مشاريع في مهب “تعميم”..!؟
عديدة هي ما تسمى بالمشاريع “التطويرية” التي تعتمد على الأتمتة للارتقاء بأنظمة العمل وتسهيل الإجراءات في هذه الوزارة أو تلك، والتي من المفترض أن تكون نهاياتها سعيدة في حصول كل من الدولة والمواطن على حقوقهما بشفافية ويسر.
لكن واقع الحال يعكر هذا الهدف الجميل ويعقد المشهد، نظراً لأن المنظومة المراد الوصول إليها يعتريها العديد من التقاطعات والتداخلات والصلاحيات ما بين الوزارات والجهات، أي بمعنى أن أي مشروع تطويري في أية وزارة أو جهة لا يمكن أن ينجز بالشكل والمضمون الأمثلين، إن كان تنفيذه يتقاطع مع عمل وزارة أخرى.
وعليه فإن لم يكن هناك تكاملاً وتنسيقاً بين الجهتين أو الجهات المعنية به، فلا شك سنكون كأبي زيد.. ما “غزينا”..!؟.
وزارة النقل تعمل حالياً على: المشروع الوطني للحجوزات، عمل ووفق ما وصف أنه يتم بوتيرة متسارعة بغية إنجازه خلال أيام.. فالمشروع في ماهيته، يتيح وضع إشارة حجز أو رفعها عن فرد أو (جهة)، كما يتيح النظام أيضاً إمكانية وضع عدة حجوزات على فرد واحد أو جهة واحدة تملك عدة مركبات أو مركبة واحدة، علماً أن الوزارة قامت بإطلاق نظام الحجوزات تجريبياً ويتم استكمال المشروع تباعاً.
أما الهدف من المشروع فهو تطوير برمجيات مديريات النقل وربطها إلى قاعدة بيانات تحسين بيئة العمل في مديريات النقل، من خلال تطبيق مبدأ الكوة الواحدة وتخفيض زمن المعاملات وتقليل الأخطاء المحتملة، إضافة إلى تبسيط الإجراءات في المديريات، على أن يتم توحيد جميع الخدمات والأنظمة الفرعية ضمن النظام الجديد وتخزين جميع البيانات في قاعدة بيانات مركزية.
ما سلف أكثر من رائع، لكن إليكم المشكلة وتعقيداتها؛ وجد أحد المواطنين ممن يمتلكون مركبة سياحية، نفسه محشوراً بما كان بعيداً عن الحسبان، خاصة أنه ملزم وملتزم بسفر لخارج البلاد خلال عدة أيام، سفر يتوقف عليه مصيره ومصير عائلته التي تنتظره.
صاحبنا باختصار، أراد بيع مركبته قبل سفره وتم الاتفاق مع المشتري، وحين البدء بإنجاز الإجراءات المعروفة، تفاجأ بالموظفة في مديرية نقل دمشق، تقول له: إن على سيارتك حجز وذمة مالية، ويجب إنهاء ذلك وإلاَّ..!؟، وحين حاول إفهامها أن وضعه ومركبته خالياً من كل “علام”، أطلعته على تعميم صادر من وزارة المالية- هيئة الضرائب والرسوم- مديرة مالية كذا- منطقة كذا..!.
ورغم أن صاحب المركبة ليس من تلك المحافظة ولا المنطقة وليس له أية علاقة بمديرية مالية..، وبالتالي ليس عليه ما ادعته، لكن ردت عليه بالحرف الواحد “أنا لا أفهم سوى أن على مركبتك حجز وعليك ذمة مالية واجبة التنفيذ..”..!، علماً أن التعميم وفي مقدمه يقول: “يرجى الإيعاز لمن يلزم لوضع إشارة التأمين الجبري على الأموال غير المنقولة العائدة للمكلفين المذكورين أدناه لهم أينما وجدت حفاظاً على حقوق الخزينة ونظراً لمديونية كل منهم وإعلامنا بكتاب رسمي..”.
الموظفة ومع أنها خالفت أس التعميم وهو “غير المنقولة” والتي تعني أن السيارة أموال منقولة، لم تحاول المساعدة، بل أصرت على جلبه كتاباً رسمياً من المديرة المعنية بالتعميم، والتي تبعد 170 كم عن محافظته ومنطقته الأساسيتين، ما يعني ذهابه شخصياً لحل القضية “الصغيرة الكبيرة” وتكبده معاناة ومالاً لا ذنب له بدفعهما..!؟.
أما “النكتة” المبكية فكانت أن حظه العاثر أوقعه بمصيدة تشابه الأسماء، فالبيانات التي تضمنها التعميم، لم يذكر فيها اسم والدته، وأسماء أخرى لم يذكر أسماء أبائهم ولا حتى أسماء أمهاتهم..، فكل ما هو مذكور المبلغ ونوع الضريبة ورقم القرار وتاريخه..!؟.
والسؤال الذي يطل برأسه، لماذا كل هذا الخلل في أبسط البيانات ولماذا؟!، ولماذا لا يذكر الرقم الوطني للهوية الشخصية، علما أن كل ملف مركبة فيه صورة عنها وعليها كل البيانات الأساسية..؟!.
مما تقدم نستغرب ونستهجن فعلاً ما يحصل، فإذا كان الحال هكذا في أبسط بيانات مالية، فكيف بالبيانات الدسمة..!؟، وعلى التوازي، كيف يمكننا الاقتناع بأن مشروع النقل أعلاه، سيكتب له النجاح وترجمة ما يهدف إليه من تسهيل وتبسيط، والأهم موظف يفهم مضمونه..!!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com