غـــــــــزة منكوبـــــــة وجرائم الاحتلال إلى “الجنائية الدولية”
تزداد الأوضاع في قطاع غزة تدهوراً بفعل الحصار الخانق والجائر الذي تفرضه سلطات الاحتلال عليه منذ أكثر من عشر سنوات، حيث أكد المفوض العام لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” بيير كرينبول أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تتعمّد استخدام الذخيرة الحية لمواجهة الفلسطينيين العزل الذين يتظاهرون بشكل سلمي في قطاع غزة.
ودعا كرينبول في مؤتمر صحفي عقده في غزة إلى تدخل دولي عاجل لتقديم المساعدات اللازمة للقطاع الصحي في قطاع غزة، واصفاً الوضع بأنه على شفا الانهيار بعد سقوط عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين خلال الأسابيع الماضية برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وأضاف: “أوجه نداءً عاجلاً من أجل إنقاذ النظام الصحي في غزة ومساعدة الأونروا لكي تقدم المساعدات والعلاج اللازم للمرضى”، لافتاً إلى أن العالم لا يقدّر فعلاً ما حدث في قطاع غزة منذ الثلاثين من آذار الماضي، حيث نواجه كارثة صحية وإنسانية سيكون لها تأثير لا يحصى على السكان”.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت منذ 30 آذار الماضي النار بشكل مباشر على الفلسطينيين المشاركين في فعاليات مسيرة العودة الكبرى، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بينهم 65 في يوم واحد، إضافة إلى إصابة نحو 6 آلاف فلسطيني بينهم عدد كبير حالتهم خطيرة.
في الأثناء، سلّم وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا إحالة حول الجرائم المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
وطالب المالكي بنسودا خلال اجتماع رسمي بينهما، أمس، بأن تتحمل المحكمة الجنائية واجباتها تجاه العدالة والمساءلة، باعتبارها الجهة المختصة للتحقيق في الجرائم المستمرة، والمرتبطة بنظام الاستيطان، وملاحقة المجرمين المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم.
واعتبرت وزارة الخارجية في بيان صحفي أن الإحالة التي قدمت إلى الجنائية الدولية باسم الشعب الفلسطيني هي ممارسة لحق وواجب دولة فلسطين كطرف في ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية بأن تحيل لمكتب المدعية العامة أدلة متعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم أخرى تقع ضمن اختصاص المحكمة، وذلك بهدف التحقيق، وخدمة مبادئ العدالة والمساءلة، ومنعاً لإفلات المجرمين من العقاب، وردعاً لسلطات الاحتلال عن ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
وأكدت الوزارة أن منظومة الاستيطان الإسرائيلية تشكل أكبر خطر على حياة الفلسطينيين، ومصادر رزقهم، وحقوقهم الوطنية، إذ تقوم سلطات الاحتلال بتوسيع وحماية منظومتها الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال ارتكابها لجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، موضحةً أن هذه الجرائم تشمل تشريد الفلسطينيين، والقتل العمد، والإعدام خارج إطار القانون، والمصادرة غير القانونية للأراضي، وهدم منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، وكذلك ممارستها للاعتقال التعسفي، والتعذيب على نطاق واسع، وتعد هذه الجرائم من أكثر الجرائم التي تم توثيقها في التاريخ المعاصر بما في ذلك ما تم توثيقه من قبل مصادر موثوقة ودولية متعددة.
وشددت الخارجية على أن جرائم الحرب الإسرائيلية هي جرائم ضد الإنسانية، ومرتكبوها يتمتعون بالحصانة في ظل غياب المحاسبة والمساءلة حتى الآن، مشيرةً إلى أن المحاسبة وحدها كفيلة بمنع تكرار هذه الجرائم، وتحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين والتي لطالما تم تأخيرها.
وطالبت الوزارة مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالنظر في الجرائم المستمرة بما فيها تلك الجرائم المنبثقة عن منظومة الاستيطان، وأن تعمل على ملاحقة المسؤولين عن ارتكابها، وأن تقوم بواجبها، وأن تمارس اختصاصها في هذا الصدد، وفتح التحقيق الجنائي، مبينةً أن نزاهة ومصداقية مكتب المدعي العام ونزاهة ومصداقية نظام المساءلة والمحاسبة الدولية الذي يمثله مكتب المدعي العام تعتمدان على ممارسته لواجباته بفعالية وفي التوقيت المناسب، باعتبار أن القضية الفلسطينية اختبار للعدالة الدولية، وعلى المحكمة الجنائية الدولية عدم الفشل فيه.
وبالتوازي، طالب مجلس مدينة بولونيا الإيطالية بوقف بيع السلاح لكيان الاحتلال الإسرائيلي، واتخاذ إجراءات ملموسة لإخضاعه للمساءلة عن الانتهاكات التي يمارسها بحق الشعب الفلسطيني.
وبحسب بيان صادر عن المجلس، حث الاقتراح الذي قدّمه المجلس الحكومة الإيطالية الجديدة والمؤسسات الأوروبية على الالتزام بتعليق إمدادات الأسلحة والمعدات العسكرية لكيان الاحتلال، معرباً عن استنكاره لوقوع المئات من الضحايا الفلسطينيين خلال الأسابيع الأخيرة بسبب قمع قوات الكيان الإسرائيلي للاحتجاجات السلمية في قطاع غزة.
كما استنكر مجلس المدينة عملية نقل السفارة الأمريكية لدى كيان الاحتلال إلى القدس المحتلة، وقال: “نحث أعضاء المجتمع الدولي على العمل لإجبار الكيان الإسرائيلي على تحمّل مسؤولياته كقوة احتلال”.
ميدانياً، اعتقلت قوات الاحتلال تسعة فلسطينيين خلال حملة مداهمات واعتقالات في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية والقدس المحتلة، وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اعتقلت ثلاثة فلسطينيين من قرية العيسوية في القدس المحتلة.
وفي رام الله، اقتحمت قوات الاحتلال مناطق مختلفة من المدينة، وداهمت عدداً من المنازل، واعتقلت فلسطينياً من قرية بلعين غرب المدينة، بينما أفادت مصادر أمنية بأن قوات الاحتلال اعتقلت خمسة فلسطينيين من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، كما داهمت مخيم العروب شمال الخليل.
ونفّذت قوات الاحتلال مداهمات عدة في أحياء الخليل، ونصبت حواجزها العسكرية على مداخل بلدات سعير وحلحول، ومدخل مدينة الخليل الشمالي.
وأصيب عدد من الفلسطينيين، أول أمس، بالرصاص وبحالات اختناق خلال قمع قوات الاحتلال احتجاجات في باحة باب العامود في القدس المحتلة.
إلى ذلك، عبّر محتجون فلسطينيون عن رفضهم واستنكارهم لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، ورشقوا سيارة وفد أمريكي بالحجارة والبيض لمنعه من تنظيم حفل في بيت جالا بالضفة الغربية.
وقالت مصادر محلية: “إن مجموعة من الناشطين نظموا وقفة أمام النادي الأرثوذكسي في بيت جالا احتجاجاً على حفل نظم لتخريج طلبة تلقوا دراستهم من خلال برنامج أمريكي”، موضحةً أن الوفد غادر المكان بعد رشقه بالبيض، في وقت ردد المحتجون الفلسطينيون عبارات منددة بالقرار الأمريكي التي تصف أمريكا بدولة الإرهاب.
وحملت اليافطات شعارات، كتب عليها: “لا أهلاً بالحكومة الأمريكية في فلسطين”، و”يا ترامب القدس ليست عاصمة الصهاينة”.