بولتون ومهمة إقناع ترامب
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع: كونسورتيوم نيوز 26/5/2018
الآن بعد أن خرجت إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، عادت قضية تغيير النظام في إيران للظهور مرة أخرى. ويبدو واضحاً أن جون بولتون -مستشار الأمن القومي- هو كبير المدافعين عن تغيير النظام في الإدارة، وهناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه بدأ في دفع هذه السياسة مع دونالد ترامب في شهره الأول في البيت الأبيض.
كان بولتون جزءاً من فصيل المحافظين الجدد لمسؤولي الأمن القومي في إدارة جورج دبليو بوش التي خطّطت لدعم تغيير النظام في إيران، والتي لا تختلف كثيراً عن الخطة التي يدفع نحوها بولتون الآن، لكنها كانت خطة متشدّدة شملت منظمة “مجاهدي خلق الإرهابية” المنفية التي لم تحظ بدعم بوش، وقد يجد بولتون التاريخ يعيد نفسه، حيث يقاوم ترامب خطته لتغيير النظام، تماماً مثلما فعل بوش في عام 2003.
وخلال اضطرابات كانون الأول في إيران، بدا أنّ ترامب يغازل فكرة تغيير النظام، إلا أن إطاحة ترامب للاتفاق النووي لم تصل حدّ الخطاب الذي يشير إلى هدف إسقاط الجمهورية الإسلامية. وبدلاً من ذلك، اقترح ترامب أن “زعماء إيران” “يريدون عقد صفقة جديدة ودائمة، تفيد كل من إيران والشعب الإيراني”. وأضاف: “عندما يفعلون،
لقد كان بولتون واحداً من أكثر العملاء حماسة بين المسؤولين الأمريكيين السابقين الذين انضموا إلى “منظمة مجاهدي خلق”، التي تسعى للإطاحة بنظام طهران بدعم من الولايات المتحدة.
بعد أيام قليلة من إعلان ترامب، تجنّب مسؤول في مجلس الأمن القومي أي إشارة إلى تغيير النظام، وأخبر المحافظ الجديد صحيفة واشنطن فري بيكون: “سياستنا المعلنة هي تغيير سلوك النظام الإيراني”.
وقد أنكر بولتون بقوله لـ إيه بي سي نيوز: “هذه ليست سياسة الإدارة، سياسة الإدارة هي التأكد من أن إيران لن تقترب أبداً من العمل النووي”. وعن حالة الاتحاد في سي إن إن، قال: “لقد كتبت وقلت الكثير من الأشياء عندما كنت عميلاً حراً.. أنا بالتأكيد أقف بجانب ما قلته آنذاك، لكن تلك كانت آرائي حينها. أمّا الآن فأنا مستشار الأمن القومي للرئيس، أنا لست صانع القرار للأمن القومي”. ليس من الصعب قراءة ما بين السطور: فالرسالة الضمنية هي أن وجهات نظره حول تغيير النظام لم تكن سائدة مع ترامب.
الدعوة إلى قصف إيران
لطالما كان بولتون واحداً من أكثر المؤيدين بقوة لمثل هذه السياسة، على الرغم من أنه معروف أكثر بأنه المدافع الأساسي عن قصف إيران، لقد كان أحد أكثر العملاء حماسة بين المسؤولين الأمريكيين السابقين الذين انضموا إلى منظمة مجاهدي خلق، التي تسعى للإطاحة بنظام طهران بدعمٍ من الولايات المتحدة.
لم يظهر بولتون فقط في مسيرات “مجاهدي خلق” في باريس، جنباً إلى جنب مع مسؤولين أمريكيين سابقين. ففي تموز 2017 أعلن أن إدارة ترامب يجب أن تتبنى هدف تغيير النظام في إيران داعياً “منظمة مجاهدي خلق” لتكون بديلاً حيوياً للنظام.
يبدو أنّ بولتون استمر في دفع الفكرة داخل الإدارة حتى الأسبوع الماضي. وأفادت صحيفة “واشنطن فري بيكون” في العاشر من أيار أن ورقة مؤلفة من ثلاث صفحات ترسم إستراتيجية تغيير النظام من منظمة يمينية متطرفة صغيرة تُسمّى مجموعة الدراسات الأمنية، والتي يقال إن بولتون تربطه علاقات وثيقة بها، تمّ تداولها بين مسؤولي مجلس الأمن القومي. تُظهر الاقتباسات الواردة من الصحيفة في القصة أن الإستراتيجية تستند بشكل كبير إلى السعي لاستغلال الصراعات الداخلية في إيران.
تشير الصحيفة إلى أن: “دعم الولايات المتحدة لحركات الاستقلال الخاصة ببعض الجماعات العرقية، العلنية والسرية على حدّ سواء، يمكن أن تجبر النظام على تركيز الانتباه على هذه الحركات والحدّ من قدرته على القيام بأنشطة أخرى”.
هذه الجماعات لديها منظمات نفذت أعمال عنف على مدى العقد الماضي، بما في ذلك التفجيرات والاغتيالات ضد المسؤولين الإيرانيين، ومن المفترض أن تنطوي هذه الإستراتيجية على دعم تصعيد لمثل هذه الأنشطة -أي- دعم الولايات المتحدة للأنشطة الإرهابية ضد أهداف الحكومة الإيرانية.
لكن لا شيء من هذا جديداً، كان هذا هو الخط الرسمي للتحالف القوي بين المحافظين الجدد ومحور تشيني رامسفيلد داخل إدارة بوش. بحلول عام 2003، عرضت إيران تقديم أسماء وبيانات أخرى عن مسؤولي القاعدة الذين اعتقلتهم مقابل معلومات أمريكية عن “منظمة مجاهدي خلق”. وعندما سعى وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد إلى حماية “مجاهدي خلق” من مثل هذه الصفقة، كان رد بوش: “لكننا نقول إنه لا يوجد إرهاب جيد”. على الرغم من تركيز المحافظين الجدد على دعم منظمة “مجاهدي خلق”، فقد اعتبرت وكالة الاستخبارات المركزية أن تكون هذه المنظمة أداة لتغيير النظام في إيران هو أمر سخيف. وكان السفير “الإسرائيلي” السابق لدى نظام الشاه، أوري لوبراني، الذي كان قد أطلق يده على تنظيم برنامج لزعزعة استقرار إيران، قد اعترف منذ فترة طويلة، كما قال لصحفيين “إسرائيليين”، أن “منظمة مجاهدي خلق” لا تملك القدرة على فعل أي شيء داخل البلاد. وكان لوبراني أول من تقدّم في الحجة القائلة أن تعزيز أنشطتهم المناهضة لطهران يمكن أن يساعد في زعزعة استقرار الحكومة. لقد نفذت هذه الجماعات تفجيرات إرهابية وأعمالاً مسلحة أخرى في أجزاء مختلفة من إيران على مر السنين، ويبدو أن بولتون يحثّ الدول صراحة على أن سياسة تغيير النظام يجب أن تشمل استخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر. كانت تلك هي فرضية خطة تشيني بولتون لتغيير النظام في إيران، كما كشف ديفيد وورمسر، مستشار الرئيس السابق ديك تشيني لشؤون الشرق الأوسط وهذه هي اللعبة التي يبدو أن بولتون، المتحمّس لقصف إيران، ما زال يلعبها.