القلــق والخــوف مــن الامتحانــات يؤثــران فــي مســتوى التحصيــل العلمــي
حالة من القلق والخوف تلازم الطلبة قبل فترة الامتحانات وأثناءها، لدرجة تؤثر في مستوى التحصيل العلمي للكثير منهم، مع توتر عام تشعر به العائلة، فالمعلومات لا تشكّل وحدها الحمل الأثقل أثناء الإعداد للامتحان، بل ترافقها حالة نفسية عاصفة بالمشاعر السلبية، والإحساس بالتوتر والخوف، والأمر يزداد حدة عند الأسر التي لديها أكثر من طالب شهادة: تعليم أساسي، وثانوي، والذين غالباً ما تدور في خواطرهم سيناريوهات مخيفة لمسار الامتحان، ويرتفع منسوب الخوف لدى طلاب الثالث الثانوي، حيث يرتبط اجتياز الامتحان بالنسبة لهم بنجاح مسار حياتهم المهنية في المستقبل، فهل القلق والخوف حالة عامة أم مرضية؟ وكيف يؤثران على أبنائنا؟ وبالتالي ما دور الأسرة؟ وما هي النصائح لدفع القلق؟.
خوف طلاب الشهادات مضاعف
يخاف أبنائي من الامتحانات، ودائماً يصيبهم توتر وقلق، الأمر الذي يجعلهم يخفقون في بعض الأحيان، /هذا حال منى وأبنائها/، ولفتت إلى أن للامتحان رهبة، وربما يكون سببها الخوف من توبيخ الأهل، حيث يلجأ بعضهم إلى الاستهزاء بمن يأخذ علامة متدنية، أو العقاب، وهذا يقلل من ثقة الطلاب بأنفسهم، وعلى الأهل تدريب الأبناء على مواجهة الامتحان بإجراء تجربة امتحان داخل المنزل في أجواء مريحة، وذلك ليعتادوا على فكرة الامتحان، وعلينا كأهل دعمهم معنوياً بالمحبة والعاطفة ليثقوا بأنفسهم وبقدراتهم، وتشير نزيها إلى الخوف الذي يلازم ابنتها مايا، وهي في الصف الثالث الثانوي، رغم أن الأهل لم يلمسوا خوفاً كالذي انتاب مايا بسبب السنة المصيرية التي تمر بها، وتقول والدتها: أخفف عنها، وأدعمها نفسياً بكلمات تريحها: “أنت شاطرة وقوية، وبإذن الله ستحققين ما ترغبين باجتهادك ومثابرتك”.
استثمار الخوف
يعتبر الخوف والقلق من الامتحانات حالة نفسية انفعالية يمر بها الطالب، وتصاحبها ردود فعل نفسية وجسمية غير معتادة نتيجة لتوقع الفشل في الامتحان، أو سوء الأداء فيه، أو الخوف من ردود فعل الأهل، أو أن تضعف ثقة الطالب بنفسه، ورغبته في التفوق على الآخر، هذا ما أشارت إليه لبنه داوود، الدكتورة في علم النفس بكلية التربية في جامعة طرطوس، واعتبرت أن هذا هو الحد الأدنى من القلق، وهو أمر طبيعي لا داعي للخوف منه مطلقاً، بل ينبغي استثماره في الدراسة والمذاكرة، وجعله قوة دافعة للتحصيل والإنجاز، وبذل الجهود والنشاط لإرضاء حاجة قوية موجودة لديه، هي حاجته إلى النجاح والتفوق، وإثبات الذات، وتحقيق الطموحات، أما إذا كان هناك الكثير من القلق والتوتر لدرجة يمكن أن تؤدي إلى إعاقة تفكير الطالب، فهذا أمر مبالغ به، وعليه معالجته، وكلما بدأ العلاج مبكراً كانت النتائج أفضل.
