محمد سمير طحان: تجاربي السينمائية وجه آخر لمشروعي الثقافي
يطرق الصحفي محمد سمير طحان باب الإخراج السينمائي مرة جديدة من خلال فيلمه القصير “إشارة حمرا” فهو يبحث لرؤاه عن طريق للضوء ليس فقط عن طريق “قلمه” الجميل في وكالة سانا الإخبارية، بل إنه أيضاً يطلق العنان لشغفه وعدسته التي تلتقط قضايا حساسة للغاية، فنراه معنياً مرة بالمرأة وأخرى بالطفولة، ولا يزال في جعبته المزيد مما ينتظر الفرصة والوقت المناسب لتتحول الفكرة إلى سيناريو و”فيلم سينمائي”، وعن تفاصيل تجربته السينمائية أوضح طحان أن فيلم “إشارة حمرا” الذي عرض ضمن فعاليات مهرجان سينما الشباب يحكي عبر 15 دقيقة قصة طفل فقير يمتلك حساً فنياً مرهفاً وروحاً شفافة وحالمة تأخذه نحو عالم الموسيقا، تدور فكرته حول ضرورة تحدي “الإشارات الحمراء” في حياتنا والانطلاق نحو تحقيق الأحلام رغم الصعوبات.
طاقة الأطفال
ولأن الأطفال طاقة خلاقة في المجتمع وبناة للمستقبل يوضح طحان سبب اختياره هذه الفكرة قائلاً: كتبت قصة الفيلم إيماناُ بضرورة تسليط الضوء على شريحة الأطفال من الفقراء والمهمشين في المجتمع بما يملكونه من طاقات كبيرة في مختلف المجالات، للتنبيه إلى أهمية التوجه إليهم لمعرفة ميولهم وإمكاناتهم وتبنيهم من قبل المؤسسات التعليمية والثقافية التي يمكن أن تصقل مواهبهم وتصحح توجهاتهم ليكونوا أفراداً صالحين وفاعلين في المجتمع، وأضاف: تقدمت بالسيناريو إلى منح مشروع دعم سينما الشباب وتم قبول النص وعملت على التحضير للتصوير في مدة زمنية قياسية مستفيداً من مساعدة عدد من الأصدقاء الأوفياء الذين قدموا لي كل المساعدة، وذللوا الصعاب فكانوا خير معين سواء في التواصل مع الممثلين أو الأطفال الذين كان من شروط اختيارهم أن يكونوا ممارسين للعزف الموسيقي، فاخترت الطفل ربيع جان كونه الأنسب لأداء الدور الرئيسي من خلال تعلمه لفن التمثيل في معهد خاص، إضافة لتعلمه العزف على آلة العود في معهد صلحي الوادي، كذلك اخترت الطفلة شهد عباس للأسباب ذاتها، وبالنسبة للممثلين الكبار لجأت لمن لهم خبرة في التعامل مع الأطفال ويمتلكون مسيرة فنية حافلة في مجال العمل للطفل، فكان خياري الأول للممثل المسرحي صاحب التجربة الطويلة مع مسرح الطفل غسان الدبس، والممثلة وئام الخوص التي لها تجربة مهمة في تدريب الأطفال على التمثيل، والممثلة تماضر غانم صاحبة الخبرة الكبيرة في مسرح الطفل، كما كان لمدير مركز ادهم إسماعيل للفنون التشكيلية قصي الأسعد دورا مهماً يشكر عليه من خلال السماح لنا بالتصوير في المركز في يوم عطلته.
وفيما يخص الصعوبات التي واجهت انجاز الفيلم يلفت طحان إلى أنها تمثلت بحصر مدة التصوير بيوم واحد مما استدعى تكثيف المشاهد وحذف بعضها واختزال اللقطات قدر الإمكان كي لا اضطر ليوم تصوير ثان يكون على نفقتي الخاصة، إضافة إلى صعوبات التصوير في الشارع مثل التحكم بحركة سير المارة والسيارات والاستفادة من حركة الشمس وعدم وجود أخطاء في الإضاءة الطبيعية بين المشاهد المتتالية وصولاً إلى حساسية التعامل مع الأطفال، ولكن تم تجاوز كل هذه الصعوبات من خلال التعاون بين فريق العمل من فنيين وممثلين الذين كانوا طاقماً متجاوباً جداً.
وجه آخر
وعن بدايته السينمائية تحدث طحان: بدأت من خلال فيلمي الأول ” اللعبة” الذي قدمت من خلاله معاناة المرأة السورية خلال الحرب، ومن ثم فيلم “إشارة حمرا” ورسالته المعنية بالأطفال الفقراء، وقبلهما سيناريو فيلم الدمية المحاصرة (لم يصور حتى الآن) والذي نال جائزة مسابقة سيناريو سينما الأطفال عام 2015 في مؤسسة السينما، وصولاً للأفلام القادمة التي ستنفذ ضمن منح مشروع سينما الشباب لهذا العام “تحت الجسر” و”رائد فضاء” مع مشاريع أخرى، واعتبر طحان أن مشاريعه تبحث عن طريق للظهور إلى الضوء وهي مجرد محاولات وتجارب في عالم الكتابة والإخراج للسينما أتلمس من خلالها طريقي في هذا العالم الشيق والمبهر مدفوعاً بشغفي بالفن عموماً وبالشاشة الذهبية على وجه الخصوص، وأنا في كل تجربة جديدة أتعلم كيف أكون أفضل في التجارب التالية، وهي وجه آخر لمشروعي الثقافي الذي أعمل عليه منذ سنوات من خلال مهنتي كصحافي مختص بالشأن الفني والثقافي، فالذي يعنيني ويشكل هاجساً بالنسبة لي هو الإنسان السوري المبدع من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية، والذي أجد فيه القاطرة الأساسية التي يجب أن نعول عليها للخروج من ظلمة سنوات الحرب التي شنت علينا بكل وحشية من قبل أعدائنا، فالإنسان المبدع يمتلك الطاقة والإمكانية للنهوض من رماد الحرائق، كما يرى طحان أنه بالتعاون والدعم وتسخير الإمكانات بشكل مخطط ومدروس يمكننا إعادة إعمار بلدنا، ونعيد للثقافة والفن السوري قيمته الحضارية العريقة مع إعطائه بعداً حداثياً معاصراً مما يضعنا في مقدمة دول العالم المتطور.
لوردا فوزي