علامتنا التجارية الغائبة..!
يفتقر اقتصادنا الوطني لعلامة تجارية تعكس هويته وماهية أصوله الحضارية ذات البعد التاريخي، تماماً كما فعلت الصين التي اتخذت من التنين رمزاً لتنامي اقتصادها حتى باتت تُعرف بـ”التنين النائم”. كما اجتهدت سويسرا باتجاه انتزاع لقب رائدة صناعة الساعات في العالم،.. وينسحب هذا الأمر أيضاً على ورود هولندا وأجبان فرنسا وبخور الهند.
فاقتصادات هذه الدول وغيرها برعت بإحداث علامات تجارية باتت بمنزلة شعار يميّزها من جهة، وتحمل بصمة الدولة المُنتجة لها وتختزل ثقافتها وتاريخها من جهة ثانية، بل وتحفّز كل من يتعاطى أو يتعامل مع هذا المنتَج أن يزورها كي يطّلع أكثر على تفاصيل وحيثيات تراثها وكيفية ابتكارها له من جهة ثالثة.
ليس بالضرورة أن يكون هذا المنتَج أساسياً وحتمياً، أو أنه يحتاج إلى خبرات وإمكانيات من نوع خاص، لكن المثابرة عليه والاعتناء به وصلت بالدولة المُنتجة له إلى مرحلة الإتقان الكامل ليكون مطلباً ملحاً رغم بساطته، إضافة إلى حُسن الترويج له لدرجة جعلت منه مادة مرغوبة في جميع أسواق العالم!.
ولدى محاولتنا إسقاط ما ذُكر على اقتصادنا الوطني، نجد أن الأخير لا يخلو من منتجات يمكن أن تتصدّر الأسواق العالمية فيما إذا وجدت الإرادة الحكومية الفعلية للتركيز عليها، لتأخذ حيزاً مرموقاً وتتصدّر الأسواق العالمية في حال حظيت بالترويج المطلوب لها، وبالتالي تحقق عوائد مالية جيدة.
فرغم تحقيق الحلويات الدمشقية –على سبيل المثال لا الحصر- حضوراً في بعض الأسواق العالمية، إلا أنها لم تصل حتى الآن حدّ اعتبارها علامة تجارية سورية فارقة على المستوى العالمي!!.
والأدهى من ذلك أن هناك منتجات سبق وأن برع السوريون في إنتاجها، لكنهم لم يستمروا على الوتيرة نفسها، ولعلّ تجربة تصدير القمر الدين السوري إلى مصر تندرج في هذا السياق، ونعتقد أنه كان بالإمكان توسيع هذه التجربة لتشمل أسواقاً عربية وإسلامية، خاصة وأن هذا المنتج مرتبط بشهر رمضان المبارك.
فما المانع من أن تنسحب هذه التجربة على باقي المنتجات الأخرى المغمورة لتكون لها أسواق عربية وعالمية..؟، إضافة إلى منتجات بسيطة لا تحتاج إلى خبرات ورؤوس أموال كبيرة أو تقنيات من نوع خاص، لا تزال مغمورة في بلادنا ويقتصر استهلاكها على نطاق ضيّق لا يتعدى أحياناً حدود الأسرة المنتجة لها رغم فوائدها الصحية بشهادة الأبحاث العلمية والطبية المحلية منها والعالمية كحبة البركة والكمون مثلاً..؟! ناهيكم عن بعض المنتجات الحرفية المستقطبة لسياح أتوا من وراء البحار ليلحظوها بأم أعينهم؟!.
hasanla@yahoo.com