مسيرة العودة انتصار للوعي الفلسطيني
علي اليوسف
لا شك في أن مسيرة العودة التي ينظمها الشعب الفلسطيني منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، هي محطة إضافية في سياق حركة الصراع ضد الكيان الصهيوني، وهو مسار بدأ يأخذ أشكالاً تصاعدية منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي كجزء من “صفقة القرن”، وتأتي هذه المسيرات كخيار مواكب لعمل المقاومة في مسار تكاملي لمواجهة تحديات المرحلة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية.
تحمل مسيرة العودة في طياتها خصوصية كبيرة كونها تأتي في مرحلة حاسمة جداً لمواجهة مخطط تصفية القضية الفلسطينية، من هنا، فإن هذه المسيرة الشعبية تشكّل انتصاراً على مستوى الوعي الفلسطيني، ومجرد نجاح فصائل المقاومة الفلسطينية في تحويل المسيرة إلى تظاهرة جماهيرية تعبّر عن توجهات وآمال الشعب الفلسطيني يشكّل انتصاراً حقيقياً لا يمكن للكيان الإسرائيلي ومن يسانده الحؤول دونه.
وتنبع أهمية هذا النوع من الحراك الشعبي في أنه يندرج ضمن سياسة الرد الفلسطيني الذي يهدف إلى تكريس حق العودة في الوعي العام الفلسطيني، ويعزز حضوره على المستويين العربي والعالمي، وعليه بات لزاماً على القوميين العروبيين دعم هذا الحراك الجماهيري بكافة الوسائل المتاحة كونه يحاكي طبيعة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية، ويأتي كجزء من مسار، وليس على نحو استقلالي.
مع ذلك، هذا الإنجاز مشروط باستمرار الحراك الشعبي والمقاوم على المسار نفسه بغض النظر عن التكتيكات والأساليب، وهو ما يتوقع أن يتواصل، ولهذا فإن الاستمرارية بالوتيرة نفسها لا شك أنها ستضع الحقوق المشروعة في نصابها الصحيح، وخاصة لجهة تعرية الجبهات العربية و”الإسرائيلية” والغربية التي تستهدف النيل من صمود الشعب الفلسطيني.
إن مسيرة العودة الكبرى التي جاءت انطلاقتها في ذكرى يوم الأرض وصولاً بفعالياتها المستمرة إلى ذكرى يوم النكبة الموافق 15 أيار، والتي ستشهد اندفاعات قوية وموجات من الحراك باتجاه البلدات الفلسطينية المحتلة، تملك الكثير من المعاني والدلالات، أهمها إعادة الجمع بين مفردتي “الأرض والإنسان” الذي يبطل الأسطورة التي قامت على أساسها دولة الكيان الذي أشاع مقولة “أرض بلا شعب”، وإرسال رسالة للعدو الصهيوني القابع في حيفا ويافا والمجدل وغيرها من المدن الفلسطينية، رسالة تغرس في عمق الوعي واللاوعي الصهيوني أنهم طارئون ومؤقتون، وأن أولئك الذين شردوا إلى المنافي منذ 70 عاماً لم ينسوا الأرض والبيت، وها هم اليوم يحتشدون من جديد، والأهم من ذلك أن مسيرة العودة تضع حداً لأساطير اليمين الصهيوني التي تُعد صفقة القرن أهم تجلياتها.