الخوف من النتيجة
أسباب كثيرة تجعل الطالب يخاف من الامتحانات لخصتها الدكتورة داوود بالخوف من النتيجة، فالطالب الذي يهتم بالدراسة سيخشى أن تكون النتيجة غير ما يشتهي، لذلك يشكّل له الامتحان معضلة وقلقاً، وطالب آخر أهمل أو قصّر في الدراسة سوف يشعر بالقلق، وموقف الأهل تجاه العملية الامتحانية على أنها الباب الذي سيلج منه الطالب إلى المستقبل الواعد، وأن الامتحان عملية تقييم شاملة للطالب، ويخاف الطالب من ترديد الأهل لبعض الكلمات، مثلاً: “يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان”، “اليوم تبيض وجوه وتسود وجوه”، حيث تعمل هذه العبارات على زيادة القلق، وغالباً ما يكون امتحان الشهادة، وخاصة في الصف التاسع، والثانوية العامة، هو التجربة الحقيقية الأولى لعملية الامتحان، لأن معظم الأسر لا تعطي أهمية كبيرة للامتحانات الانتقالية، على اعتبار أنها ليست ذات قيمة أو أهمية، وهذه نظرة خاطئة، والمدرسة تتحمّل جانباً من المسؤولية.
عادات غير صحية
ولفتت الدكتورة داوود إلى أن الطلاب مرتفعي القلق الامتحاني لديهم عادات استذكار غير صحية كتأخير المذاكرة الجادة إلى ليلة الامتحان، والاعتماد على مجرد الحفظ، وعدم ربط الأفكار، ومعرفة القدرات الذاتية، إضافة الى عدم استخدام التلخيص وتحديد الأفكار الأساسية، ربما قد يحصل ذلك نتيجة شعور الطالب بأن الامتحان موقف صعب يتحدى إمكانياته وقدراته، وأنه غير قادر على اجتيازه، واعتقاده بأنه نسي ما درسه وتعلّمه خلال العام الدراسي، وتفكيره بنوعية الأسئلة وصعوبتها، إضافة إلى عدم الاستعداد أو التهيؤ الكافي للامتحان، وقلة الثقة بالنفس، وضيق الوقت لامتحان المادة الواحدة، والتنافس مع أحد الزملاء، والرغبة القوية في التفوق عليه، وكلما اقترب موعد الامتحان تظهر على الطالب مجموعة أعراض فسيولوجية، ونفسية لم تكن موجودة قبل فترة الامتحان، أشارت إليها داوود، كارتفاع نبضات القلب، وسرعة التنفس، وجفاف الحلق والشفتين، وآلام في البطن، والغثيان، والدوار، وفقدان الشهية، والتوتر، وقلة النوم، وتوارد الأفكار السلبية.
الدعم والاستقرار
وللأسرة دور كبير في دفع القلق عن الطالب، وهنا بيّنت دكتورة علم النفس أن الأسرة تعد الجماعة الإنسانية الأولى التي تحتضن الطالب، ويعيش في كنفها، فهي تلعب دوراً هاماً وحيوياً في حياة الطالب، واستقراره النفسي والاجتماعي، ويتجلى هذا الدور بتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للطالب عن طريق تزويده بالإحساس بالأمن، والطمأنينة، والحب، والتقدير، والتشجيع، وعلى الوالدين عدم المبالغة بالتوقعات والنتائج المطلوبة من الطالب، واحترام قدراته، وتوفير جو عائلي يسوده الحنان، والمودة، والاستقرار، وإرشاد الطالب نحو الغذاء الصحي الغني بالفيتامينات البعيدة عن المنبهات، والاستذكار والدراسة في مكان هادئ، مريح للبصر، بعيد عن أماكن النوم، وإرشاده إلى عدم السهر الطويل، والحصول على ساعات نوم كافية، إضافة إلى تقوية عزيمة الطالب، وثقته بنفسه، وتعزيزها عند الحصول على نتائج طيبة، ورفع معنوياته عند الحصول على نتائج متدنية، وعدم حرمان الطالب نهائياً من أوقات الترفيه في أوقات الامتحانات، بل تخصيص وقت لذلك بين حين وآخر، كذلك عدم مقارنة الطالب بزميل له، أو بأخ متفوق لكيلا يحبطه ذلك.
أدوار رديفة
وأخيراً يمكن القول: بالإضافة إلى دور الطالب في التمكن والحفظ أثناء العام الدراسي، فإن للأهل الدور الأكبر والرديف لجهد الطالب في تعزيز ثقته بنفسه أثناء فترة التحضير للامتحانات وخلالها، بما يبعث الطمأنينة والارتياح في نفسه، ويعزز الطاقات الإيجابية، ويبعد عنه الشك والارتياب، ولا يجب أن نغفل أهمية توفير أجواء مريحة وهادئة في القاعات، بما يؤدي إلى سير العملية الامتحانية بيسر ونجاح.
دارين حسن