“فاتورة العيد”
يبدو ثقيلاً جداً هاجس العيد بالنظر إلى حجم فاتورة احتياجاته من الألبسة والضيافة وغيرها من مستلزمات الأسرة وتحضير الأطعمة والحلويات والولائم وحتى ( العيدية ) والتي ما زال ينتظرها ويفرح لها الكبار قبل الصغار.
ولا شك أن الحركة النشطة والمتزايدة والازدحام الكبير في الأسواق وخاصة بعد الإفطار ومن مختلف شرائح المجتمع للتبضع وتأمين احتياجات العيد على خلاف السنوات السابقة، يعطي مؤشراً على تعافي المدينة التي عانت من ويلات الإرهاب، إلا أن ثمة ما يعكر هذه البهجة والفرحة بقدوم العيد بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني على مختلف المواد والسلع والألبسة وعدم قدرة رب العائلة على تأمين الحد الأدنى من مستلزمات واحتياجات أسرته وأبنائه، وهو المثقل أصلاً بهموم الواجبات والمصاريف اليومية المتنامية والتي تتجاوز بكثير حدود راتبه اليومي أو الشهري، وغالباً ما يصل به الحال مجبراً إلى صرف كامل مدخراته إن وجدت، وإفراغ جيوبه والوقوع في مطب العجز المادي والمديونية لأشهر قادمة.
وبعيداً عن الاسترسال والإسهاب في التفاصيل الحياتية اليومية بهمومها ومتاعبها المرهقة والمقلقة، لم يتبدل المشهد الرمضاني على الرغم من كل التطمينات والوعود من المعنيين بضبط حركة السوق ولجم ظاهرة الجشع والاستغلال والاحتكار، بل على العكس شهدت الأيام الأخيرة منه انفلاتاً غير مسبوق، أدخل المواطن في دوامة عصف ذهني ومالي وفي دائرة التعاطي الصادم مع الأرقام الخيالية في أسعار الألبسة والحلويات وغيرها من المواد والسلع واحتياجات الأسرة، وهو ما وضع دائرة حماية المستهلك ومؤسسات التدخل الإيجابي ( السورية للتجارة ) وغرفة التجارة ومختلف المؤسسات المعنية في دائرة الشك والريبة والفشل الذريع لناحية ضعف أدائها وعدم جدوى خططها ومهامها المنوطة بها وإجراءاتها المتخذة والتي جاءت نتائجها عكسية وكارثية على المواطن.
ما نود قوله وتأكيده وللمرة الألف أن الدوائر المختصة لم تقم بواجباتها، وكان واضحاً خلال شهر رمضان والأيام الأخيرة منه وجود تقصير وخلل في آليات عملها، وهو ما يستوجب التدقيق والمراجعة ومن ثم المحاسبة والمساءلة، وهو ما نضعه برسم وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الذي بدأ زيارته إلى حلب والمعروف عنه صراحته وشفافيته وجرأته في اتخاذ القرارات المناسبة ومن أرض الميدان.
ويبقى الأهم أن تكلل هذه الجهود وإن جاءت متأخرة بالنجاح وبما يسهم في الحفاظ على فرحة وبهجة العيد بقيمه النبيلة، والمفترض أن ينمي فينا جمعياً الإحساس بالآخر ويوثق أواصر المحبة والتكافل والتلاحم.
معن الغادري