الخلافات بين نداء تونس والشاهد تتصاعد
دعا حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب نداء تونس إلى عقد مؤتمر للحزب، وأبلغ رئيس الوزراء يوسف الشاهد موقف الحزب الرافض لبقائه رئيساً للحكومة، فيما يقود الشاهد جهوداً لاستقطاب كتلة النداء بالبرلمان وعدد من قيادات النداء المنشقة، ما بدا مؤشرا قوياً على أن الصراع بين الرجلين وسياسة لي الذراع بلغت ذروتها.
وفي رسالة وجهها إلى الندائيين عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، حث حافظ السبسي على “الانطلاق في بداية الإعداد للمؤتمر الانتخابي القادم كمحطة مهمة لمواصلة بناء الحركة على أسس ديمقراطية”، وقال: إن “الحزب سيخرج منتصراً موحّداً من الأزمة التي يشهدها تماماً كما حافظ على موقعه الريادي طيلة المراحل السابقة رغم الهزات والمصاعب”، في إشارة إلى مساعي الشاهد لاستقطاب الشق الموالي له.
وجاءت دعوة ابن السبسي لعقد مؤتمر في أعقاب اجتماع الشاهد مع كتلة النداء بالبرلمان يوم الخميس في محاولة لاستمالتها وكسب ثقتها في حال ترحيل ملف بقاء الشاهد من عدمه إلى البرلمان في ظل تمسك خصومه من الندائيين برحيله.
وكان الشاهد أجرى الأربعاء لقاء بأعضاء الحكومة المنتمين للنداء وعدد من نواب الحزب ساعياً إلى تخفيف الضغوط عليه وكسب تأييدهم له.
ووفق بيان لرئاسة الحكومة، بحث اللقاء “توحيد الحزب والاستقرار السياسي بالبلاد والإصلاحات الاقتصادية الكبرى والاتفاق على ضرورة تجميع كل النوايا الصادقة للمحافظة على حزب النداء”.
ورأى مراقبون في اللقاء وتركيز الشاهد على توحيد الحزب وتجميع النوايا الصادقة للمحافظة على النداء رسالة واضحة تروج للشاهد في صورة القيادي الذي يراهن على وحدة النداء في مواجهة سياسة شق حافظ السبسي التي فرضت مغادرة قيادات بارزة مثل لزهر العكرمي ورضا بالحاج.
ويبدو أن اللقاء لم يكن في مستوى تطلعات الشاهد إذ أعلن منجي الحرباوي الناطق باسم الحزب أنه تم إبلاغه موقف الحزب الرافض لبقائه رئيساً لحكومة حتى 2019، التي من المقر أن تجرى فيها الانتخابات التشريعية والرئاسية.
واعتبر حافظ السبسي أنه منذ العام 2012 تاريخ تأسيس النداء “أصبح الحزب رقماً أساسياً فاعلاً في المشهد ومحدداً في مسار الانتقال الديمقراطي كدعامة للتوازن السياسي وإطار لتجميع القوى المؤمنة بالمشروع الوطني الديمقراطي الوسطي المنحاز لمكاسب دولة الاستقلال والمتطلع لمستقبل أفضل لفائدة الشعب التونسي”، وأضاف: إنه “بعد 6 سنوات من إطلاق الحزب، نقف اليوم في ظروف صعبة بسبب محاولة استهداف حركة نداء تونس لإضعافها وبث الفرقة والاختراق في سياق أزمة سياسية شاملة تعرفها البلاد”.
وجاءت هذه التصريحات، كما يذهب إلى ذلك محللون كرد على الشاهد الذي كان اتهم حافظ السبسي بتدمير الحزب وبتدمير مؤسسات الدولة وأجهزتها وبث الفرقة وتعميق الخلاف.
وأثار لقاء الشاهد بالندائيين غضب حافظ السبسي حتى أنه بات يقود جهوداً موازية لجهود الشاهد من خلال لقاءات ومشاورات مع القيادات التي انشقت من الحزب غضباً على رئاسته للحزب وعلى ما يقولون استئثاره بالقرارات وغياب الممارسة الديمقراطية.
وكشف الحرباوي أن النداء “انطلق في إجراء مشاورات واضحة مع أطراف سياسية واجتماعية وشخصيات وطنية فاعلة من أجل إنقاذ البلاد من الأوضاع المقلقة”، ووصف حكومة الشاهد بـ “حكومة النهضة”، مشدداً على أنها أصبحت “حكومة الدعم مقابل المساندة”، في إشارة إلى دعم الشاهد للنهضة مقابل مساندتها لبقاء الشاهد رئيساً للحكومة، وتابع: إن كل التعيينات التي يجريها الشاهد سواء مواقع القرار السياسي والإداري أو في مفاصل الدولة وفي المواقع الحساسة تؤكد أنها لفائدة النهضة.
وكشف الحرباوي أن الأزمة السياسية فرضت على النداء الانطلاق في مشاورات واسعة مع كل الأطراف الفاعلة لإيجاد ميثاق وطني بما من شأنه أن ينقذ البلاد.
وفي نوع من التحدي توجه حافظ السبسي إلى الشاهد بالقول بأن النداء “خاض الانتخابات البلدية وحصد 1500 مستشار بلدي وهو يحمل أمام الشعب حصيلة حكومة لم تحقق أي منجز إيجابي لفائدة الشعب التونسي وتحملت المسؤولية رغم أنها كانت شريكاً في الحكم وليست صاحبة القرار الكامل فيه”.
ويبدو، كما يذهب إلى ذلك محللون سياسيون أن تأخذ سياسة لي الذراع بين الشاهد وحافظ السبسي خلال الأيام القليلة القادمة نسقاً تصاعدياً خطيراً قد يقود إلى انسحاب كتلة النداء من البرلمان.
وقال حسان القصار أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة التونسية والناشط في المجتمع المدني: إن” مرحلة لي الذراع بين النداء والنهضة بلغت ذروتها”، وذهب إلى القول: إن الأزمة السياسية للنداء ستلقي بتداعياتها السلبية في حال إقدام الشاهد على تعديل وزاري.
وتتحدّث الأوساط السياسية عن أن الشاهد يمسك بيده ورقة يراهن عليها في التخفيف من ضغوط حافظ السبسي وتتمثّل في تشكيل حكومة تكون أكثر انفتاحاً على القوى السياسية والمدنية والشخصيات والنشطاء الفاعلون.
غير أن ورقة حافظ السبسي السياسية تبدو غير مضمونة في ظل تمسك غالبية الندائيين والأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج وغالبية الأحزاب السياسية برحيله.
ولا تتردد القيادات الندائية التي تنتمي لشق حافظ السبسي بوصف الشاهد بـ”الرهينة لدى النهضة”، مشددة على أنه “يسمح بأن تصاغ قرارات الحكومة في المقر المركزي لحركة النهضة”.
ولا يستبعد مراقبون أن تدفع ضغوط حافظ السبسي بالشاهد إلى الهروب إلى الأمام من خلال تشكيل تركيبة حكومية جديدة مستفيداً من الغطاء السياسي للنهضة له ومساندته بشكل لافت.
غير أن المراقبين يشددون بالمقابل على أن أي حركة تتصل بالشأن الحكومي بما فيها إجراء تعديل وزاري لن تقود سوى إلى مزيد من تعميق الأزمة السياسية وإضعاف الشاهد الذي بات لا يحظى بأي غطاء سياسي عدا غطاء النهضة.