وردة بيضاء خجولة
أنظر إليها وأنا أجلس فوق الدرج، أنهي مع سيجارة لا تنطفئ، ما بقي راسباً في قعر فنجان القهوة، تروح وتجيء في فناء البيت، تسقي ورودا لم تخذلها طوال 60 عاما، في الانبعاث مرة أخرى من الموت.
البارحة هبت ريح قوية، كان قلقها طوال الليل، يتمشى أيضا في الفناء،سمعت صوته العذب يردد أغنية قديمة وهو يحرس تلك البتلات الرهيفة.
في كل ربيع تورق في حديقتها الصغيرة وردة عجيبة وغريبة، لم أر مثلها قبلا، وهي أخبرتني أيضا أنه لم يحدث أن شاهدت هذا النوع من الورود.تلك الوردة البيضاء الشفافة، يبدأ عمرها مع ساعات الفجر الأولى، لينتهي عند غروب الشمس. نهضت باكرا لأراها والتقط صورة لها، قلت أعرضها على من يعرف بأنواع الورود، عله يخبرني باسمها، إلا أنني لم أجدها، لم أجد الوردة التي استيقظت في الصباح الباكر جدا لأراها، يبدو أنها غفت مرة أخرى، مختبئة في تربة الفناء.
ما زلت أرنو إليها وهي تبحث عنها.. تروح وتجيء في الفناء، وهي تسقي غياب أبنائها بالدعاء.
وردة بيضاء رهيفة، تقف على ساق نحيلة، يكاد نسغها ينخزل تحت وطأة رهافتها. وردة بيضاء صغيرة، راحت الوالدة تدعو لها بالرحمة، وكأنها من بقية أبنائها.
وردة بيضاء صغيرة تسر الناظرين، كانت بالأمس تشدو سحرا على هيئة عطر، واليوم لا أثر لها، إلا ذلك الباقي في نظرتها وهي ترسل مقامات طويلة من نهاوند الدعاء، لإله لم تغاضبه يوما لكنه يأبى إلا أن يحزن قلبها المثقوب بالحبق.
تمّام علي بركات