اقتصادصحيفة البعث

قرار منع موظفي التأمين المنفكين من عمل آخر إلا بعد ستة أشهر يثير الجدل بعــض الشــركات تـــراه غيــر مدروس ويعــارض قانــون العمــل.. و”هيئــة الإشــراف” تعتبــره تنظيمــاً

 

اعتبرت بعض شركات التأمين قرار هيئة الإشراف على التأمين القاضي بمنع أي موظف تأمين انفك عن الشركة التي يعمل فيها من العمل لدى شركة أخرى إلا بعد ستة أشهر من تاريخ انفكاكه، قراراً خاطئاً وغير مدروس، وناجماً عن اعتبارات شخصية لا علاقة له بآليات تنظيم سوق التأمين الذي تمارسه الهيئة، وفي تفاصيل الاعتراض الذي بينته بعض المصادر أن القرار يعارض قانون العمل بالشق الأول كونه منع أية جهة من إصدار أي قرار يمنع أي موظف من الالتحاق بعمل آخر مدة ستة أشهر، وبالتالي حرمان الموظف من الحصول على مصدر دخل آخر ضمن مجال عمله في حال انفكاكه من عمله الأساسي لأي سبب كان..!

دحض
ودحضت المصادر ما تضمنه القرار من مبررات لجهة حماية الشركات من تسرب كوادرها الخبيرة أو زبائنها مع الموظفين المنفكين، مبينة أن شركات التأمين لديها طرق عديدة تمكنها من حماية حقائبها وعملائها ومصالحها من خلال تطبيق نظم حماية لمعلومات الزبائن، ومنها عقد السرية الذي يوقع عليه كل موظف في بداية عمله في الشركة، وبالتالي يمكن للشركة مقاضاة أي موظف قام بتسريب المعلومات بناءً على العقد الموقع معه، كما أن لدى شركات التأمين برامج تنمي وتقوي ولاء الموظفين لها، ما يضمن بشكل قاطع لا مجال فيه للشك ولاءهم وانتماءهم للشركة الأم، وجذب الموظفين إليها، بدلاً من اعتماد أساليب الترهيب والضغط للبقاء، وبالتالي تحفيز الإنتاجية والعمل والنشاط في الشركة.
تعديل
وبينت المصادر أن القرار يمكن تعديله ليطبق على مندوبي المبيعات وقسم التسويق فقط، لكونهم على تماس مباشر مع العملاء، أما موظفو المحاسبة والإدارة والموارد بشرية وكل المفاصل الأخرى ليس لديها تعامل مباشر مع الزبائن، وطبيعة عملهم تمنعهم من الحصول على معلومات شخصية أو سرية، محذرة من إمكانية تشجيع بعض الإدارات على استخدام هذا القرار بشكل سلبي، كالفصل التعسفي من الشركة والتمنع عن إعطائه براءة ذمة، وبالتالي يظلم الموظف لمرتين؛ الأولى بفصله التعسفي، والآخر بحرمانه من الحصول على فرصة جديدة في شركة تأمين أخرى.
فترة إخبار
رغم موجة التحفظ الواضحة من قبل أغلب الشركات على هذا القرار، فإن مدير شركة العربية للتأمين باسل عبود غرد خارج السرب، كونه شرع لإصدار براءة ذمة للموظف المنفك من العمل ما يحفظ بالنتيجة حقوق الطرفين، ولم يخفِ عبود إمكانية استثمار هذا القرار بشكل سلبي إذا أراد البعض ابتزاز الموظف وإجباره على البقاء ضمن الشركة من خلال عدم منحه براءة الذمة التي تخوله الالتحاق بفرصة عمل أفضل، مقترحاً ضرورة وجود فترة إخبار تمكن الشركة من تأمين البديل.
وفي حيثيات القرار بين عبود أن الخوف من تسرب المعلومات غير مبرر لكونها متوفرة في سوق المنافسة سواء كانت بالأسعار والأقساط أو العملاء، لافتاً إلى أنها جزء من حالة أية سوق مفتوحة، وبالتالي فإن تسرب المعومات والكوادر أمر موجود ضمن السوق، ولكن التعامل الجيد والمناقشة مع الكوادر من قبل الإدارة وتلبية مطالبهم ضمن إمكانياتها هي من أنجع الطرق للاحتفاظ بهم، بعيداً عن استصدار قرارات ضامنة.

تنظيم
وفي معرض رده على هذه الاتهامات بين مدير عام هيئة الإشراف على التأمين سامر العش أن الهدف من القرار هو حماية كوادر الشركات من الانتقال العشوائي بين الشركات، ومن تسرب الخبرات والكوادر التي أنفقت الشركات على تأهيلهم وتدريبهم، والحد من الانتقال المباشر من شركة إلى أخرى، كما شدد العش على أن القرار سمح لأي موظف منفك من شركته وحاصل على براءة الذمة بالالتحاق بأي عمل آخر، وبذلك تكون الهيئة قد شرعت لكافة موظفي شركات التأمين ضرورة الالتزام بالحصول على براءة الذمة قبل مغادرتهم للمؤسسة الأم، وهو تشريع مطبق في القطاع العام.
ولفت العش إلى أن الهيئة تفتح أبوابها لأية شكوى تتمثل باستخدام القرار بطرق سلبية، مثل الفصل التعسفي والامتناع عن منح العامل براءة ذمة، إذ يمكن للموظف اللجوء إلى الهيئة وإطلاعها على الإشكالية ومعرفة تفاصيلها، وبالتالي مناصرته إن كان مظلوماً، معتبراً أن هذا القرار يهدف إلى تنظيم بيئة العمل لدى شركات التأمين وحماية حقائبها التأمينية وكوادرها الخبيرة من التسرب المقصود أو الاستقطاب من قبل شركات أخرى، وأن إصدار الهيئة لهذا القرار ينبع من صلاحيتها الإشرافية والتنظيمية.
فاتن شنان