الصفحة الاولىصحيفة البعث

ألمانيا متمسّكة بالاتفاق النووي.. واليورو بدل الدولار في المعاملات النفطية مع إيران

يبدو أن الاتحاد الأوروبي والدول الموقعة على الاتفاق النووي – بريطانيا وألمانيا وفرنسا- بدأت تأخذ منحاً مختلفاً عما تريده واشنطن ولاسيما فيما يخص العقوبات على إيران، حيث تم الكشف بالأمس عن قرار بروكسل الجديد باستبدال اليورو مكان الدولار في المعاملات النفطية مع طهران، قرار من شأنه أن يغضب واشنطن ويدفعها إلى معاقبة حلفائها وفق ما أعلن الرئيس الأمريكي مؤخراً، في حين كان دونالد توسك أكثر وضوحاً عندما انتقد وبشدة مواقف الحليف الأمريكي ووصف قرارات رئيسها بالنزوة داعياً لأوروبا لأن تتوحد وتأخذ دورها في العالم إما طرف رئيسي في النزاعات أو تابع لدولة ما في إشارة إلى أمريكا.

في الأثناء أكدت طهران وموسكو أنه ليس لدى واشنطن أي مبررات لتخرج من الاتفاق النووي، حيث أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أمس أن ردود الفعل العالمية بينت إخفاق الولايات المتحدة في بلوغها الأهداف التي خططت لها خلال الانسحاب الأحادي الجانب من الاتفاق النووي مع إيران، وقال: إن لائحة العقوبات الأمريكية الجديدة وإدراج رئيس البنك المركزي الإيراني فيها جاء تعويضاً للفشل الأمريكي، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل استمراراً للسلوك غير الحكيم والسياسات العدائية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية ضد الشعب الإيراني والتي استمرت طيلة العقود الماضية بتسميات متنوعة.

وشدد على أن هذه السياسات العدائية لم ولن تحقق مكسباً لواشنطن وستزيد من صبر وصمود الشعب الإيراني وحكومته في مواجهة الإجراءات الأمريكية المناهضة لإيران. وأشار قاسمي إلى أن ردود الفعل العالمية التي تلت الانسحاب الأمريكي الأحادي الجانب من الاتفاق النووي بينت بكل وضوح خلو هذا القرار من العقلانية والمنطق السليم ومعارضته لجميع المواثيق الدولية.

من جهة أخرى أكد روحاني أن الهدف من الاتفاق النووي الموقع مع إيران كان الحصول على حقوق الشعب الإيراني ورفع العقوبات بما يحقق المنافع الوطنية، لافتاً إلى أن إيران التزمت بتعهداتها في حين خالفت أمريكا المقررات والقوانين الدولية بانسحابها منه دون سبب منطقي ما جعلها منعزلة عن العالم، داعياً المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغوط على أمريكا لنقضها العهود وانتهاكها للقوانين الدولية.

وفي موسكو أعلنت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع مع إيران يمكن أن يقوض مصداقية المؤسسات الدولية ولاسيما الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقالت ماتفيينكو في مقابلة مع وكالة سبوتنيك: أعتقد أن هناك خطراً آخر بعد هذا النوع من الإجراءات وهو تقويض الثقة بالمؤسسات الدولية مثل وكالة الطاقة الذرية لأن هذه الوكالة راقبت بدقة شديدة تنفيذ هذا الاتفاق والآن يطرح سؤال حول هل يمكن الوثوق بوكالة الطاقة الذرية وهذا خطأ مطلق، وأضافت: إن هذا توجه خطير للغاية لأنه تدمير للنظام العالمي والقانون الدولي وتلك المؤسسات التي تم إنشاؤها على مدى سنوات عديدة والتي تنظم العلاقات الدولية في مجال أو آخر.

وأوضحت ماتفيينكو أن حقيقة انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من هذا الاتفاق في رأي ليس روسيا فقط ولكن أيضاً معظم البلدان هو خطأ كبير جداً محفوف بعواقب وخيمة وتوتر في الوضع الدولي ما يمكن أن يكون له تأثير سلبي على نظام عدم الانتشار ففي الشرق الأوسط ثمة عدد من الدول التي سترغب في امتلاك أسلحة نووية.

