اقتصادصحيفة البعث

يوم يُسحب البساط ..!؟

بعد معاناة طويلة ومريرة، شهد فيه كل أصناف التفشيل والتهميش ووضع العصي في عجلاته.. مرَّ بها قطاعنا الصناعي العام بمؤسساته وشركاته، الذي وبعد محنة الثمانينيات كان طوق النجاة، إلى جانب القطاع الزراعي، لقراراتنا السيادية، ما مكن سورية أن تضرب بيدها على طاولة لعبة ومصالح الأمم، وتقول: أنا هنا..!؟
ومن يومها كانت تلك الضربة.. بمثابة جرس الإنذار للمتربصين بها والساعين للنيل منها ومما حققته.. وها هي ذي السبع سنوات الماضية شاهدته، على ذلك.
اليوم وبعد مخاض وعصف فكري، تحاول حكومتنا بوزارة صناعتها (ولا ندري إن كان المقترح أو القرار قرارها، أم من غيرها ولأجله..!؟)، التسويق والترويج بالتمهيد لتقبل فكرة “تحويل بعض الشركات الحكومية الصناعية إلى شركات قابضة”..!؟
وبين الاندفاعة الإيجابية للوهلة الأولى، التي قد تصيب أحدنا تفاؤلاً بفكرة هذا التحول والتحويل، وبين ما قد يصيبنا من “فرملة ” تحد من هذه الاندفاعة، بعد أن نعطي للعقل حقه في التفكر والدراسة والاطلاع على ما يعني تحويل شركات قطاعنا الصناعي العام إلى شركات قابضة..
بين الحالتين، نكاد نصاب بحالة من فقدان الوزن الإداري، نتيجة لعدم وضوح الأهداف أو الغايات المتلطية خلف هذا التحويل، وسببها الأهم هو غياب الصراحة والشفافية في مبررات هذا التحول، الذي وبما سيكون لـ”القابضة” من مزايا ستضفي عليها أهمية خاصة، حيث زاد الإقبال عليها -وخاصة في السنوات العشر الماضية- في دول أوروبا وبعض الدول العربية.
هل هو تقليد لتلك الدول..؟! وإن كان كذلك، فهل أحوالنا وظروفنا وإمكانياتنا وما نطمح ونسعى إليه، بمثلها..؟! بالتأكيد لا مطلقاً.. وعليه هل ننجح في هذا التحول..؟ وهل نستطيع ومن ثم سنتمكن من تحقيق ما أعلن عنه مؤيدو هذا التحول من فوائد..؟!
أسئلة برسم المجهول من النتائج.. إذ إننا نشاطر وبقوة رأي بعض الخبراء الاقتصاديين القائل: “إنه لا يهم تحويل شركات القطاع العام إلى شركات قابضة، بقدر أهمية تفعيل أدائها وتوفير البيئة المناسبة لها عبر إعطائها المزايا والإعفاءات المقدمة إلى القطاع الخاص سواء أكانت شركة قابضة أم أحد أنواع الشركات المتضمنة في قانون التجارة..”.
كما نشاطر بعضهم الآخر في “أن تطبيق فكرة الشركات القابضة في الظرف الراهن وحتى ضمن أوقات الاستقرار صعب التحقق لجهة أنه لا يمكن تحقيق الجدوى الاقتصادية والاجتماعية المرجوة في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر ولاسيما أن فترات الركود الاقتصادي يشوبها علاقات اقتصادية غير سليمة، أكثر من فترات التنافس الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي”.
ولو اطلعنا على المختلط والمتداخل في الفائدة من الشركة القابضة، وبما بين سطورها من مأخذ عليها، والذي يمكن تشبيهه “كالسم في العسل”، لحككنا الرأس، حول ما يجري..!
وهنا لا بأس الإشارة إلى بضع من “ميزات” هذا النوع من الشركات، ومنها مثلاً السرية: حيث يمكن إخفاء حقيقــة مركزها المالي عن الجمهور، فتتجنب الضغينة والشعور الوطني المعادي، كما أن ميزة السرية توفر للشركة القابضـة القدرة على التلاعب في علاقاتها العقدية مع الشركات التابعـة.
أما ميزة اللامركزية في الإدارة فهي من أهم مزايا الشركة القابضة، وهي الانفصال التام بين الشركات التابعة، من حيث مجلس الإدارة ومفتش الحسابات ومنظمو الحسابات، إذ تقوم الشركة القابضــة بتخصيص كل شركة من الشركات التابعة بمرحلة من مراحل الإنتاج وتكون جميعها مرتبطة فيما بينها تحت سيطرة وإشراف الشركة القابضــة.
بينما الذي يستحق التوقف عنده أكثر، فهو ميزة سهولة التخلص من الملكية: أي التخلص بشكل سهل من أية شركة تابعة أو من مجموعــة شركات دفعة واحدة إذا كان ذلك مرغوباً به..!
هذا ناهيكم عن تعريف الشركة القابضة والقائل: إنها شركة لها موضوع حصري مالي أو إداري، يكمن في أخذ إدارة المشاركات في الشركات الأخرى بغية السيطرة عليها، ما يعني عدم امتداد عملياتها إلى النشاطات الصناعية والتجارية..!
ومن البساطة في إقرار هذا الأمر.. نستبق محذرين من أن يأتي يوم يُسحب البساط من تحت “عامنا”..!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com