ارتفاع في أسعار المواد.. وزبائن تبحث عن حماية الرقابة
مع حلول شهر رمضان نشطت حركة البيع والشراء، وانتعشت الأسواق بشكل ملحوظ رغم ضيق الحال مادياً، وبدأ خط اللحوم البيضاء والحمراء منها بالارتفاع بشكل واضح، ليتبعه واقع الخضروات والفواكه، وانتهاء بالحلويات، إذ يعتبر هذا الشهر بالنسبة للتجار فرصة سانحة يجب أن تستثمر لجهة رفع الأسعار باعتبار أن شهر رمضان هو شهر الخير، وفيه تعمر الموائد التي تشكّل مصدراً للرزق ورفع الأسعار نظراً لضعف وغياب الرقابة التموينية /حماية المستهلك/، فما هو واقع الأسواق في هذا الشهر؟ وما مدى التزامها بأسعار التموين؟ وكيف تتابع الرقابة حركة البيع في الأسواق؟ وما هي الإجراءات التي اتخذتها؟.
تسخين الأسواق
حملنا بيدنا تسعيرة التموين، وانطلقنا باتجاه الأسواق لنرصد على أرض الواقع المفارقات، ولنكتشف المغالطات والتجاوزات لجهة التسعيرة، وفي سوق الثامن من آذار بحماة كان لقاؤنا مع الناس الذين تساءلوا: هل أضحت مهمة ضبط الأسعار بهذه الصعوبة، حيث نشهد فلتاناً، فكل بائع يبيع وفقاً لقناعته، وبما يحقق الربح، ووحده المستهلك يدفع فاتورة الغلاء إلى حد ما، رغم أن العرض كثير، ومن المفترض أن تكون أقل مما هي عليه.
حضور القانون
كيف يتم ضبط الأسواق في شهر رمضان؟ وهل أعطى القانون 14 امتيازات للرقابة، أو ساهم في ضبط السوق؟.. تساؤلات حملناها إلى مدير حماية المستهلك الذي أجاب: تزداد حركة البيع والشراء في شهر رمضان، وفي الوقت ذاته تكثر فيه حالات الغش، حيث يتم طرح مواد غير مستوفاة للشروط الصحية لجهة عدم الصلاحية، وهناك أيضاً مخالفات كثيرة فيما يخص الأسعار، ولذلك تعمل عناصر الرقابة منذ الصباح وحتى ما قبل الإفطار على شكل وارديات ودوريات بهدف مراقبة الأسواق، ومدى التقيد بالتسعيرة الرسمية، فضلاً عن مراقبة الجودة، وأخذ العينات.
وأضاف: أهم ما يجب التأكد منه هو طرح اللحوم في محلات صحية ونظيفة وضمن البرادات، ولن نسمح ببيعها من على البسطات، أما بخصوص سؤالك إن كان القانون 14 أسهم في ضبط الأسواق، وأعطى صلاحية للمراقب التمويني، فيمكننا أن نقول: هو العكس تماماً، حيث يعتبر الباب الرئيسي الواسع لارتكاب المخالفات والتجاوزات.
نقاطعه لنقول: يعني فلتان أسعار، يجيب: عدد كبير من عناصر الرقابة التموينية الذين حضروا حوارنا هذا يقولون: أنت قلتها، فهو، أي القانون 14، لم ينصف الرقابة من جهة، ولا المستهلك حقق له المبتغى من جهة ثانية، ولن يحققها ما لم يعد النظر في آلية تطبيقه، والتشدد في ضبط المخالفات.
وبالعودة إلى نشرة الأسعار التي زودتنا بها مديرية حماية المستهلك لمقارنتها بأسعار السوق، لاحظنا أن سعر كيلوغرام لحم العواس، أو جدي الماعز، الدهن 20٪ منه، وفقاً لما جاء في النشرة الصادرة في منتصف الشهر الماضي، هو 3800 ليرة، وإن كانت نسبة الدهون 50٪ يصبح سعر الكيلوغرام 3400 ليرة، في حين سعرت النشرة كيلوغرام لحم العجل بـ 3300 ليرة سورية.
وبمقارنة هذه الأسعار مع تسعيرة الباعة القصابين لاحظنا اختلافاً واضحاً، وعدم التقيد بها، إذ يباع كيلوغرام ذكر العواس بـ 4000 ليرة، وإذا كانت نسبة الدهن فيه 3600 ليرة، وعندما أشرنا لأحد القصابين بأن نشرة التموين تقول غير ذلك ضحك وقال: /روح اشتري من التموين أستاذ/.
