ثقافةصحيفة البعث

“شبابيك” وقسوة المجتمع

 

صوت فايا يونان الدافئ والرقيق مثل النسيم وهي تغني”من ها الشباك أول مرة شفتك وقلبي داب” المتناغم مع نغمات موسيقا إياد الريماوي الهادئة، لتلتقي مع خلفية الشارة برسومات الغرافيك للنوافذ المغلقة والمفتوحة، وعناق الحبيبين، هذه الشارة الرومانسية التي شدّت المشاهدين وأوحت بقصص حبّ رومانسية وحوارات شفافة، إلا أن واقع الحلقات المتصلة- المنفصلة ينم عن مشكلة عميقة تصادف الزوجين وتضعهما عند مفترق الطرق، ويبقى ذاك الحزن الخفي يسكن قلب المرأة وهي تنظر من النافذة.

تشكل القسوة نقطة التلاقي بين الأفكار التي تحملها كل حلقة والتي مازالت موجودة في المجتمع وربما لانجرؤ على الاعتراف بها، وتبدأ من الرجل والعنف الذي يمارسه على المرأة كما في إحدى الحلقات ويتمثل بالضرب المبرح من قبل الزوج لزوجته، والمفاجأة أنه محام ورجل قانون لم تحدّ ثقافته ودراسته من الفعل الإرادي باعتماده الضرب كحل لأية مشكلة تواجهه في حياته الخاصة، ولم يكتف بضرب زوجته بالمنزل وإنما يمتد عنفه ليضربها بالمطعم وعلى مرأى ومسمع من الناس لتصاب بكدمات وتنقل إلى المشفى، إلى الغيرة من نجاح الزوجة ومحاولة تحجيمها بإقناع المخرج تغيير دورها بالمسرحية كما في حلقة”كواليس”، إلى أن تصل قسوته في إحدى الحلقات بعنوان”كاتبة” إلى جريمة لايعاقب عليها القانون بتزوير الزوج التقارير الطبية التي تؤكد شفاء زوجته وتمكنها من النطق مرة ثانية، ليستغلها ويوقع باسمه على النصوص التي تكتبها، لتتوسع دائرة القسوة وتصل إلى جريمة إنسانية بحق رجل مسنّ حينما يتدخل أهل الزوجة بوالد الزوج المصاب بالزهايمر ويعملون على إقناع زوج ابنتهم بنقل والده إلى دار رعاية المسنين، لتتقابل مع صورة أخرى لتحكم الأب بأولاده وبطريقة حياتهم مع زوجاتهم، وفي لوحة أخرى  بتصميم الزوجة على الهجرة مع زوجها وطفلها والابتعاد عن البلد وعن والديّ الزوج المسنين.

وتتضح قسوة المجتمع مع انعكاسات الحرب الإرهابية على جميع مناحي الحياة في إحدى الحلقات بعنوان”لتسكن إليها” تسرد حكاية زوجين مهجّرين يتأخر الزوج بدفع أجار المنزل فيطردهما صاحب المنزل بوضع أشيائهم على قارعة الطريق، لتتعرض الزوجة التي تلجأ إلى منزل خالتها للتحرش، فيصل المطاف بهما إلى المشفى بعد إصابتهما بشظايا القذيفة، وفي منحى آخر تتعرض شبابيك لكشف معدن الأشخاص كما في حالة الطبيب الذي يرفض علاج الجريح إثر اشتباك خوفاً من رصاص العصابات المسلحة، لتنتهي بخيبة الأمل والانكسار الداخلي بحالات مختلفة للخيانة الزوجية.

هذه القسوة التي جسدها المخرج سامر برقاوي بمشاهده التي اعتمد أغلبها على التصوير الداخلي، وعلى الرغم من التباين والمفارقات واختلاف سوية النصوص التي كانت سطحية وباهته في بعض الحلقات، إلا أن المنحى العام للعمل شدّ المشاهدين ليعشوا حالات إنسانية ومواقف حادة وصادمة بمشاركة العديد من نجوم الدراما السورية المتميزين.

ملده شويكاني