أفيدونا عن المنجزات الاقتصادية لمجموعات العمل المشكلة..!
قبل أشهر تم الإعلان عن قيام رئاسة مجلس الوزراء بتشكيل عدة مجموعات عمل للنهوض بالوضع الاقتصادي الوطني، ومنها مجموعة معنية بدراسة سبل تأمين واردات الجباية، بما لا يتعارض مع العملية التنموية الاجتماعية، ومجموعة متخصصة لدعم الزراعة المحلية، ومجموعة لجذب رأس المال الوطني، ومشاركته في العملية التنموية، ومجموعة عمل دائمة، لإعداد آلية لدراسة وتحليل العوامل التي تؤثر في تقلبات سعر صرف الليرة، ومجموعة لدراسة الأملاك العامة المستثمرة من الغير، ومجموعة لدراسة مشاريع المناطق الريفية الفقيرة، وعلى الأغلب تم تشكيل مجموعات أخرى معنية في العديد من المجالات.
ومن المؤكد أن هذه المجموعات رهينة هيكلياتها، في ضوء صلاحيات ومؤهلات مفاصلها، ومن المفترض وجود مجموعة مركزية في العاصمة معنية بشؤون وشجون أعمال مجموعات فرعية تابعة لها في المحافظات، والنظر في التداخل الذي قد يحصل بين مهام وأعمال بعض المجموعات، والعمل على ترتيبه ومعالجته جزئياًً فيما بينها، وكلياً عبر المجموعة المركزية.
إن تشكيل هذه المجمعات يدلل على اهتمام وهمة السلطات المعنية بآلام وآمال الوطن والمواطن، وكم هي الحاجة ماسة لتنفيذ الأعمال الكبيرة الملقاة على عاتقها، وخاصة حال كون كل مجموعة مشكلة من المفاصل العاملة أو المعنية في الجهات المعنية بقطاع عملها، دون أية تبعات مادية، ولكن اللافت للانتباه أنه سبق أن تم – خلال عقود سبقت – تشكيل العديد من المجموعات /اللجان/، التي أوكل لها تنفيذ الكثير من المهام، من دون أن يظهر لبعضها إنجازات تقارب مسمياتها، لا بل ربما إن بعض المجموعات لم تجتمع قط، والذي اجتمع لم تثمر اجتماعاته عن شيء، وكل طرف فيها ألقى اللوم على آخرين ضمن المجموعة أو خارجها، وما من جهة أعلى سألت لاحقاً عما آلت إليه هذه المجموعة أو تلك، أي بقيت تلك المجموعات تحت أعين المنضوية أسماؤهم في قائمتها نظرياً فقط، وربما تقاضى أعضاؤها بعض التعويضات المجزية على بعض الجلسات التي عقدوها.
من خلال متابعتي المواظبة للإعلام الورقي بشكل مقبول، تبين لي حصول نشاط ملحوظ فيما يخص عمل المجموعة المعنية بدراسة الأملاك العامة المستثمرة من الغير، حيث تم إعادة النظر بإيجارات بعض عقارات الدولة، وأثمر ذلك عن رفع الإيراد السنوي عشرات المليارات من الليرات السورية، وحال تمت المتابعة لمراجعة بقية العقود ستتحقق مئات المليارات من الإيرادات الإضافية.
إن المهام الملقاة على عاتق بقية المجموعات كبيرة جداً، وعلى الأغلب قد حقق بعضها بعض الإنجازات ولكن يبدو أنها ليست بالمستوى الذي يستحق أن يشار له في الإعلام، بدليل أنه لم ينقل ذلك، إذ لا جهود مثمرة – حتى تاريخه – باتجاه دعم الزراعة المحلية، وشعار زراعة كل شبر من الأرض، يشكو من ضعف تسويق إنتاج آلاف الهكتارات المزروعة بالحمضيات والبطاطا، وضعف التعويض الذي قد يتلقاه المزارع نتيجة تضرر عشرات الهكتارات المزروعة ببعض الأشجار المثمرة أو المحاصيل الحقلية نتيجة عوامل الطبيعة، عدا عن الشكوى الناجمة عن غلاء الأسمدة والأدوية الزراعية، إضافة إلى ضعف تمكين الزراعة العضوية بسبب تراجع نمو الثروة الحيوانية المنتجة للسماد العضوي، كما أن مساعي جذب الرأسمال الوطني لازالت في حدها الأدنى، إذ ثبت بالدليل القطعي أن رأس المال الوطني، هو رأسمال يخص المواطنين الذين يملكونه، أكثر بكثير مما يخص الوطن، فمالكوه هم أصحاب القرار في أوجه استثماره، وهم ميالون للاستثمار في التجارة والأعمال الخدمية التي تدر عليهم أرباحاً، تفوق ما يتوقعونه من الاستثمار في الأعمال الإنتاجية.
إن أية مجموعات أو لجان عمل يتم تشكيلها، تستوجب المتابعة من الجهات العليا المشكلة لها، واستعراض نتائج عملها بشكل دوري وعلني، في ملتقيات عامة يعد لها مسبقاً، وبحضور الإعلام والعديد من الجهات الرقابية، فقصور ملتقيات المجموعات على أعضائها فقط، أو بحدود ضيقة يحجب الكثير من الحقائق، ويحد من طرح المزيد من الرؤى، التي غالباً ما يمتلكها الجمهور المعني بمهام هذه المجموعات، أكثر بكثير مما يرد في ذاكرة بعض أعضاء المجموعات، الذين يحصرون همهم بالمردود الذاتي لهم، بل من المتوجب المساءلة – المثاب والمعاقب عليها – طبقاً لحجم الأعمال المنفذة، بغية ضمان القيام بالواجبات، والوقوف عند معوقات التنفيذ.
عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية