تحقيقاتصحيفة البعث

130 مليونــــاً أضـــــرار المبانــــي المســـــتملكة..  و32 مليـــون ليــــرة لترميـــم وتأهيـــل مبنــى دائـــرة الآثــــار

جبهات عمل واسعة ومتعددة فتحتها دائرة الآثار بحمص من أجل ترميم وإعادة تأهيل الكنوز الأثرية الموجودة في المحافظة، والتي تضررت بنسب مختلفة نتيجة الإجرام والإرهاب الذي حاول طمس التاريخ، فلا علاقة للإرهابيين به، وهم ينظرون إلى هذه الكنوز على أنها كتل حجرية، مع سرقة ما يطلب منهم من قبل مشغليهم، أو ما يستطيعون بيعه خارج الحدود.

ترميم القبب

في جامع خالد بن الوليد تم ترميم المآذن التي يبلغ ارتفاعها 45 متراً، مع كافة عناصرها المعمارية دون الحاجة لأعمال الفك، وإيجاد كافة الحلول الإنشائية لتدعيمها ومنعها من الانهيار، إضافة لترميم القبب بالمواد نفسها التي كانت مبنية منها، وإيجاد الحلول المناسبة لتطويقها بألواح من الكربون، وتم إنهاء الأعمال الإنشائية في الجامع بالنسبة للكتلة (الأثرية).

وعزل الأسطح

أنهت البعثة الوطنية الهنغارية العاملة في قلعة الحصن عملها في عزل الأسطح العلوية للكنيسة داخل القلعة ضمن خطة عملها لعام 2018، على أن تعود للعمل خلال فترة ثانية من العام الحالي، وبدأت دراسة ترميمية لمدينة تدمر تشمل بيتي الزوار والضيافة، وتأهيلهما كمقر للبعثات الخارجية الراغبة بالعمل في المدينة الأثرية.

وتتابع الفرق الهندسية المشكّلة في دائرة توثيق المباني المسجلة أثرياً في المدينة القديمة بحمص بوضعها الراهن استكمال أعمال الترميم في قصر الزهراوي، والتي كانت بدأت نهاية العام الماضي بقيمة تبلغ 5 ملايين ليرة، وترميم خان الدروبي، وجامع العصياتي، بالإضافة إلى الأعمال الجارية في جامع الأوزاعي بحمص القديمة، وإجراء كشف إسعافي ترميمي لجامع الدالاتي الواقع في أول مدخل حي الحميدية، ودار مفيد الأمين.

السور الأثري

حسام حاميش، رئيس دائرة الآثار والمتاحف بحمص، أوضح بأن المديرية أنجزت نهاية العام الماضي، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أعمال إزالة الأنقاض، وفرز الأحجار الأثرية لسور الأربعين، لتتم إعادة بنائه خلال وقت قريب، وبالأحجار نفسها للحفاظ على خصوصيته الأثرية، لافتاً إلى أن سور الأربعين هو السور المحيط بمدينة حمص القديمة، وأن أساساته تعود إلى العهد الروماني، أما الجزء العلوي منه فيعود إلى الفترة الإسلامية، مشيراً إلى أن المواقع الأثرية المسجلة رسمياً في المحافظة تبلغ 123 تلاً وموقعاً أثرياً، ونوّه حاميش إلى متابعة منح رخص الترميم اللازمة لتأهيل المحال التجارية ضمن كتلة الأسواق الأثرية، والإشراف على تنفيذها وفق المواصفات الأثرية، ومنع التعدي على المواقع والتلال الأثرية في ريف المحافظة بالتنسيق مع الوحدات الإدارية المعنية.‏

الأضرار

الآثار الثابتة هي القلاع والحصون، وقد تضررت بشكل كبير بسبب تعرّضها للإرهاب، والآثار المنقولة في غالبيتها محفوظة بالمتحف، وذلك بفضل التجربة الرائدة التي قامت بها المديرية عبر الإنذار المبكر، تم حفظ هذه القطع، وهي تجربة ريادية على مستوى العالم، أغلب القطع الهامة تم حفظها – المناطق الأثرية الثابتة- قلعة الحصن– تدمر، وقد تضررت بشكل كبير.

القطع الأثرية الهامة

وقال مدير آثار حمص: قبل الحرب كان دخل متحف تدمر حوالي 100 مليون ليرة شهرياً، ونحن عاجزون اليوم عن إقامة متاحف تستوعب القطع المحفوظة لدينا.

وأضاف بأن القطع الموثقة بالأنتربول سوف تسترجع، وقبل بدء الحرب هناك تنسيق مع المديرية العامة للآثار والمتاحف والأنتربول الدولي، وتمت  سابقاً إعادة عدد كبير من القطع المسروقة  التي وجدت بألمانيا، وفي الوقت الحالي تمت استعادة عدد من القطع عن طريق لبنان، كما ساهم الجيش العربي السوري باستعادة الآثار التي كانت مخبأة ضمن مستودعات استعداداً لنقلها خارج البلاد، وقد تم تحرير تلك المناطق.

