الأسواق حلبة للتصارع والمستهلك يخسر بالضربة القاضية.. “حماية المستهلك” تنسحب أمام حيتان التجارة وتدحض كلام الخبراء …وقلة الشكاوى دليلها
قد يكون تكرار الحديث عن فوضى الأسواق وفلتان الأسعار وتحكم التجار من خلال الغش والاحتكار كالنفخ في قربة مثقوبة كما يقول البعض، في ظل غياب الرقابة ولعبة القط والفأر بين التاجر ومراقب حماية المستهلك، ليضيع المواطن في غياهب التغني بالضبوط التموينية ونار التاجر كاوية الجيوب، ولاسيما عندما يصل الأخير لدرجة التبجح علانية أمام المستهلك بأن “دية” دوريات الرقابة أصبحت معروفة وبالاتفاق يتم التغاضي عن المخالفة، في الوقت الذي يضطر بائعون آخرون لدفع الضريبة والاستقواء عليهم بتنظيم الضبوط بشكل اعتباطي، وذلك من أجل تعبئة دفتر الإيصالات مع عدم قدرة الرقابة على مواجهة “حيتان السوق”، وذلك حسب وصف الخبراء الاقتصاديين، حيث اعتبر خبير اقتصادي أن وزارة التجارة وحماية المستهلك أصبحت عاجزة عن ضبط الأسواق وقمع تلك الحيتان التي هزمت الخطط وأوراق العمل والضبوط التموينية وكل الإجراءات التي تحدث عنها المعنيون مراراً وتكراراً عبر الوسائل الإعلامية، مشيراً إلى أن الاستعانة بالمحافظين ومساعدة مديريات حماية المستهلك في ضبط الأسواق خير دليل على عجز وزارة “حماية المستهلك” عن ضبط الأسواق وخاصة أن الجولات الميدانية لأصحاب القرار والوجود في الأسواق لم يجدِ نفعاً في ضبط الأسعار، ولاسيما أن أسواق شهر رمضان شهدت ارتفاعاً كبيراً لأغلب أسعار المواد الأساسية والغذائية وبشكل اعتباطي، كما بين لنا بعض المواطنين الذين أجمعوا على أن غليان الأسعار والاحتكار أمر غير مقبول، مطالبين بتشديد الرقابة والتدخل السريع لضبط الأسواق بجدية تامة ليس عبر الإعلام والتغني بالإنجازات “الخلبية” حسب تعبيرهم، إلا أن مصدراً مطلعاً رفيع المستوى في وزارة “حماية المستهلك” فضل عدم ذكر اسمه على غير العادة بذريعة أنه لا يحق له التصريح إلا بعد موافقة من وزارة الإعلام حسب القرار المتبع، علماً أننا أكدنا له لسنا بحاجة للموافقة.
وفي العودة لكلام المصدر الذي دحض ما ذكر على لسان الخبير الاقتصادي مؤكداً أن الوزارة استطاعت الحد من ارتفاع الأسعار وضبط الأسواق وخاصة أن عدد الشكاوى أقل بكثير من السنوات الماضية، لافتاً إلى مجموعة من الإجراءات الحثيثة لضبط الأسواق والحد من ارتفاع الأسعار وذلك من خلال التشديد ومتابعة المنتج والمستورد وتحديد هامش الربح المحدد من قبل الوزارة.
وأشار المصدر إلى توجيه جميع المديريات بتشديد الرقابة الفعلية في الأسواق بتوزيع دوريات حماية المستهلك بشكل مستمر وخاصة في الأسواق الرئيسية والشعبية وقمع أي مخالفة والتركيز على إبراز وتقديم الفواتير من بائع الجملة، موضحاً أن مديريات الوزارة منتشرة عبر أجهزتها وكوادرها الرقابية في الأسواق، وأي مواطن يبلغ عن تاجر محتكر لمادة ما سيتم اتخاذ العقوبات القانونية بحقه. مبيناً أن الرقابة مستمرة وفق الإمكانات المتاحة على صعيد الكادر البشري ومقومات الرقابة من توافر للآليات والخدمات اللوجستية بما يتطلب مساعدة من الجهات الأخرى لتطبيق الرقابة المثلى على الأسواق وهذه لا تتحقق إلا بالتعاون وتكامل الأدوار فيما بين أجهزة الرقابة المعنية بسلامة الأسواق، ولاسيما رقابة الصحة والسياحة والوحدات الصحية التابعة للمحافظة وغيرها من الفعاليات الرقابية التي ترمم النقص الحاصل لدى بعضها، وهذه المسألة تحكمها طبيعة الأسواق والمخالفات التي تحدث فيها بين الحين والآخر.
