السيناريو الامتحاني.. تحديات وصعوبات متعددة.. وضغوط نفسية تحاصر الأهل والطلاب!
كان الرهان الكبير من قبل أعداء سورية مع بداية الحرب عليها أن تتوقف الحياة فيها بكل نواحيها: الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والثقافية، ولكن ما حدث يدعو للفخر والذهول من القدرة الكبيرة التي يمتلكها الإنسان السوري في تحديه لكل أشكال الضغط الذي مورس عليه من قبل أعدائه، ومن أبرز هذه التحديات الإصرار على استمرار العملية التربوية في سورية، وعدم توقفها من خلال حرص وزارة التربية على توفير كل الإمكانيات لمتابعة سيرها.
لم تتوقف العملية التعليمية في أية مدرسة تخضع لسيطرة الدولة السورية، وهذا ما يسجل لها، وبطبيعة الحال لم تكن الوزارة قادرة على استمرار العملية التعليمية لولا تعاون الأهالي والطلاب، ومن الإيمان المطلق بأهمية العلم لاستمرار الحياة، فالمعركة ليست فقط في ميادين الحرب، بل هي أيضاً معركة علم لانتصار النور على الجهل والتخلف، ولكن هذا لا يعني أن كل شيء كان يسير على ما يرام، فهناك صعوبات وتحديات تواجه المجتمع السوري بكل فئاته مع بداية كل دورة امتحانية، فلا يكاد يخلو بيت سوري من تلميذ مدرسي، أو طالب جامعي، ما يحمّل الأهل والأولاد ضغوطاً هائلة، سواء من ناحية الدروس الخصوصية، أو من ناحية الجو العام الذي يعيشه الطلاب أثناء الامتحانات، خصوصاً طلاب شهادتي التعليم الأساسي، والثانوية العامة بكل فروعها.
ما تلبث أن تبدأ الدورة الامتحانية حتى تتوالى الشكاوى من قبل الأهالي والطلاب في بعض المواد، إما من حيث صعوبة الأسئلة، أو ضيق الوقت لحلها، أو عدم مراعاتها للمستوى العام لمعظم الطلاب، هذا عدا عن التجاوزات التي تحدث في بعض المراكز الامتحانية التي يتخللها تسيّب وفوضى، كل ما ذكر عانينا منه مع سنوات الحرب الأولى، ولكن ألم يحن الوقت بعد كل تلك السنوات أن توضع خطة أكثر موضوعية تتم من خلالها مراعاة الوضع النفسي للطلاب والأهل، والوضع العام الذي نعاني منه؟!.
معاناة مستمرة
أحمد.ع، أستاذ مادة الرياضيات في شهادة التعليم الثانوي، تحدث عن معاناة طلابه في السنة الماضية بالقول: “واجه الطلاب صعوبة كبيرة في حل أسئلة مادة الرياضيات نظراً لضيق الوقت، وتعقيدها، متابعاً: من وجهة نظري كمدرّس لمادة الرياضيات لفترة تجاوزت خمسة عشر عاماً أرى أن منهاج الرياضيات، على الرغم من إعجابي به، يصلح للتدريس في عام 2020 لحاجته لمدرّسين ذوي كفاءة عالية، ويستلزم أيضاً حصصاً تدريسية تصل إلى 300 حصة مدرسية للانتهاء منه، بالإضافة إلى طلاب متميزين مؤسسين بشكل كبير، وهذا الحال لا ينطبق على جميع الطلاب!.
إن تفادي الأخطاء التي تحدث أثناء العملية الامتحانية يجب أن يكون بشكل فوري وآني، لأنه متعلق بمستقبل جيل كامل، ففي هذا العام، وأثناء تقديم طلاب التعليم الأساسي لامتحان مادة الرياضيات، صدم الكثير منهم من صعوبة الأسئلة، وعدم مراعاتها لمستوى الطلاب العام.
حالة نفسية
تقول إلهام عيد، والدة إحدى الطالبات في شهادة التعليم الأساسي: إن ابنتها خرجت بحالة نفسية صعبة جداً أثناء تقديمها لمادة الرياضيات، وذلك لعدم تمكنها من حل كل الأسئلة التي كانت ولأول مرة مؤلفة من ورقتين امتحانيتين: (ورقة للهندسة، وأخرى للجبر)، وصعوبة كبيرة في حل تلك المسائل، وكان هذا حال وضع نسبة كبيرة من الطلاب!.
مما لا شك فيه أن العلم كالغذاء واللعب، لأنه الحياة، وهذا ما لا يمكن لنا أن نتنازل عنه أبداً، ولكن يجب مراعاة الوضع النفسي والاجتماعي الذي عاشه الطلاب، ولاسيما هذا العام عندما تعرّضت مدينة دمشق وريفها، والعديد من المحافظات السورية لقذائف حاقدة كانت تسقط عليها بشكل يومي، وعلى الرغم من ذلك استمر الأهالي بإرسال أولادهم إلى المدارس لإيمانهم المطلق بأهمية إتمام عامهم الدراسي رغم تعرّضهم للخطر، فقد استشهد العشرات من الطلاب والتلاميذ حتى أثناء تواجدهم داخل المدارس، إضافة إلى ضياع الكثير من الحصص الدراسية، ما حمّل الأهالي عبء الدروس الخصوصية بشكل مضاعف، ألم يكن من الواجب مراعاة تلك الأوضاع السيئة، والضغوط النفسية التي مر بها الطلاب، وعدم التعامل مع هذا الموضوع شديد الحساسية وكأننا نعيش في وضع مثالي ومستقر؟!.
الغاية ليست فقط استمرار العملية التربوية بشكل ظاهري، بل تحقيق الهدف والمضمون المرجوين من استمرارها، لذلك يتوجب على المعنيين في هذا المجال الإعداد الجيد للأسئلة الامتحانية، والاستفادة من الأخطاء والملاحظات التي حدثت في السنوات السابقة، إضافة إلى الأخذ بالحسبان الوضع العام الذي نعاني منه.
لينا عدرة