“شوفوا” التجار!
لا أحد ينافس المواطن “بالنقّ” أكثر من التجار!!
هذا ما يكتشفه بسهولة كل من يتابع الاجتماعات التي يحضرها التجار وخاصة من يحتكر استيراد بعض المواد الأساسية..!
والاجتماع السنوي الأخير للهيئة العامة لغرفة تجارة دمشق يعد نموذجاً للشكوى أو “النقّ”..!
ومن لا يعرف واقع الحال ويكتفي بما يقال في اجتماعات كهذه يظن أن التجار في حالة يُرثى لها.. أكثر من خمسة ملايين أسرة يعاني معظمها الأمرّين لتأمين مستلزمات عيشها اليومية..!
التجار يطالبون من جهة بتحرير المستوردات أي الحد من سياسة الترشيد ما أمكن طالما إلغاؤها غير وارد حالياً، ومن جهة أخرى لا يزالون “ينقّون” ويتذمرون من إلزامهم بتخصيص 15% من مستورداتهم لمؤسسات التدخل الإيجابي..!
وسبب تذمرهم ليس تعرضهم لخسائر مادية من جراء هذا القرار، فهم يضيفون ما يعادلها على كلف الاستيراد والبيع بالجملة والمفرق لنسبة الـ85% التي يطرحونها في الأسواق..!
التذمر والنق من نسبة الـ15% يعود لحرمانهم من احتكار المستوردات والتحكم بأسعارها بنسبة 100% ..!!
ولم يتردد بعض التجار بوصف قرار فرض نسبة الـ15% على مستوردات القطاع الخاص التي تباع للصالات الحكومية بــ(الظالم).. وكأنهم يقولون للجهات الحكومية: لماذا تمنعوننا من الاحتكار الشامل..؟
وإذا كان قرار بيع نسبة من المستوردات الخاصة بأقل من سعر التجار في السوق ظالم.. فبماذا يمكن وصف رفع التجار للأسعار وتلاعبهم بسعر الصرف وحرمان ملايين المواطنين من الحصول على احتياجاتهم اليومية..؟!
وإذا كانت جهة ما وعدت التجار بإلغاء نسبة الـ15% قريباً.. فإننا نأمل من رئاسة الحكومة أن تحسم الأمر وتؤكد أن لا عودة إلى هذا القرار لأنه في مصلحة المواطن..!
واللافت أن يصل مستوى النق إلى الأجهزة الحكومية الرقابية حيث تجرأ بعض التجار على الجهاز المركزي للرقابة المالية زاعمين أنه يخالف القوانين والدستور.. فهل هذا الاتهام حقيقة أو مجرد نقّ..؟
نأمل أن يطلب الجهاز بصورة رسمية مساءلة أصحاب هذه الاتهامات إذ لا يجوز أن تمر بسلام وكأنها لم تكن..!
ولا يزال الدولار الشغل الشاغل للتجار ويطالبون بحرية تامة في حيازته والحصول عليه بسهولة دون قيود، وكأنّ لا يد لهم بالتلاعب بسعر صرفه على مدى سنوات الأزمة..!!
طبعاً لا ينق التجار من السماح بحيازتهم لعشرات ملايين الدولارات، وإنما يريدون التعامل به علناً لا سراً في تعاملاتهم التجارية، ولولا الخجل لطالبوا التعامل به في عمليات البيع والشراء في الأسواق، أي ما يمكن تسميته بـ”دولرة الاقتصاد”..!
بالمختصر المفيد: يقول بعض التجار إنهم يتعرضون للابتزاز ودفع الرشاوى من خلال عبارة (شوفوا الشباب).. ونحن نقول للجهات المعنية باسم ملايين المواطنين الذين يتعرضون لظلم واحتكار وجشع المستوردين: شوفوا التجار..!!
علي عبود