بدوره أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي جان كلود يونكر ضرورة بذل جميع الجهود للحفاظ على الاتفاق النووي الموقع مع إيران، وقال: يجب بذل كل الجهود من أجل إبقاء الاتفاق حياً رغم انسحاب الولايات المتحدة منه، وأضاف يجب الاتفاق على موقف مشترك بشأن علاقاتنا مع الولايات المتحدة وعلاقاتها مع إيران معرباً عن أمله في تجنب وقوع إثر سلبي لأي عقوبات أميركية محتملة.

وفي السياق ذاته أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه من الخطأ إلغاء الاتفاق النووي مع إيران مشددة على أن هذا الأمر أحد الاختلافات الرئيسية في الرأي بين برلين وواشنطن. وقالت ميركل لنواب في المجلس الأدنى من البرلمان الألماني إن القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق كان من بين العديد من الأخبار المثيرة للقلق التي حدثت مؤخراً، مضيفة أنه ليس من الصواب إلغاء الاتفاق في الوضع الراهن على الرغم من أنه لا يزال غير مثالي، وتابعت إن أفضل طريقة للتعامل مع المخاوف الدولية إزاء دور إيران وبرنامجها للصواريخ الباليستية هي البقاء في إطار الاتفاق النووي مع طهران حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه مشيرة إلى أن السؤال هو ما إذا كان بالإمكان إجراء محادثات بشكل أفضل في حالة إنهاء الاتفاق أو البقاء فيه ونحن نقول يمكن الحديث بشكل أفضل في حالة البقاء فيه.

كما انتقد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بشدة المواقف المتقلبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب ولاسيما انسحابه من الاتفاق النووي، وقال للصحفيين في العاصمة البلغارية صوفيا عشية قمة لقادة الاتحاد تهدف إلى الخروج بموقف موحد في مواجهة الإجراءات الأميركية عند النظر إلى القرارات الأخيرة للرئيس ترامب قد يفكر البعض أنه في وجود أصدقاء على هذا النحو فما حاجتنا للأعداء.

وأضاف توسك ساخراً لكن بصراحة على أوروبا أن تكون ممتنة للرئيس ترامب لأننا تخلصنا بفضله من كل الأوهام وجعلنا ندرك ضرورة الاعتماد على أنفسنا، داعياً إلى  المزيد من الوحدة فى الاتحاد الأوروبي المنقسم والذي سيخسر عضوية بريطانيا العام المقبل كي يكون قادراً على مواجهة التحديات المتزايدة، مضيفاً ليس هناك من شك فى أنه فى اللعبة العالمية الجديدة ستكون أوروبا إما أحد اللاعبين الكبار أو دمية يحركها الآخرون.. هذان هما الخياران الوحيدان،

من جهة ثانية يعتزم الاتحاد الأوروبي التحول من الدولار إلى اليورو في الحسابات التجارية مع طهران فيما يتعلق بإمدادات النفط من إيران، وذلك للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على هذا البلد. وقال مصدر أوروبي لوكالة “نوفوستي” الروسية: “لدي معلومات مفادها بأن الاتحاد الأوروبي ينوي التحول من الدولار إلى اليورو عند الدفع مقابل النفط الإيراني”.

وكانت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية فيديريكا موغيريني قد أعلنت في أعقاب محادثات أجرتها في بروكسل مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن الجانبين اتفقا على العمل للحفاظ على العلاقات الاقتصادية وتعميقها بين الاتحاد وإيران، وقالت: “نحن نعمل على إيجاد حل عملي، ونتحدث عن حلول للحفاظ على الاتفاق وتلك الإجراءات ستسمح لإيران بمواصلة تصدير النفط وللبنوك الأوروبية بالعمل في إيران”.

ويعد الدولار العملة الوحيدة، التي يتم بها تسعير النفط في البورصات، وبالتالي فإن جميع عمليات التبادل التجاري بين المصدرين والمستوردين تتم بالعملة الأمريكية، وبعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران فإنه من المهم لهذا البلد، الذي يصدر 2.5 مليون برميل في اليوم، تجاوز هذه العقبة.