أما فيما يتعلق بالرقابة التموينية على الأسواق خلال شهر رمضان والتحضيرات قبل العيد أوضح مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق لؤي سالم أنه تم اتخاذ جملة من القرارات والإجراءات التي تسمح بتفعيل العمل الرقابي وزيادة نشاطه في الأسواق وتشديد الرقابة على الأسواق وذلك تفادياً للمخالفات التي يرتكبها بعض ضعاف النفوس من التجار وخاصة لجهة تقاضي أسعار زائدة أو التلاعب بمواصفات السلع والمواد وجودتها وخاصة الأغذية واللحوم والألبسة والحلويات ومستلزمات العيد الأخرى، لافتاً إلى القيام بجولات ميدانية مكثفة على الأسواق والمحال التجارية والتركيز على الأغذية واللحوم والألبسة والحلويات وغيرها والتحقق من التقيد بالإعلان عن الأسعار المحددة أصولاً وتداول الفواتير بين حلقات الوساطة التجارية وبطاقة البيان والمواصفة والجودة وتكثيف سحب العينات من المواد الغذائية وغيرها المشتبه بمخالفتها بمختلف الأنواع وبما يحقق استقرار الأسعار خلال هذه المناسبة واتخاذ الإجراءات القانونية وأشد العقوبات الرادعة بحق المخالفين.
وبين السالم أنه تم تقسيم المحافظة إلى قطاعات بما يحقق سهولة وانسيابية العمل الرقابي على هذه القطاعات وتلبية متطلبات المستهلكين وتكليف الدوريات الرقابية بالعمل ضمن نظام المجموعات، وتخصيص قطاعات وأسواق رئيسية وأخرى ثانوية لعمل الدوريات الرقابية وأداء مهامها بالشكل الأمثل، معتبراً أن قطاع الحلويات له الاهتمام الخاص بالعمل الرقابي لكونه يتعامل مع شرائح واسعة للمجتمع وهذه المادة على تماس مباشر في الاستهلاك اليومي، لذلك كان لابد من إجراءات صارمة بهذا الاتجاه وتسيير دوريات رقابية مختصة بعملها بقطاع الحلويات للتأكد من جودة المستلزمات وسلامة تصنيعها وتطبيقها للشروط التطبيقية وتوافقها مع الأسعار المعلنة من قبل الوزارة، وتكلفتها الفعلية حسب النوع والصنف لهذه المادة، وبالتالي كل مخالف لتعليمات الوزارة يحاسب وفق القوانين المطبقة، ولاسيما قانون حماية المستهلك والعقوبات المنصوص عليها، علماً أن الدوريات تقوم بسحب العينات المستمرة وإجراء التحاليل المخبرية اللازمة للتأكد من سلامة المنتج وصلاحيته للاستهلاك إضافة لمراقبة الأسعار والتقيد بها.
وطالب السالم دوريات الرقابة بتحمل المسؤوليات والتحلي بالأخلاقيات ووفقاً للمصلحة العامة. وعن دور مؤسسات التدخل الإيجابي في توفر السلع وتخفيف الأعباء عن المواطنين نوه شعيب إلى أن الوزارة تقدم أشكال الدعم لمؤسسات التدخل الإيجابي وتعزيز دورها في توفير الحاجات الأساسية والضرورية بمواصفات جيدة وأسعار منافسة.
علي حسون