وبخصوص أسعار الفروج، كانت قبل يوم واحد من بدء شهر رمضان: فروج منظف بـ 900 ليرة للكيلوغرام، وصدر فروج بعظمه تسعيرة الرقابة التموينية تقول بـ 1300 ليرة، في حين يباع بـ 1375 ليرة، وإن كان “مشفى” يباع بـ 1450 ليرة، خلافاً للتسعيرة، كل ذلك قفز مع بدء اليوم الأول من شهر رمضان الفضيل، في الوقت الذي كان يباع الكيلوغرام من المدجنة حياً بـ 686 ليرة، وفي بعض المداجن بأقل من ذلك.
أقل من التسعيرة
في سوق الخضار والفواكه الوضع يختلف في بعض الأحيان، حيث سعر كيلوغرام البندورة نوع أول بلاستيكي بالجملة بـ 125 ليرة، وللمستهلك بـ 150، ولكن على أرض الواقع التسعيرة مغايرة، إذ يباع الكيلوغرام بـ 175 ليرة، والخيار البلدي نوع أول بـ 150 بالجملة، وبالمفرق بـ 180 ليرة، هنا لاحظنا بأنه يباع بأقل من تسعيرة التموين، وكذلك مادة البطاطا النوع الأول يباع بـ 68 ليرة بالجملة، وللمستهلك بـ 80 ليرة، والنوع الثاني بـ 42 ليرة بالجملة، وللمستهلك بـ 50 ليرة، وفقاً لتسعيرة التموين، في حين تباع بأقل من ذلك.
تبريرات منطقية
مدير حماية المستهلك بمصياف المهندس نادر إسماعيل قال في معرض رده على سؤالنا: لماذا اللحوم في مصياف أغلى من مثيلتها في حماة؟ قال: اللحوم الموجودة في مدينة مصياف لحوم نظيفة، ونادراً ما ضبطنا لحوماً غير صحيحة، أي /نافقة/ أو مريضة وقد ذبحت، فضلاً عن عدم ذبح الإناث، سواء أكانت أغناماً أم أبقاراً، في حين يحدث في أسواق مدينة حماة العكس، فلا يمر أسبوع إلا ويتم ضبط إناث أبقار ذبحت اضطرارياً، أو غير ذلك أي هي لحوم مستواها يختلف عن لحوم مصياف، منوّهاً إلى احتمال ارتفاع أسعار الخضار جراء ما لحق بها من أضرار بسبب الأمطار الغزيرة التي لحقت بالمزروعات مؤخراً.
العرض قليل والطلب كثير
في جولة لنا على أسواق الأغنام، وهي ما تعرف بالبازار، لم نشاهد ما كنا نشاهده دائماً، أي الأعداد الكبيرة من ذكور أغنام العواس، وجدايا الماعز، وعجول الأبقار على غير العادة، أحد الباعة “خالد أبو عزو” قال: لعل السبب في قلة طرح ذكور الأغنام في سوق البيع هو قلة المواليد، والصغير منها أي مواليد عدة أشهر لا يباع الآن كونه صغيراً، فيحتاج إلى تسمين، يقابل ذلك الطلب الكبير على اللحوم، ليس لمحافظة حماة فقط، وإنما لكافة المحافظات، وبخاصة تلك التي لا توجد بها أغنام.
ضبط الأسعار
ليس بمقدور الرقابة التموينية ضبط الأسعار، وبخاصة عندما لا يشتكي ولا يتعاون المستهلك معها، فعلى سبيل المثال يضع القصاب تسعيرة اللحوم، ويبيعها بسعر مغاير، هذا ما لاحظناه في مصياف، والشيء نفسه بالنسبة لأسواق أخرى، وحاله كحال أسعار البيض الذي ارتفع مباشرة إلى 1350 ليرة، في الوقت الذي كان فيه قبل أسبوع بـ 1230 ليرة للمستهلك، فضلاً عن أن هذه الرقابة تسعى بشتى الوسائل لفرض دورها لكن دون طائل، وفي كل الأحوال ستشهد الأسواق المحلية خلال الشهر الفضيل مزيداً من ارتفاع الأسعار، أو تشهد حالة من التذبذب لجهة الخضار تحديداً التي هي الآن بوضع جيد ومقبول، وبخاصة البندورة، والبطاطا، والخيار، فهل تستمر أم تدخل غمار السباق مع بقية المواد الأخرى، هذا هو السؤال؟!.
محمد فرحة