رياضةصحيفة البعث

الرياضــــة الســــورية بيــــن الهــــروب الإعــــلامي والتميــــز

 

محاولات تراوحت بين النجاح والإخفاق قام بها الاتحاد الرياضي العام في سبيل الارتقاء بالحالة الإعلامية لقطاع الرياضة، وذلك لمواكبة كافة الأحداث الرياضية على المستويين الفرعي والمركزي، أو لنقل أخبار مشاركة منتخباتنا في الاستحقاقات الخارجية، حيث كانت توجيهات قيادتنا الرياضية متوافقة مع الحالة الإعلامية المفترض العمل بها، ولكن بعد مرور فترة طويلة على بداية هذا المشروع، وإصدار عدد من التعاميم والقرارات لفرض هذه السياسة، وأقول لفرض، لأن حالة الكسل التي تعاني منها بعض الاتحادات مازالت مستمرة بشكل غير مقبول، ما حدا بالقيادة الرياضية لإصدار توجيه مباشر بتغيير الحال إلى أفضل مما هو عليه، وخلق رؤية حقيقية لما يجب أن يقوم به الإعلام لخدمة الحالة الرياضية، ومواكبة الأحداث بما يتناسب مع أهميتها وضرورتها للحالة الوطنية، ولكن يبدو أن صورة المشهدية للوضع الإعلامي الرياضي المتردي الذي وصل إلى ما هو عليه من سوء جاءت نتيجة نأي بعض الاتحادات بنفسها عن الإعلام، كونه سيكشف الحالة السلبية التي تعيشها، ولانتفاء الإنجازات فيها.

تشاركية إعلامية
بالتوجه والسؤال عن أصحاب العلاقة فيما يجري من ترهل إعلامي، وهروب باتجاه الخلف من بعض الاتحادات للابتعاد عن الصورة الواضحة التي يقدمها الإعلام لمجريات الأحداث، أفاد رئيس المكتب الإعلامي في الاتحاد الرياضي العام الزميل صفوان الهندي بأن القيادة الرياضية أصدرت مجموعة من التعاميم على كافة اتحادات الألعاب لخلق حالة من التعاون مع الإعلام وفق السياسة التي تتضمن إلقاء الضوء على الإنجازات التي تقوم بها مختلف الاتحادات، وعلى الرغم من تميز عدد من اتحادات الألعاب في هذه الناحية، إلا أن الكثير من الاتحادات مازالت خارج المشهد الإعلامي ربما بسبب حالة الروتين والكسل الذي تعيشه، وعدم وجود إنجاز بحاجة إلى إلقاء الضوء عليه.
وحول السؤال عن دور المكتب الإعلامي المركزي في الاتحاد لنقل كافة الأحداث المهمة ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة، بيّن الهندي أن دور المكتب يتمحور حول إيجاد صلة وصل بين الإعلاميين على اختلافهم، وقيادة المنظمة الرياضية، بالإضافة إلى عمليات الأرشفة لكافة المشاركات في الاستحقاقات الرياضية محلياً وخارجياً، وأن المكتب يعمل بشكل واضح على إيجاد صورة إعلامية حقيقية لما يدور من أحداث في الاتحاد بعيداً عن التغطيات المباشرة لكافة الأحداث الرياضية، نظراً لعدم وجود كادر كاف، ولتغطية هذه الفجوة فإن المكتب قام بحالة تشاركية مع الإعلاميين الرياضيين ساهمت في الارتقاء بالتغطية الإعلامية الرياضية عموماً.

فضاء محدود
وبلقاء رئيس دائرة الرياضة في التلفزيون العربي السوري الزميل إياد ناصر، كشف أن المدة الزمنية المخصصة للرياضة لا تكفي سوى لإلقاء الضوء على بعض الرياضات، وعلى رأسها كرة القدم، واللقاءات النهائية في كرة السلة، مع تسليط الضوء بشكل بسيط على الإنجازات الخارجية لبعض الرياضات، مبرراً أن الأحداث التي تعيشها البلاد تستقطب الوقت المرئي بشكل شبه كامل، وهو ما يستدعي إلغاء البرامج الرياضية أحياناً، وتقليص وقتها في أحيان أخرى، مع أن هذا العام شهد لأول مرة نقل مباريات دوري الدرجة الثانية لكرة القدم!.

إخفاق
وبالبحث والتقصي عن الاتحادات المتعاونة مع الإعلام والبعيدة عنه، برزت مجموعة من المبررات غير المنطقية لعدد من النائمين في عسل الكسل، والمصالح الشخصية، والابتعاد عن المشهد الإعلامي خوفاً من إظهار الصورة الحقيقية لهذه الاتحادات الخاملة، وكانت الأعذار التي تم سوقها أقبح من الأسباب الكامنة خلفها، فقد حاولنا جاهدين التواصل مع اتحادات الكسالى، لكنهم رسبوا في امتحان التواصل كالعادة، فعلى سبيل المثال اتحاد الجمباز سقط عن متوازي الحالة الإعلامية بحجة عدم وجود خبراء في التقنيات الحديثة للتواصل، وتسيير الموقع الذي أتاحه المكتب التنفيذي له، ولغيره من الاتحادات، أما اتحاد الرماية فقد أخطأ جميع أهدافه في التواصل مع الصحافة عن سابق إصرار وتصميم، وابتعد عن الإنجاز النوعي قبل أن يبتعد عن الإعلام، والأسباب باتت معروفة للجميع، ولم يكن اتحاد كرة اليد بأفضل حال عن رفاقه بسبب الوعود المتكررة من رئيسه بالتواصل، ومازال الإعلام ينتظر وفق المثل /عالوعد يا كمون/، وهناك العديد من الاتحادات التي لحقت بعجلة فشل زملائها، وما ذكرناه كان بعض غيض اللامبالاة من فيض التقصير؟!.

