انزلاق خطير
عبد الكريم النّاعم
على صفحات التواصل الاجتماعي تُثار قضايا مهمّة، وإنّ جاءت على عجل، أو مختصَرة، ولكنّها ذات دلالة، من هذه القضايا مسألة الموقف من ( إيران)، وقد تجري معالجتها بما يتشبّه بالموضوعيّة، بينما هي في المآل تقود بعض أصحابها، أرادوا ذلك أم لم يريدوا، للوقوف على أرض واحدة مع السعوديّة الوهّابية، الجانحة بوقاحة لتأييد الصهيونيّة في احتلالها للأرض.
هنا من المهمّ الإشارة إلى أنّنا حين نُقدّم فكرة، أو مبدأً، ونجعله أعلى من التطبيق، أو تؤخَذ الفكرة بمعزل عن التطبيق، ونحكم عليها، فتلك مُعارضة فكريّة/عقليّة، قابلة للكثير من الأخذ والردّ، ويكون ذلك نقاشا (أيديولوجيّاً) بصيغة ما، ونقاش الأيديولوجيات آفاقه التّنظير، والسعي لنفي أيديولوجيّة ما لصالح أخرى.
الذي أثار هذا الموضوع إصرار الإعلام المتصهين، بشقّيه الغربي والأعرابي، على أنّ إيران هي التي ردّت على المواقع الإسرائيلية، وذلك لتغييب الموقف الوطني السوري وجعْله تابعاً، وحين اشتدّت بعض الردود، ردّ أحدهم فبارك لمناقضيه قبولهم بـ “ولاية الفقيه”.
سأتساءل نيابة عن كلّ الذين ألتقي معهم فكريّا، ما الذي أريده أنا كمواطن عربي سوري من إيران؟.
وفي الإجابة، وهذا ينطبق على كلّ دول وهيئات محور المقاومة، الذي أريده دعمها، ووقوفها معي في الدّفاع عن حقّي وبلادي التي خرّب الغرب المتصهين ما خرّب فيها، عبر عملائه وأجرائه، وشرّد العباد، أمّا ماعدا ذلك فهو شأن داخليّ يحدّد خياراته شعب كلّ بلد، فهل من حقّ أحد، إذا كان عاقلاً، أن يحتجّ على الشعب الروسي أنّه اختار الرئيس بوتين، أو أن يتدخّل في صياغة الاقتصاد فيه؟!.
حين ننظر إلى التطبيق لهذه الجهة أو تلك، ونرى إنجازات تُعزّ الشعب، وتقوّيه في وجه الطامعين، واللصوص، والمحتلّين النّهّابين، فعلى هذا يُحكم، ويكون الحكم على (وقائع) لا على ( توقّعات).
ولاية الفقيه تخصّ الإيرانيّين، وقد ارتضاها (معظمهم)، نقول هذا لأنّ الإجماع مُحال، وقد حقّقت إيران إنجازات هائلة على مختلف الصُّعُد، لا ينكرها إلاّ كاره، أو منكِر للحقيقة.
إنّ الذي يعنيني كمواطن عربي من إيران ليس هويّة مرتكزاتها العقائديّة، فقد نتقاطع هنا، وقد نفترق هناك، ما يعنيني هو موقفها من التدخّل الأمريكي الصهيوني، الغربي، الأعرابي، بمركزيّة ذلك الصراع الذي هو مع الصهيونيّة، بامتداداتها، فوق أرض فلسطين، وهو موقف يشكّل نقطة مركزيّة حتى في الفتوى الدينيّة لأهل “ولاية الفقيه”.
تُرى هل أشطب كلّ هذا، لانحاز لانزلاق أيديولوجي، أو شبه أيديولوجي، غير مفصَح عنه؟!.
أعتقد أنّه انزلاق، يُخشى فيه أن يصل بأصحابه إلى ما يُخرجهم من دائرة احترام الفكر، واحترام حريّة الشعوب في اختياراتها.
aaalnaem@gmail.com