه عدد من حلفاء الولايات المتحدة، وأضاف: لسوء الحظ فإننا نواجه مراراً هذا الوضع، وذلك ليس فقط فيما يخص العلاقات الروسية الأمريكية، بل وفي الملفات الدولية الأخرى عندما لا تتفق تصريحات واشنطن مع أعمالها الحقيقية.
وتقوم واشنطن عبر التحالف غير الشرعي الذي تقوده بدعم بقايا تنظيم داعش الإرهابي بشكل منهجي، والعمل على إعادة توظيفه في إطار الميليشيات الانفصالية العميلة لها في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور بما يؤكد أن هدفها هو تقويض سيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية وإطالة أمد الأزمة فيها.
وطالبت سورية في رسالة وجهتها وزارة الخارجية والمغتربين أول أمس إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن بالتحرك الفوري لوقف جرائم “تحالف واشنطن” بحق الشعب السوري، ومنع تكرارها، وإنهاء الوجود العدواني للقوات الأمريكية والقوات الأجنبية الأخرى الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية، ومنع الولايات المتحدة الأمريكية من تنفيذ مخططاتها التي تهدف إلى تقسيم الجمهورية العربية السورية ونهب ثرواتها.
إلى ذلك وصف لافروف الاتهامات الأمريكية القائلة: إن موسكو ودمشق عملتا على تأخير دخول خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى دوما لتطهير مكان الهجوم الكيميائي المزعوم بـ “العبثية”، مشيراً إلى أن المختصين أكدوا أنه من غير الممكن تطهير آثار هجوم كيميائي وسط أبنية مهدمة، لأن المواد الكيميائية تتسرب في الأرض وجدران الأبنية. وجدد لافروف التأكيد على أن مزاعم حدوث هجوم كيميائي هي مجرد استفزاز قذر من صنع أولئك الذين لا يريدون أن يحل السلام في سورية، موضحاً أن موقف موسكو منذ البداية كان يدعو إلى فتح تحقيق نزيه من قبل خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأوضح لافروف أن العلاقات الروسية الأمريكية مستمرة في التدهور وأن الرهاب في المؤسسة الأمريكية يجعلهم يقدمون روسيا على أنها تهديد ويدعون إلى كبحها باستخدام العقوبات وغيرها من آليات الضغط، مبيناً أن هذا الأمر ولد من الصراعات السياسية الداخلية في واشنطن ولا يمت للواقع بصلة، وأكد أن الوضع المتوتر في العالم متعلق بالإجراءات الأحادية للولايات المتحدة والدول الغربية الخاضعة للتوجيه الأمريكي وقال: من الواضح أن الوضع في العالم أصبح للأسف أكثر توتراً وأقل قابلية للتنبؤ.