مغارة بيت الوادي لغز تاريخي.. هل تنجح السياحة في اكتشافه واستثماره!؟
تعتبر المغاور من المواقع السياحية الهامة من حيث الاستثمار السياحي، وتندرج ضمن ما يسمى بالسياحة البيئية، وخاصة سياحة العالم الجوفي، وتأتي أهمية هذا النوع من السياحة لما له من جمالية في اكتشاف باطن الأرض، ومن أهم المشاهدات هي الترسبات الكلسية (الصواعد والنوازل) التي أخذت مئات وآلاف السنين كي تتكون لتكون ما هي عليه من الروعة والتي تأخذ أشكالاً متعددة وبألوان الطيف الرائعة. وتمتلك محافظة طرطوس العديد من الهوات والمغاور (مغارة بيت الوادي– مغارة الضوايات- مغارة الحدية– مغارة الدي- هوة الجباب- …..إلخ).
مغارة بيت الوادي عمق ببعد700م
من أهم المغاور الموجودة في سورية، وتحديداً في محافظة طرطوس مغارة بيت الوادي، التي تقع في بلدة دوير رسلان على بعد 18 كيلو متراً من مدينة الدريكيش، حيث تستقر على جدار جوف صخري، كونته ملايين السنين نتيجة مرور نهر جليدي ضخم في تلك المنطقة، وتتوضع مغارة بيت الوادي ضمن منطقة طبيعية خضراء، تكثر فيها الينابيع والأنهار، وتشتهر بالصواعد والنوازل وبوجود نبع غزير فيها، إذ تعد من أجمل المغاور المعروفة في سورية لكثرة وتنوع التكوينات الكلسية التي تشكل أكثر من 70 بالمئة من مساحة المغارة، ولديها من الخصائص الجمالية ما يستقطب السائح إليها، إضافة إلى تميزها من الناحية الأثرية والتاريخية والطبيعة الهيدرولوجية والتكوينية والبيئية والنباتية والحيوانية، كما تتميز بوجود مساحات وفراغات كبيرة داخلها.
وتتصف المغارة بثبات درجة حرارتها صيفاً وشتاء على 18 درجة مئوية، وتمتد على عمق نحو 600-700 م، وحدودها غير معروفة بشكل دقيق، وأثناء القيام بالرفع الطبوغرافي لمغـــارة بيت الوادي بحسب منظر عباس الذي قام بعملية مسح المغارة، لوحظ وجود بقايا فخاريـــة مكسرة تعود إلى عصور قديمـــة (العصر الكالكوليتي 4500-3400 قبل الميلاد)، كما لوحظ بقايا عظام إنسانية منثورة في أماكن عدة من المغارة، وتكثر الكتابات على الجدران والصخور في وسط الصالات، البعض منها غير مقروء أو مفهوم، لذا تعتبر هذه المغارة محطة تاريخية، كما تتميز مغارة بيت الوادي بوجود نبع ماء غزير يجري في المستوى السفلي للمغارة، يستدعي الاستكشاف بواسطة تقنيات الغطس.
مديرية سياحة طرطوس
إن مغارة بيت الوادي بما تمثّله كنافذة على العالم الجوفي، بحسب المهندس يزن الشيخ، مدير سياحة طرطوس، يمكن إذا استثمرت بطريقة علمية أن تساهم بشكل كبير في لفت انتباه الرأي العام حول كيفية استثمار موارد هذا العالم الغامض في نطاق السياحة بطرق متبعة عالمياً تساهم بالوقت نفسه بالحفاظ على موارده ضمن إطار التنمية المستدامة، وفي هذا الإطار قامت مديرية السياحة بطرطوس بعرض مشروع مغارة بيت الوادي في ملتقى الاستثمار الثاني 2006 ضمن شريحة العرض الترويجي، (داخلياً طول مسار الزوار المقترح لعمق مغارة غير معروف 500 متر– خارجياً خدمات مكملة: مطعم– مبيت– أنشطة– تنزه– إدارة– حجز– ألعاب- صالة عرض)، ويقول: يعود عدم استثمار المغارة حتى تاريخه إلى كون المغارة غير مدروسة بشكل علمي ومتكامل حتى الآن، وتم إغلاقها، وذلك لعدة أسباب منها: الحفاظ على سلامة زوار المغارة بسبب عدم وجود مسارات آمنة للزيارة، وخوفاً من حصول انهيارات أو تساقط حجارة، وثانياً الحفاظ على مكونات المغارة من الداخل التي تعتبر موارد غير متجددة، فالترسبات الكلسية التي أعطت هذه الجمالية من خلال الصواعد والنوازل المميزة لا يمكن تجديدها عند تلفها، وللمغارة نظام محدد من حيث الرطوبة، الحرارة، التهوية، معدل CO2، وأي خطأ ناجم عن استثمارها يمكن أن يؤدي إلى خلل في هذا النظام.
بيت الوادي توءم جعيتا اللبنانية.. ولكن!
مغارة بيت الوادي تعد من أبرز وأهم المغاور في سورية نظراً لما تمثّله من ثروة تاريخية وطبيعية نادرة صنعتها الطبيعة منذ زمن بعيد، وسحرت كل الزائرين إليها بجمالها الداخلي والخارجي حتى سميت (جعيتا سورية) تشبيهاً بمغارة جعيتا الرائعة في لبنان التي أصبحت مقصداً سياحياً يؤمه آلاف السياح سنوياً نتيجة توظيفها التوظيف السياحي الأمثل، في حين عجزت كل الوزارات السياحية السورية المتعاقبة عن سبر أغوار مغارة بيت الوادي، واكتشاف سحرها، ووضعها بالاستثمار السياحي؟!.
لؤي تفاحة