تحقيقاتصحيفة البعث

183 جمعية أهلية خيرية في طرطوس تعمل بشكل خجول والكثير منها متوقف عن العمل؟!

 

تعتبر الجمعيات الأهلية الذراع التنفيذية لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال وصولها إلى أكبر عدد من المحتاجين للرعاية والدعم والمساعدة بمختلف أنواعها، ولاسيما بعد أن أرخت الحرب وتداعياتها بظلالها الثقيلة على الكثير من الأسر المنكوبة، وزادت الفقر فقراً، والحاجة حاجة، وضاعفت من شريحة الفقراء إلى حد الهشاشة، فبرزت الحاجة الماسة للعمل والتكافل الاجتماعي، ولكن، للأسف، فإن الكثير يعتقد بأن الجمعيات “بريستيج”، أو حالة ظهور اجتماعي، وفي الوقت الذي “يفترض” أن يتضاعف دور تلك الجمعيات، فإن واقعها في محافظة طرطوس يشي بعجز، فالكثير من الجمعيات الأهلية سارعت إلى الترخيص والإشهار، وما إن حصلت عليهما حتى نأت بنفسها عن الهدف الذي أحدثت من أجله، فما أسباب ذلك؟! وما أبرز الخدمات المقدمة للمحتاجين في هذا الشهر الفضيل؟ والسؤال الأبرز: كيف تقوم الشؤون الاجتماعية بدورها المطلوب تجاه هذه الجمعيات لجهة مراقبة مجالس إدارتها، وتصويب عملها، وإلزامها بالعمل لتحقيق الأهداف التي أشهرت من أجلها؟!.

في وضع مأزوم ومأزوم جداً!

وعن واقع الجمعيات الأهلية في محافظة طرطوس أشارت عفراء أحمد، مديرة الشؤون الاجتماعية بطرطوس، إلى وجود 183 جمعية أهلية مع فروعها، ولكل جمعية أهداف معينة، ونطاق عمل محدد، وأضافت: الجمعيات أذرعنا، ومصلحتنا أن تكون تلك الأذرع منتشرة في كل الأماكن، على أن تنتشر وتؤدي دورها بشكل فاعل، والمطلوب منها بشكل حقيقي، وتحقق الغاية من وجودها، وللأسف فإن واقع الحال ربما هو مجاف للهدف، فالكثير من الجمعيات تعلن شللها وعجزها التام عن القيام بما هو مطلوب منها!.. ونتيجة الظرف الاقتصادي، وتداعيات الأزمة، أصبح لدينا ضيق مادي، وفقر حقيقي، والناس بعوز وحاجة لمن يقف بجانبها ويدعمها، وكنا نأمل أن تكون جمعياتنا السند الداعم لأولئك المحتاجين، ولكن، كما أسلفت الذكر، فإن واقع الجمعيات يتداعى في وضع مأزوم ومأزوم جداً، وربما نحن اليوم بصدد إيجاد آلية جديدة لعمل الجمعيات، وإعادة إحيائها.

الكثير من الجمعيات متوقف!

ولفتت أحمد إلى أن معظم تلك الجمعيات تعمل ولكن بشكل خجول، والكثير منها متوقف عن العمل الحقيقي، متذرعة بعدم امتلاكها التمويل اللازم، ونحن نجزم، /والكلام لأحمد/، بأنه لو كانت لديهم نية حقيقية للعمل لكانوا قادرين على أن يصنعوا المستحيل، ولاسيما في هذا الظرف الصعب، وثقافة التكافل الاجتماعي موجودة في مجتمعنا، وهي بحاجة لمن يصنع تلك الجسور بين الشخص الراغب بالتبرع، والمستهدف المحتاج فعلياً، وأنا أستغرب، /وفقاً لمديرة الشؤون/، كيف أن البعض يعمل جاهداً لترخيص جمعية وإشهارها، وعندما تصبح مرخصة ينأى بذاته عن طلبات الآخرين، والأهداف الفعلية، فالإنسان صاحب رسالة، وعليه أن يعرف كيف يؤديها بالشكل الصحيح؟!.

برامج أغلبها على الورق؟!

وعن الأهداف التي تقوم بها الجمعيات أفادت أحمد: بعض الجمعيات تضع برامج لرعاية المحتاجين، والتوجه لأسر الشهداء والجرحى، وبعضها يتوجه لإحياء التراث والمهن اليدوية، وأخرى تعنى بالثقافة الفكرية، وغيرها بالطبيعة والسياحة، كما أن هناك جمعيات لديها أهداف تنموية خاصة بالتعليم، والاهتمام بالأرامل والمعوقين، والملاحظ في الفترة الأخيرة، والجيد بالموضوع، النهوض بواقع عمل جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة،  الأمر الذي يبشر بأن البوصلة تسير بمضمار الإعاقة بالاتجاه الصحيح، لأن تلك الفئة المستهدفة كانت مظلومة بفترة ما!.

