اقتصادصحيفة البعث

علينا ألا نرضى فقط بالـ/1.5/ مليار دولار..!.

 

إذا ما علمنا أن هناك نحو 20 مليون مغترب سوري حول العالم… فلنا أن نتصور مدى الأثر الاقتصادي لهؤلاء على وطنهم الأم سورية، ومدى تأثيرهم الثقافي على دول الاغتراب لجهة إبراز الوجه الحضاري لبلدهم تحديداً، في حال تم الاشتغال على هذين العاملين من قبل وزارة الخارجية والمغتربين بالدرجة الأولى بالتعاون مع روابط الجاليات السورية في بلاد الاغتراب من جهة، واتحادات الغرف من جهة ثانية.
لقد ارتبط الحديث عن المغتربين السوريين على المستويين الشعبي والإعلامي بتحويلاتهم المالية خلال سنوات الأزمة، واتخذ هذا الحديث بعداً اقتصادياً إثر تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار إذ رشحت عدة تقديرات حول حجم الحوالات اليومية والبالغة ما بين 4 – 5 ملايين دولار، بمعدل نحو 1.5 مليار دولار سنوياً!.
لا شك أنها كتلة مالية لا يستهان بها ولها أثر جيد على تحسين الوضع المعيشي لكثير من الأسر!.
ولكن ماذا بالنسبة للعملية الاستثمارية التي لا تزال بمنأى عن المغتربين؟.
نعتقد أن ثمة تقصير مزدوج يقع على عاتق الجهات المعنية سواء الحكومية منها ممثلة بوزارات الاقتصاد “من خلال مجالس الأعمال”، والخارجية “عبر التواصل مع الجاليات السورية”، والسياحة “بتنظيم رحلات سياحية لكبار المغتربين للقطر”، أم غير الحكومية ممثلة باتحادات الغرف، لجهة التواصل المستمر مع المغتربين وحثهم على أن يلحظوا مسألة التنمية في بلدهم الأم.
وهناك تقصير أيضاً من قبل المغتربين أنفسهم، وعدم امتلاكهم زمام المبادرة الحقيقية والجادة لتوجيه بوصلتهم نحو الاستثمار في سورية، علماً أن هناك أسماء سورية لامعة في بلاد الاغتراب، تخطى نشاطها ما وراء البحار!.
لا يمكن لأي بلد النهوض إلا بأموال وسواعد أبنائه، وما الاستثمارات الأجنبية مهما كبرت سوى رافد وليس أساس في العملية التنموية، وقد يقول قائل: ماذا عن دبي التي استقطبت كبرى الاستثمارات العالمية لتتحول إلى قوة اقتصادية بأموال وقوى الغير..؟ لنقول بدورنا: إن العنوان الرئيسي للاستثمار في هذه الإمارة الصغيرة هو ريعي بالدرجة الأولى قوامه “سياحة– مصارف– تأمين.. إلخ”، فهذا النوع من الاستثمار صحيح أنه يحقق موارداً مالية هائلة، إلا أنه سرعان ما ينهار مع أول هزة مهما كان نوعها وحجمها “سياسية– أمنية– طبيعية..إلخ”، وبالتالي فإنه أشبه ما يكون بـ”نمر من كرتون”..! على عكس الاستثمارات التنموية الحقيقية “صناعة – زراعة” كما هو حاصل في دول شرق آسيا التي استطاعت بجدارة انتزاع لقب “النمور الأسيوية”!.
فأين أنتم يا أبناء هذا البلد من هذا المشهد..!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com