صحيفة البعثمحليات

كيف ولماذا الانتظار؟!

 

على مدى سنوات الحرب السبع الماضية شهدنا تشكيلاً وتعديلاً لأكثر من حكومة، وفي كل مرة يزداد الأمل بتغيّر الأداء والارتقاء به نحو الأفضل في ظل ظروف البلد الصعبة التي تحتاج لتعامل إداري وخدماتي استثنائي، هكذا منطق التغيير يقول أو يقتضي، لكن ما حصل كان عكس ذلك، حيث اقتصر التغيير في جزء كبير منه على تبديل الأشخاص وبقيت الآليات والهيكليات كما هي تجتر نفسها بدليل أننا لم نشعر كثيراً بالفارق الإيجابي، أو بالتطور بشكل مقنع لجهة حل المشكلات أو الأزمات الداخلية، ولعل استمرار العديد منها أكبر برهان! حيث في كل تغيير أو تعديل حكومي كنّا ننتظر أن نلمس التطور التدريجي وتصحيح الخلل وتجاوز السلبيات ومكافحة الفساد الإداري ولو في الحدود المقبولة التي تعطي الأمل بالأفضل تماشياً مع مشروع الإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد الرئيس بشار الأسد، وفق مسار متكامل يعتمد تتابع المراحل وتلاحق الخطوات الإيجابية ذات التماس المباشر مع المواطن.
في مؤتمر (المشروع الوطني للإصلاح الإداري) الذي عقد مطلع العام الجاري وبحث في مقومات النجاح في سورية ما بعد الحرب، كان واضحاً الدعوة العاجلة لإحداث تغيير كبير للهيكليات والأنظمة الإدارية وصولاً إلى طرائق التفكير في حل العقد، فاليوم لم يعد مقبولاً حل المشاكل بعقلية تقليدية مملة تعتمد على الاجتهاد أو التجريب بوضع حلول فضفاضة لا يمكن التعويل عليها في مكافحة منظومة الفساد الذي بات واضحاً ولا يحتاج لـ “تلسكوب” لاكتشافه!
بالتأكيد لن نكون هنا جاحدين لننكر وجود بعض الانفراجات لجهة الكهرباء والمحروقات، لكن الألم الأكبر والمزعج للمواطن بقي على حاله، بل تورم أكثر، ونعني به مشكلة ارتفاع الأسعار التي تجاوزت حدود المعقول، والمحزن أن الحكومات المتعاقبة عجزت عن وضع حد لذلك، وفشلت باختراع طريقة لإصلاح الرواتب والأجور التي باتت مطلباً ملحاً وضرورياً لخلق نوع من التوازن بما يتناسب مع غول الغلاء!
بعد كل هذا أليس من حق المواطن أن يسأل اليوم عن سر غياب البرامج التنموية الصالحة للعمل لسنوات قادمة باعتماد أنظمة وقوانين مرنة، ولماذا الإصرار فقط على تبديل الأشخاص بعيداً عن اتباع المسارات المتكاملة ذات الخطوات المحسوبة بشكل صحيح؟!
البلد مليء بالموارد البشرية والاقتصادية والمرحلة حساسة تحتاج إلى قرارات جريئة وتوليفة محكمة وفق خارطة طريق واضحة المعالم تؤسس لانطلاقة قوية للغد، والسؤال: كيف ولماذا الانتظار؟!
غسان فطوم
ghassanftom@gmail.com