“تشاؤل”.. ريادة الأعمال..؟!
تمر سوق الأعمال عامة، ومنشآتها الصغيرة والمتوسطة خاصة بمرحلة دقيقة وحساسة تجمع بين التشاؤم والتفاؤل، دون تغليب أي منهما على الآخر. فالتفاؤل بالفرص التي ستتاح في المستقبل نتيجة ما يفترض من تغيير عميق من الممكن أن يمر به الاقتصاد، يقف عند حد ألم الماضي القريب، وضرورة الخروج من منطقة الراحة التي تعودت الأنشطة التجارية عليها. إذ حتى المؤسسات والشركات تركن إلى التعود على الروتين وتفضله، طالما أن الأوضاع مستقرة والأرباح مستمرة.
في ظل مثل ذلك الحال، كان يمكن لصانع القرار أن يبقي الوضع على ما هو عليه من الاعتماد على الإنفاق الحكومي، ومتى عادت ثروتنا النفطية والغازية عدنا إلى الدورة النمطية نفسها للاقتصاد المعتمد على سلعة أولية..!
ولكن مع ملامح تباشير فرص لكسر هذه الحلقة والعمل على تغيير جذري في نموذج العمل، فالسؤال المطروح اليوم هو: هل سيتم استغلال هذه النافذة التي قد لا تتاح مرة أخرى..؟
وللجواب عن ذلك نبين أن كل الأسواق تمر بمراحل من الازدهار والصعود ثم التراجع والكساد، ووظيفة الإدارة الاقتصادية الفاعلة في الدولة، هي تخفيف حدة الارتفاع والهبوط في كل دورة، ولكن إن كان النموذج الاقتصادي الكلي أكثر حساسية للدورة الاقتصادية لأسباب خارجة عن سيطرة الدولة، فهنا لابد أن تعمل الحكومة على إعادة الأمور إلى نصابها بأخذ زمام المبادرة، وهو ما قد يعمل على إطالة أمد مرحلة التعافي، لتكون على أساس سليم.
واقع كهذا يقتضي إنعاش ريادة الأعمال لتكون أكثر حراكاً ونشاطاً، التي أصابتها عدوى تركيز الأنشطة التجارية القائمة ينصب على تخفيض التكاليف والنفقات، ما أدى برواد الأعمال الجدد إلى التخوف من الإقدام والدخول إلى السوق، خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار استمرار التكاليف الجارية في الارتفاع في المدى المنظور، لأسباب عدة ومنها المتطلبات الحكومية.
بناء على ما سبق، بات السؤال الذي يتردد على ألسنة رائد الأعمال: هل علي الدخول الآن إلى السوق والبدء بمشروعي أو من الأفضل الانتظار حتى تتضح الرؤية..؟ في الوقت المفترض به التركيز على الخدمة والمنتج ونموذج العمل التجاري وميزته النوعية، ومتى ما توافرت هذه العوامل فإن نسبة نجاح المشروع تكون عالية مهما كانت الظروف المحيطة، وهنا تكمن مهمة ودور الحكومة، بالدعم والتشجيع والتسهيل. الصعوبة التي تفرضها مرحلة التغيير التي يمر بها الاقتصاد لها ميزات هي الأخرى.. فالتكلفة الرأسمالية للبدء بأي مشروع لن تكون أقل مما هي اليوم، بل إنها ستنحو نحو الارتفاع متى ما بدأ الاقتصاد بالدخول في مرحلة الازدهار والصعود. الخلاصة تعني أن البدء في أي نشاط اقتصادي لن يكون أقل تكلفة متى ما اتضحت الرؤية، فعلى الرغم من انخفاض العائد المطلوب على الاستثمار مع انخفاض المخاطر مستقبلاً، إلا أن توسع هامش الربح سيعمل على تعميق حواجز الدخول إلى أي صناعة..
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com