تميز
ومثلما وجدت اتحادات بعيدة عن المشهد الإعلامي، والتواصل مع الصحافة لأسباب باتت معروفة، كانت هناك اتحادات نشيطة اكتسبت نشاطها من عدة عوامل إيجابية أهمها الإنجاز والتميز، ما خلق حالة تشاركية تبادلية بينها وبين الإعلام للإضاءة على ما يتم تحقيقه على كافة المستويات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اتحاد الكاراتيه الذي أوجد حالة إعلامية راقية في كافة البطولات التي أقامها، سواء في البطولات الفرعية، أو المركزية، أو حتى الاستحقاقات الخارجية، حيث أوضح جهاد ميا رئيس اتحاد الكاراتيه بأنهم اتبعوا سياسة المتابعة المباشرة عن طريق رسم سياسة إعلامية خاصة بهم يتم خلالها التواصل مع كافة الجهات الإعلامية، واطلاعها على كافة التفاصيل على أهميتها، ما يعطي حافزاً كبيراً للاعبين ليتميزوا وينالوا الشهرة والتميز، واتحاد الكاراتيه ليس وحيداً في تواصله المهني والمنطقي مع الإعلام، فهناك اتحاد الدراجات الذي ارتقى بحالته الإعلامية، وقام بإنشاء صفحة لأخباره على مواقع التواصل، بالإضافة إلى الموقع الرسمي الذي يغذيه بكافة التفاصيل بشكل آني، ما جعل منه حالة استثنائية بكل معنى الكلمة أمام الإعلام دوّن فيه رسالة اجتهاد وتحد وتميز، حيث أكد محمد الخضر رئيس اتحاد الدراجات بأنهم يرون أن الإعلام شريك حقيقي في كل النجاحات التي تحققت، والتي في طريقها للتحقق، لأنه يمثّل حالة تحفيزية للجميع تدفعهم للتميز، سواء في البطولات الداخلية، أو الخارجية، ولن ننسى اتحاد المصارعة الذي يتواصل بشكل دوري مع وسائل الإعلام لاطلاعهم على كافة مستجداته، خصوصاً في الإنجازات التي يحققها، علماً أن ذكر هذه الاتحادات يعتبر أيضاً جزءاً من منظومة المجتهدين الذين نتمنى أن تنتسب إليهم كافة الاتحادات للارتقاء بحال الإعلام الرياضي إلى المستوى المناسب.

اهتمامات متباينة
ولكي نكون واقعيين في انتقادنا للحالة الإعلامية الموجودة في الاتحادات الرياضية على اختلافها، يجب أن نضيء على التقصير الحاصل من الإعلام على اختلاف وسائله في نقل الصورة الصحيحة لواقع الرياضة السورية، وإيجاد حالة من الاهتمام بكافة الألعاب التي نراها غائبة عن كثير من الوسائل، فقد أظهر المعيار من خلال المتابعة أن رياضات بعينها تحتل المرتبة الأولى في لائحة اهتمام الصحفيين ووسائلهم الإعلامية، وأخرى على هامش الاهتمام، رغم أنها تتميز عن رياضات الفئة الأولى، وعلى سبيل المثال فإن أكثر الوسائل الإعلامية تهتم وتتابع كرة القدم، والسلة، والسباحة بشكل أساسي، تليها باقي الألعاب، مع أن هذه الرياضات بعيدة في إنجازاتها الخارجية عن المستوى المطلوب نوعاً ما بعكس عدد من الألعاب التي لم تأخذ حقها إعلامياً، سواء في ألعاب القوة التي تركت بصمة على سجلات الرياضة القارية والعالمية، أو الألعاب الفردية التي تميزت أيضاً بشكل لافت، ووصلت إلى العالمية، أو الرياضات الناشئة مثل الترياتلون التي حققت إنجازات راقية قارياً، وبالتالي فإن الإعلام مطالب أيضاً بأخذ دوره في إبراز الحالة الحقيقية للرياضة السورية، لأنه المضطلع بهذه المهمة بشكل أساسي دون غيره.

من الآخر
من خلال المتابعة المرتكزة على الحالة الواقعية لاتحادات الألعاب ووسائل الإعلام، نرى أن حالة التعاون بين الإعلام على اختلاف وسائله، والاتحادات الرياضية، مازالت قاصرة بأداء دورها الذي يتوجب عليها القيام به، باستثناءات بسيطة، ورغم أن عجلة الكسل المثقوبة مازالت تبحث عمن يصلحها ويقوّم إطاراتها، فإن هناك عدة أسئلة تتطلب أن تطرح حول المسؤولية الكامنة خلف الترهل الإعلامي في المنظمة النشيطة، فهل رؤساء الاتحادات مسؤولون بشكل مباشر عن هذا التردي، أم أن سياسة الرجل الواحد المتبعة في عدد من الاتحادات فرضت هذه المعادلة غير المتكافئة هناك؟ وأين هو الإعلام الرسمي من حالة تباين الاهتمامات لهذه الوسائل؟ ولماذا لا يعتمد الإعلام بكافة وسائله على سياسة العدل بالنقل الإخباري؟ وهل سنرى في المستقبل سياسة إعلامية تعتمد على الاجتهاد، والإنجاز، وإلقاء الضوء على الفاشلين، أم أن الوضع سيبقى على ما هو عليه؟!.
مرهف هرموش