تقدير الأضرار

منذ أربعة أعوام بعد تحرير مدينة حمص القديمة تم جرد كافة المباني الأثرية التي تتنوع بين الدينية (جوامع وكنائس)، والسكنية، وشرائح أثرية تضم 13 مبنى، إضافة إلى شريحة الأسواق الأثرية التي تبلغ 890 محلاً تجارياً، وشريحة بيت الناصر 13 مبنى، وتم تقدير حجم الضرر الذي لحق بها، خاصة أن المجموعات الإرهابية كانت تتحصن في بعضها، وتتخذ بعضها الآخر مقراً لها مثل قصر الزهراوي، وبلغت قيمة الأضرار 130 مليوناً للمباني المستملكة لصالح المديرية العامة للآثار والمتاحف، منها الإنشائية التي لحقت بالمباني، ومنها تجهيزات، وقد تم إعداد كشوف ترميمية للأجزاء المهددة بالانهيار تسمى كشوفاً إسعافية، وقمنا بإعداد كشف بقيمة 12 مليون ليرة سورية لترميم قبب قصر الزهراوي، وإعادتها إلى وضعها السابق، وتم تنفيذها.

 

الترميم حسب الوثائق

خطوات كبيرة في إعادة الترميم عن طريق محافظة حمص،  وتم التنسيق والتعاون مع الفرع الإنمائي للأمم المتحدة undp لإعادة ترميم وتأهيل كتلة الأسواق التجارية، وخاصة افتتاح السوق المسقوف بسقفه الجملوني، وإعادة تركيبه على النموذج القوسي الذي تؤكده الصور والوثائق القديمة، وأعيد بناء المحال المنهارة بالحجارة نفسها، ووفق المخططات والوثائق الأصلية، إضافة إلى ترميم واجهات المحال كاملة، وتبليط الأرضيات بالحجر البازلتي وفق مخططات وواجهات قديمة كلها موثقة عندنا إعادة للوضع السابق 100%، ومازال العمل مستمراً في كتلة الأسواق الأثرية.

دور المجتمع المحلي

ساهم عدد كبير من المتبرعين بدورهم في إعادة تأهيل وترميم جامع الأربعين، وإزالة كافة المخالفات الموجودة فيه سابقاً، وخاصة الكتلة المعدنية  التي كانت  من جهة السور الأثري،  وإزالة كافة  الأجزاء البيتونية الموجودة سابقاً.

مشاكل وصعوبات

تعاني المديرية من مشكلة سرقة الحجارة من بعض هذه المباني  الأثرية، ويتم التنسيق مع المحافظة وشرطة حمص لتسيير دوريات بشكل دائم، ومراقبة السيارات التي تحمل أحجاراً قديمة دون موافقة الجهات المختصة، ومن الصعوبات التي تؤثر على سير العمل، نقص الكادر الأثري والإداري، وضعف الإمكانيات المادية، والحاجة لمعدات حديثة، ولابد من الاهتمام بهذه الأوابد، وتوفير كافة الخدمات لها ليتسنى لنا استثمارها سياحياً بالشكل الأمثل، فمن يمتلك هذا المخزون الثقافي والحضاري من أوابد أثرية وتاريخية، ومواقع أثرية عديدة، يمتلك القدرة على جعل عائدات السياحة في بلدنا تفوق عائدات النفط، فهذه العائدات لن تتراجع، لأن الكنوز الأثرية لا تنضب مثلما هو حال النفط‏.

مسؤولية تشاركية

توجد في محافظة حمص مدينة وريفاً عدد كبير من الأبنية الأثرية، والأماكن التاريخية المهمة، وهي تتطلب تعاون كل المواطنين للحفاظ عليها، فهي ثروة وطنية لا تقدر بثمن، وحمايتها تقع على عاتق الجميع، خاصة بعد حملة التدمير الممنهج التي اتبعها الإرهابيون لطمس معالم  الحضارة السورية، وأكبر دليل على ذلك تفجير معبد بل الذي لم يكن عبثياً أبداً، وما حل بمدينة تدمر المسجلة على لائحة التراث العالمي، وحالياً يتم التنسيق بين المديرية العامة للآثار واليونيسكو مع كافة الجهات المهتمة  بالآثار التدمرية من أجل إعداد الدراسات اللازمة، وترميم ما خرب مثل: (معبد بل، ومعبد بعل شنين، وقوس النصر، والمدافن البرجية، وتترابيل)، مع الحفاظ ما أمكن على الحجارة الأثرية دون إدخال عناصر جديدة في البناء لئلا يفقد قيمته الأثرية.

سمر محفوض