الصفحة الاولىصحيفة البعث

تونس: ضغوط على وزراء “النداء” لإسقاط حكومة الشاهد

 

كشفت دوائر سياسية عن أن حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب نداء تونس، بدأ في ممارسة الضغوط على وزراء الحزب للانسحاب من الحكومة بقصد دفع “النهضة” إلى رفع الغطاء السياسي عن يوسف الشاهد رئيس الحكومة، فيما قال سياسيون: “إن الشاهد بات رهينة لدى الحركة الإخونجية”.

وخلال الأسابيع الماضية كثّف حافظ من لقاءاته ومشاوراته مع القيادات الموالية له، ومع كوادر النداء وقواعده في مسعى لتوسيع دائرة أنصاره، وإقناعهم بضرورة التمسّك برحيل الشاهد، وتجريد حكومته من الغطاء السياسي الذي توفّره له، وتقول دوائر سياسية مقرّبة من النداء: “إن ممارسة حافظ للضغوط جاءت في أعقاب تهجم الشاهد على حافظ خلال الكلمة التي ألقاها مؤخراً، وبثتها القناة التلفزيونية الأولى، واتهامه على الهواء بتدمير النداء، وتدمير مؤسسات الدولة”.

ويرى حافظ، كما يذهب إلى ذلك مراقبون، أن بقاء وزراء النداء ما هو إلا غطاء سياسي للشاهد وللنهضة كثيراً ما استفاد منه الطرفان في تعقيد المفاوضات بشأن وثيقة قرطاج2، وتعميق الخلاف حول النقطة 64 المتعلقة ببقاء الشاهد أو رحيله.

وتظهر قراءات سياسية أن الهدف من الضغوط هو دفع النهضة إلى مراجعة تمسّكها بالشاهد، والعودة إلى طاولة المفاوضات مع الأطراف الموقّعة على الوثيقة بموقف يرفع غطاءها السياسي عنه، والتوافق على شخصية سياسية ترأس الحكومة المرتقبة.

وجاءت ضغوط حافظ في وقت باتت تتحدّث فيه الأوساط السياسية على أن الحكومة تجردت من هويتها كحكومة وحدة وطنية لتتحوّل إلى حكومة نهضوية.

ويقول منجي الحرباوي، الناطق الرسمي باسم النداء والمقرّب من حافظ في تدوينة على صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك: “إن الحكومة أصبحت رسمياً حكومة النهضة”، ويضيف: “انطلق حزب نداء تونس بمشاورات مع عدد من الأحزاب والشخصيات الوطنية من أجل ائتلاف وطني واسع لإنقاذ الوضع في البلاد، والذي لم يعد يحتمل، وحكومة الشاهد أصبحت رسمياً حكومة النهضة، والوضع الاقتصادي والاجتماعي يسير نحو الانهيار، ولا هم لهؤلاء إلا الكراسي، ومواقع القرار والحكم”، وشدد على أن حكومة الشاهد تقوم بتعيينات في المواقع الحساسة بالدولة لفائدة حزب النهضة مقابل صفقة الدعم والمساندة، لافتاً إلى أن “جبهة واسعة للإنقاذ أصبحت أكثر من واجب وطني وأكثر من ضرورة”.

والثلاثاء جدد عماد الخميري الناطق باسم النهضة تمسّك الحركة بالشاهد، لافتاً إلى أن “من يتحدّث عن فشل الحكومة ما عليه إلا سحب الثقة منها”.

وعمّقت تصريحات الخميري غضب قيادات النداء، إذ شدد خالد شوكات على أن الاستقرار السياسي الذي ما انفكت ترفع يافطته النهضة ما هو إلى “استقرار الهاوية”، وتساءل في تغريدة على “فيسبوك”: “عن أي استقرار حكومي تتحدّث قيادات حركة النهضة”؟!، وقال متهكماً: “استقرار إقالات الوزراء، استقرار التدهور الكارثي لمؤشرات نمو الاقتصاد، استقرار العصيان الحزبي لرئيس حكومة ووزراء كراسي السلطة عندهم أهم من تقييم أحزابهم لأدائهم الرديئة، استقرار التفريط في السيادة الوطنية والخضوع لإملاءات المؤسسات الدولية المانحة، والاستقواء بسفراء الدول الكبرى”!.

وفي أعقاب تعليق الرئيس قائد السبسي العمل بوثيقة قرطاج بدت مواقف النهضة متذبذبة، إذ تشدد على تمسّكها بالشاهد، وفي الوقت نفسه تعبّر عن استعداها لتعديل موقفها.

وأرجعت الدوائر السياسية ضغوط حافظ إلى “قطع الطريق أمام النهضة حتى لا تقوم بترحيل النقطة 64 من وثيقة قرطاج المتعلقة بالشاهد إلى البرلمان”، وشددت على أن “حافظ وغالبية الندائيين متمسّكون بأنه لا يمكن التوصل إلى حل الخلاف مع النهضة إلا عبر المفاوضات، خاصة وأن هناك حالة إجماع بين مختلف الأطراف السياسية والمدنية حول إجراء تغيير حكومي في العمق”.

وتنسجم رؤية الدوائر السياسية مع رؤية اتحاد الشغل، إذ اعتبر سامي الطاهري الأمين العام المساعد للاتحاد في تصريحات لوسائل الإعلام أن “تغيير الحكومة أصبح مسالة حياة أو موت، وكل تأخير في ذلك سيدفع البلاد إلى الهاوية”، ولفت إلى أن “الإنقاذ لا يتمّ إلا عبر تغيير جذري بدءاً  بتغيير الحكومة والبرامج والأهداف”، قائلاً: “إنّ حالة الانتظار التي تعيشها البلاد ستؤدي إلى كارثة كبرى”.

ويحمّل  سياسيون  النهضة مسؤولية حالة الارتباك والاحتقان السياسي، محذّرين من أن استمرار الأزمة السياسية سيقود بالبلاد إلى تعقيد أوضاعها العامة.

ودعت حركة تونس أولاً، التي يرأسها رضا بلحاج، الرئيس الباجي قائد السبسي إلى ممارسة صلاحياته التي يخوّلها له الدستور، ووضع حد لحالة الانفلات والانهيار التي تعيشها البلاد والتي قد تؤدي إلى عواقب غير محسوبة، وحمّلت في بيان لها يوسف الشاهد ما انتهت إليه الأوضاع في البلاد، معتبرة أنه أصبح “رهينة لدى حركة النهضة”، مطالبة القوى الوطنية والتقدمية “تنسيق جهودها ومبادراتها لإنقاذ البلاد من الهاوية التي تقترب منها”.

وفي ظل حالة الإجماع والضغوط من جهة، وحالة تذبذب النهضة، رجّحت الدوائر السياسية أن “تستأنف الأطراف الموقّعة على وثيقة قرطاج للمفاوضات خلال الأيام القليلة الماضية بقصر قرطاج”.