اقتصادصحيفة البعث

من سخرية الاقتصاد وعجائب تجاوز القوانين والأنظمة.. تســــوية وضــع ســـيارة مصفحـــة واحـــدة فقــط منـــذ صـــدور المرســـوم الخـــاص بـــذلك..!

من عجائب –أو بالأحرى سخرية- اقتصادنا الوطني، انعدام الصدى للمرسوم التشريعي رقم / 12 / لعام 2017 الخاص بالرسوم الجمركية والغرامات المتعلقة بالسيارات المصفحة، إذ إن عدم تسوية أوضاع السيارات المدخلة بطريقة غير نظامية، أو تلك التي تم تصفيحها لاحقاً، وفقاً لأحكام هذا القانون يشي بعجز حكومي يحول دون مواجهة رعونة أصحاب مثل هذه السيارات ورفضهم الانصياع لما تفرضه الأنظمة والقوانين، خاصة إذا ما علمنا أنه لم يتم حصر أعداد هذه السيارات من وزارة النقل الجهة المعنية بهذا الموضوع…!

الغاية ولكن..!

رغم أن الغاية من المرسوم ليس السماح باستيراد سيارات مصفحة جديدة -علماً أنه يسمح بذلك- وإنما تسوية أوضاع السيارات المصفحة الموجودة داخل البلد، وذلك وفقاً لتأكيدات مصادر وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، التي أكدت أنه ومنذ صدور المرسوم لم يتم منح أية إجازة لاستيراد سيارة مصفحة جديدة..!

رمت الكرة..!

وزارة النقل سرعان ما رمت الكرة في ملعب أصحاب هذه السيارات، إذ اعتبرت مصادرها أن إشكالية عدم التفاعل مع المرسوم تعود لمالكي السيارات الذين لم يتجاوبوا ويبادروا إلى تسوية سياراتهم، وكأنها بذلك ترفع العتب عنها، متجاهلة ما يفترض أن تضطلع به من مسؤولية حصر أعداد هذه السيارات على أقل تقدير، إن لم نقل إيجاد آليات وصيغ تجبر أصحاب هذه السيارات على تسوية أوضاعها. وقد أكدت مصادر الوزارة أنه ومنذ صدور المرسوم وحتى تاريخه لم يتم تسوية سوى سيارة واحدة فقط لا غير، مبينة أن قيمة الرسم الجمركي للسيارة المصفحة 50 مليون ليرة سورية، ورسمها السنوي 500 ألف ليرة، مشيرة إلى عدم امتلاك الوزارة أي رقم أو إحصاء حول عدد هذه السيارات الموجودة في داخل القطر، كونها دخلت بطريقة غير نظامية، منوهة إلى أن الوزارة لديها إحصاء حول السيارات المصفحة العائدة للمنظمات الدولية والسفارات العاملة في سورية.

عوائد ضائعة

وعلى اعتبار أن ما يفرض – بموجب المرسوم – على إدخال سيارات الركوب الصغيرة (السياحية) المصفحة بصرف النظر عن سعة محركاتها رسم جمركي يعادل (70%) من قيمتها وما يترتب من رسوم أخرى، وعلى اعتبار ما يفرض أيضاً من غرامة مقدراها مئة ألف دولار على كل سيارة مسجلة لدى مديريات النقل وجرى تصفيحها لاحقاً، فإن هناك كتلة نقدية هائلة ضائعة على الخزينة العامة للدولة من جراء عدم تسوية السيارات الموجودة داخل القطر يقدرها البعض بعشرات المليارات، ولعل عدم حصرها من قبل أية جهة كانت يشي بشكل أو بآخر إما أن عددها كبير ومن الصعب إحصاؤه، وإما أن مالكي هذه السيارات من أصحاب النفوذ المتمردين على القانون..!

يبقى أن نشير إلى أن ترجيح الخيار الثاني، يعني فيما يعنيه أن القانون يقوى دائماً على المستضعفين، إذ لا يمكن أن يكون هناك سيارة مهما صغر حجمها وقلت مواصفاتها، إلا وتكون مجمركة 100%، ويتم استيفاء الرسوم السنوية المفروضة عليها بشكل منتظم، رغم أنها لا تقارن بأي شكل من الأشكال بالسيارات المصفحة التي يملكها علية القوم..!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com