غياب الدور المؤثّر للمرشدين النفسيين والاجتماعيين “التربية” تعترف باكتشاف حالات سلبية في المدارس والطالب الضائع ضحية إهمال الأسرة
دمشق – فداء شاهين
لا يمكن تجاهل تسرب بعض الظواهر السلبية بين صفوف طلبة المدارس وأبناء الأحياء، لتزداد الصور والمشاهد في ظل غياب دور المرشدين النفسيين والاجتماعيين في المدارس عن أداء دورهم بشكل فاعل في رصد مشكلات الطلبة والمجتمع لمعالجتها، ما يجعل المشكلات التي يتعرض لها الطلبة تتفاقم أمام الانجرار وراء رفاق السوء وارتكاب أخطاء، منها التدخين وتداول الأفلام “الهابطة” وإهمال الدراسة وغيرها.. حتى يصبح تأثير الشلة عليه أكبر من تأثير الأهل الذين يتحملون الجزء الأكبر من ضياع أبنائهم؟.
هنا لم تخف رئيس دائرة البحوث في وزارة التربية إلهام محمد عن “البعث” ظهور بعض الحالات في الفترة الأخيرة التي يجب إلقاء الضوء عليها، منها سوء استخدام المواد منها المخدرات، فكان من الضروري الاجتماع في المدرسة بهدف الإرشاد النفسي والاجتماعي لمتابعة الحالات والتعرف على العلامات التحذيرية “تسرب– ضعف تحصيل– احمرار في العيون- تأخر عن المدرسة– علاقات جديدة” وعندما يشعر المرشد الاجتماعي والنفسي بوجود هذه الحالات فمن الأهمية إجراء توعية لأولياء الأمور والانتباه والتركيز على المواد التي يتناولها الأولاد.
ويقع دور التوعية- بحسب محمد- على المدرسة والأسرة والانتباه إلى الطفل الذي لا يشارك في الشكل المناسب بالدروس والتراجع دراسياً، ويجب التدخل المبكر والعلاج وعدم توجيه الملامة وتقبل الخضوع للعلاج وعودته إلى الحياة المدرسية والطبيعية مع عودة أصدقائه القدامى غير المدمنة والتشبيك مع وزارتي الإعلام والعدل ومشفى ابن رشد لمعالجة الإدمان.
وأكدت رئيس دائرة البحوث أن وزارة التربية تهتم بمتابعة جميع الظواهر التربوية غير المناسبة في حال ظهرت، علماً أن الأسرة تعتبر خط الدفاع الأول كونها تلبي احتياجات أبنائها مع التركيز على أن تكون بيئة المنزل جاذبة وفي حال تعنيف وتوبيخ الأولاد سيخضعون إلى أشخاص خارج المنزل، وعلى الرغم من أن الوزارة لا تقصر في التوجيهات والإرشاد إلا أن الإرشاد مثل بقية الاختصاصات مهارات ويتفاوت بين مدرسة وأخرى. ولفتت محمد إلى أنه عند الانتباه إلى ظهور العلامات على الأولاد التي تشير إلى سوء استخدام لمواد معينة ممكن أن تكون مواد مخدرة لا يمنع من التعاون مع عدة شركاء في هذا الموضوع “وزارات التربية– الصحة – مشفى ابن الرشد وغيرها….” وأهم شيء أن يتم العمل إلى جانب التوعية للأسرة حول سهر الأولاد وارتيادهم إلى أماكن معينة، وضرورة تفهم مشكلات الأولاد والتمكن من أسلوب حل المشكلات وتحديدها والقيام بوضع البدائل وإعادة نقاط القوة التي كانت لدى الولد والتركيز عليها بشكل كبير، مع نشر التوعية بين صفوف الشباب، علماً أنه تم الإبلاغ عن عدة شبكات في المحافظات وتم التعامل معها، حيث يقوم البعض ببيع الأولاد المخدرات، وهذا من مخلفات الأزمة والحرب الإرهابية كون البلاد كانت محطة عبور للمخدرات وليس للتعاطي.
وأشارت قاضي التحقيق السابقة ومعاونة وزير العدل بثينة سليمان إلى أن قضايا المخدرات ازدادت أعدادها بعد الحرب، وممكن في مرحلة إعادة الإعمار الإكثار من المنتزهات والنوادي بأسعار مناسبة لإملاء وقت الفراغ والابتعاد عن رفاق السوء، ويجب عدم ترك مبالغ مالية كبيرة مع الأولاد.
وتقول الدكتورة هناء برقاوي اختصاص علم اجتماع جنائي وقانوني لـ”البعث”: إنه ظهر في عام 2000 التوصيف الجديد للملاكات العددية للمرشد وأضيف إليها سمة الباحث الاجتماعي والنفسي لكن الإرشاد بشقية الاجتماعي والنفسي لا يأخذ دوره الحقيقي بسبب تقبل الإدارة لهذا العنصر الوافد الجديد وهي لا تعرف شيئاً عن مهامه المستقبلية، وبالتالي لا تعرف أنه لا يوجد دوام محدد له وممكن أن يداوم داخل وخارج المدرسة ليتابع الاتصال بالبيئة الخارجية لصاحب المشكلة، كما أن الفهم غير الصحيح للمرشد الاجتماعي جعل بعض الإدارات ترى في وجود المرشد الاجتماعي منقذ لغياب بعض الأساتذة، الشق الآخر يرى المرشد الاجتماعي أن هذه وظيفة يتقاضى عليها راتب فضلاً عن عدم إعداده مهنياً والتدريب الكافي خلال سنوات الدراسة.
وبيّنت برقاوي أن أهم المقترحات هي عدم استلام المرشد الاجتماعي لعمله قبل الخضوع لدورة تدريبية وأن يخصص له مكتب مستقبل لاستقبال الحالات التي يريد أن يناقشها بعيداً عن الطلاب، وعدم تقييد المرشد الاجتماعي بدوام رسمي والقيام بدورات تأهيلية مستمرة كل فترة يتم الاجتماع مع المرشدين لكي يأخذ منهم أهم المشكلات التي تقع في بعض المناطق، وبالتالي إعداد الدراسات التي تؤثر على سير التعليم في المدارس ومعالجتها.