(أفْظع) جهاد في الإسلام
عبد الكريم النّاعم
لقد اخترتُ مفردة (أفظع) لعلّها تعبّر عن المسألة التي سأثيرها، وقصدتُ بالتحديد الفظاعة، والشناعة، لأنّ ما واجهناه لم يسبق له مثيل في التاريخ العربيّ الإسلامي، عبر قرونه المديدة، وعلى حدّ علمي أنّه ليست له أيّة سابقة في ذلك التاريخ، وأعني به ما أُطلق عليه من قِبَل الجماعات التكفيريّة، المأجورة الضالّة: “جهاد النّكاح”!!
في ذاكرتي، في هذا السياق، أنّ الخليفة الثاني(ر)، على أثّر سماعه امرأة تتغنّى بأبيات شعر، توقّف عند ما سمعه، وسأل ابنته، إن لم تخنّي الذاكرة، سؤالا يخصّ موضوع غياب الزوج عن زوجته، والحادثة واردة في العديد من الكتب، فلْتُراجع، وعلى أثر ذلك أصدر أمراً ألاّ يغيب أيّ مُقاتل (مجاهد) عن زوجته أكثر من ستّة أشهر، وكانت لفتة يُتَوقَّف عندها.
نعود إلى مسألتنا الرئيسيّة فلقد تمكّنت الجهات التي كانت وما زالتْ تُدير دفّة معركة الذين استأجرتْهم، أو (استحمرتْهم)،.. تمكّنت من أنْ تدفع بهذه المسألة إلى حيث وصلت بحيث أنّ مئات إنْ لم يكن آلاف النساء قد تحمسّن لهذه الدّعوة، وهي السفر إلى مواقع المقاتلين (المتأسلمين) للجهاد بأنوثتهنّ،! وسفح شرفهنّ على مذبح تلك المقولة الضالّة، وبطريقة فيها الكثير من الامتهان، والتي لا تقبَل بها حرّة على نفسها، إلاّ إذا كانت مهووسة جنسيّا، أو لا تملك ذرّة من عقل أو ديانة، وبحسب بعض الأوراق التي صودرتْ من مواقع التكفيريّين، فقد كانت المرأة (المجاهدة) بأنوثتها تستقبل في اليوم الواحد الكثير من الرجال الذين جاؤوا لإرواء غريزتهم الجنسيّة، فعليها في كلّ ساعة أن تستقبل ذكراً جديدا، وتستسلم له!
لقد عرفنا في الإسلام نوعين من الجهاد وهما الجهاد بالمال، والجهاد بالنفس، وثمّة العديد من آيات القرآن الكريم التي نصّت على ذلك، وكان الجهاد من أجل رفع الظلم، وفي سبيل إعلاء مبادئ الإسلام الإنسانية، أمّا أن يكون “جهاد نكاح”! فذلك هو العجيب الأعجب، والأعجب منه أن يجد استجابات بالحجم الذي عرفناه، بينما مْفتيو دول البترودولار لم يرتفع لأحد منهم صوت يستنكر هذه العمليّة التي هي أشبه بالدّعارة.
حين نثير هذه المسألة، أو أيّة مسألة أخرى محشوّة بالضلالات، فليس لنكْء الجراح، بل للإشارة إلى مسألة هامّة وهي اعتماد القوى المشغِّلة لهؤلاء على الدّين، على اختلاف ألوان تصنيفاتهم، وإنْ كان على مستوى مذهبيّ أو تنظيميّ.
هنا لابدّ من التنبّه إلى أنّ في مواقع الكهنوت المذهبي، مَن يستجيب لمثل هذه الدعوات فيُفتي بها، ويحرّض عليها، ويتبنّاها، وهذا منفذ بالغ الخطورة لِما له من صبْغة مذهبيّة، تأخذ لون الصبغة الدينيّة، وإلاّ فكيف تمّ تجنيد تلك الأعداد في المنطقة العربيّة، وفي أوروبا، حيث يسيطر الدّعاة التكفيريّون الوهّابيّون،؟!
لعلّ ما هو جدير بالملاحظة أنّ جماعة الأخوان المسلمين لم يصدر عنهم، على حدّ علمي أيّة كلمة بهذا الصدد، والسكوت، كما يقولون، إقرار وموافقة.
aaalnaem@gmail.com