القليل يعمل بصمت وصدق

وتابعت مديرة الشؤون: جمعياتنا منتشرة على امتداد المحافظة، وبالتالي من الصعب الوصول إلى إحصائية تبيّن عدد المستفيدين من خدمات تلك الجمعيات، ومما لا شك فيه أن هناك جمعيات تعمل بصدق وصمت، وتؤدي خدماتها التي تصل إلى أكبر عدد من المستهدفين، وغالباً ما يكون المستهدفون من ذوي الحاجة الحقيقية، ونحن كوزارة، ومديرية، وجمعيات نتوجه للطبقات الأكثر هشاشة في المجتمع والأكثر فقراً، فكل جمعية معنية بقطاعها، والمتلقون هم ساكنو القطاع، والوصول إلى المستهدف يكون عبر مراجعة المستهدف نفسه لمقر الجمعية، أو المديرية، وإعلانه عن حاجته الفعلية، فقد يكون بحاجة إلى عملية، أو إعانة مالية، أو معونة، وبدورنا نحوله إلى الجمعية ضمن قطاعه، وتقوم بتخديمه ضمن الأصول، ولفتت أحمد إلى وجود جمعيات تجري مسحاً للمحتاجين في المنطقة دون أن يطرق المحتاجون أبوابها.

ورداً على سؤالنا حول دور الشؤون تجاه تلك الجمعيات، أوضحت أحمد بأن دور الشؤون ينحصر بالرقابة، والتأكد من وصول الخدمة للمستفيد الحقيقي، فيجب أن ينسجم عمل الجمعية مع الأهداف الواردة في نظامها الداخلي، ويجب أن يكون نطاقها الجغرافي كما هو محدد في النظام الداخلي، على أن يتوافق النشاط المنفذ مع النطاق الجغرافي للجمعية، حيث ترفع الجمعيات تقارير ربعية تتضمن الأنشطة المنفذة، ولوائح بأسماء المستفيدين، والخدمات المقدمة، والجمعيات ضمن نطاقها الداخلي تعقد اجتماع هيئة عامة سنوياً، ويحضر الاجتماع مندوب من الشؤون يناقش جدول أعمال ضمن الاجتماع، وبعد الاجتماع يصدر محضر، ولا يعتبر الاجتماع والمحضر قانونيين إن لم يحضر مندوب من الشؤون، وفي ختام حديثها اقترحت مديرة الشؤون تفويض المديرية بجميع الموافقات اللازمة في معظم نشاطات الجمعية.

“لقمتنا سوا”

ترجمت جمعيات أهلية قيم التكافل الاجتماعي، ومساندة الفئات المحتاجة، عبر أنشطة نظمتها خلال شهر رمضان المبارك، ولعل أبرز تلك الأنشطة الرمضانية كانت حملة “لقمتنا سوا 4” لعام 2018، وهنا حدثتنا ربا خليل، رئيسة دائرة الخدمات بمديرية الشؤون، عن الحملة التي بدأت مع بداية شهر رمضان، وستستمر حتى نهايته، وتهدف إلى توفير وجبات إفطار للصائمين خلال شهر رمضان المبارك من خلال مساهمات القطاع الأهلي، والقطاع الخاص، بما يحقق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وتكامل جهود الوزارة مع هذين القطاعين لخدمة أكبر شريحة من المستفيدين الفقراء، والأكثر حاجة خلال الشهر الكريم.

وحول آلية عمل الحملة، أوضحت خليل بأن الحملة تقوم على تنسيق جهود وموارد مجموعة من الجمعيات الأهلية، والسعي لحشد مساهمات القطاع الخاص في كل محافظة لإعداد وتوزيع وجبات إفطار وسحور خلال شهر رمضان المبارك بالنوعية والجودة والكمية الملائمة حسب عدد الأفراد والمستفيدين، وتضع المديرية في كل محافظة خارطة للعمل، وعدد الجمعيات، والمطابخ التابعة لها، مع تحديد قطاعات العمل لكل جمعية، والنطاق الجغرافي، والمستهدفين في كل قطاع، ومصادر الإمداد بالمواد اللازمة، ودور كل جمعية في ذلك، والجوانب اللوجستية الأخرى المخطط لها، وتحديد الوجبات التي ستقدم في كل محافظة بناء على الإمكانيات المتاحة، ويتم العمل لتطوير نطاق الحملة لتشمل وجبات السحور وفقاً للممكن.

الفئات المستهدفة

وبيّنت رئيسة الدائرة الفئات المستهدفة في الحملة، حيث تشمل المهجّرين، والفقراء، والمحتاجين، والسجن المركزي، كذلك أهالي وأسر الشهداء والجرحى، ومراكز الإيواء، إضافة إلى الطلبة المقيمين في المدينة الجامعية، ونزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية (الإقامة المجانية).

عمل جاد ومنظم

ويبقى الهدف الأسمى للجمعيات الأهلية خدمة المجتمع، وتقديم المساعدة للمحتاجين “فعلياً”، ولاسيما في ظروف الحرب والأزمات والنكبات، كما أن تعدد الجمعيات العاملة في المجال الإنساني يفترض أن يخلق جواً من التنافس لتقديم الأفضل، وللمساهمة في تطوير العمل الأهلي، فمازال العمل الإنساني الخيري يحتاج إلى عمل مؤسساتي موثوق وجاد ومنظم في تقديم الخدمة إلى محتاجيها، فهل سيتحقق ذلك، أم أن عدد الجمعيات سيتكاثر، ويفرغ من مضمونه الحقيقي؟!.

دارين حسن