تحرير مطار الحديدة بالكامل.. وانهيارات واسعة في صفوف تحالف العدوان
بعد فشله في تحقيق أي من أهداف عدوانه على الشعب اليمني منذ آذار عام 2015 سخّر تحالف العدوان السعودي مؤخراً ماكينته الإعلامية للحديث عمّا سماه تحقيق نصر له في مدينة الحديدة غرب اليمن بعد أن حوّل أحياءها وشوارعها ومرافقها الصحية إلى أهداف لغارات طيرانه مخلّفاً دماراً واسعاً ومزيداً من الضحايا والجرحى بين أهلها.
منظمة الصحة العالمية، حذّرت من عواقب تصاعد الهجمات على المدينة منذ أسبوع، مؤكدة أنها تهدد السكان بشكل مباشر، كما تهدد أغلبية اليمنيين المعتمدين على الإمدادات الحيوية من مواد طبية وغذائية تدخل عبر ميناء الحديدة، بينما عبّرت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن خشيتها من وقوع عدد كبير من الضحايا في الحديدة، في الوقت الذي يهدد فيه شبح المجاعة نحو ثمانية ملايين من سكان اليمن جراء تواصل العدوان.
أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي حذّرت أيضاً من خطورة استهداف البنى التحتية الأساسية في الحديدة بما فيها شبكات توزيع المياه والكهرباء التي لا غنى عنها لبقاء السكان على قيد الحياة، فقد أكدت أن المعارك في الحديدة تسببت بحدوث وضع كارثي ستنتج عنه مغادرة عشرات آلاف السكان من المدنيين.
وكشفت إحصائيات رسمية يمنية سابقة في الذكرى الثالثة للعدوان أن عدد الضحايا المدنيين جراء العدوان السعودي بلغ نحو 600 ألف يمني ما بين شهيد ومصاب ومريض، بينهم أكثر من ربع مليون طفل، بينما وصل عدد النازحين إلى قرابة ثلاثة ملايين، ولم تسلم البنى التحتية بما فيها المنشآت الطبية والموانئ والمطارات من وحشية العدوان الذي تسبب بوضع أكثر من 8 ملايين يمني على خط الجوع من بين أكثر من 20 مليون نسمة بأمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية ومليون شخص يعانون من داء الكوليرا بينما لا يزال ملايين آخرون مهددين بالإصابة.
وبالتوازي مع الحملة العسكرية تتعرّض مدينة الحديدة لحملة تضليل إعلامية، حيث روجت وسائل الإعلام التابعة للعدوان السعودي أن مرتزقته تمكّنت من الوصول إلى مطار المدينة، وأن التقدم مستمر نحو المدينة ومينائها، وهذا ما تم نفيه لاحقاً من قبل مصدر يمني أكد أن هذا الإعلان كذب وتضليل للرأي العام، هدفه التغطية على حجم الخسائر الكبيرة التي منيت بها قوات العدوان التي حاولت التقدم لاحتلال مطار المدينة.
أما ادعاء وزير الدولة للشؤون الخارجية الاماراتي أنور بن محمد قرقاش الذي اعتبر في تغريدة له على تويتر أن احتلال مدينة الحديدة من قبل التحالف، الذي تشارك فيه بلاده بقوة، “هو بداية النهاية للحرب في اليمن”، فقابله تأكيد قائد حركة أنصار الله في اليمن عبد الملك الحوثي “أن الهدف الرئيسي من العدوان على الشعب اليمني هو السيطرة الكاملة على اليمن أرضاً وإنساناً، وفي المقدمة الجزر والسواحل والموانئ ومضيق باب المندب”، وأشار إلى أن قوى العدوان ألقت بكل ثقلها في معركة الساحل الغربي، وأنفقت مليارات الدولارات في سبيل حسم هذه المعركة والاستفادة من العوامل الجغرافية في المنطقة، كونها منطقة مكشوفة، لكنها منيت بخسائر كبيرة على مستوى العتاد، تمثّلت بمئات الآليات العسكرية وعدد من البوارج والطائرات وآلاف القتلى، منهم قيادات عسكرية بارزة وبينهم ضباط إسرائيليون وأمريكيون.
وفي هذا السياق، قتل 23 من مرتزقة العدوان السعودي وأصيب 18 آخرون في عمليتين نوعيتين للجيش واللجان الشعبية اليمنية في الساحل الغربي لليمن تمكّنت خلالهما أيضاً من تدمير سبع آليات عسكرية، وقال مصدر عسكري: “إن الجيش واللجان الشعبية نفذوا عمليتين سيطروا خلالهما على منطقتي المجيليس في التحيتا والمشيخي على الساحل الغربي، وتمكّنوا من قتل 23 من مرتزقة العدوان وإصابة 18 آخرين، كما تمّ أسر ثلاثة منهم وتدمير سبع آليات واغتنام اثنتين”، وأكد استمرار العمليات النوعية للجيش اليمني واللجان الشعبية، لافتاً إلى أن أي تطوّر وتصعيد من قبل تحالف العدوان في أية جبهة، وخصوصاً في الساحل الغربي، سيواجه بما يناسبه من العمليات والسلاح.
إلى ذلك، نشر الإعلام الحربي صوراً للمرة الأولى للمعارك التي شهدها مطار الحديدة غرب اليمن بين الجيش اليمني واللجان الشعبية وقوات العدوان السعودي، وقال الناطق باسم أنصار الله محمد عبد السلام: إن “العدوان فشل في تصعيده الأخير في جبهة الساحل الغربي اليمني”، مضيفاً: “حملة العدو الإعلامية ارتدت عليه فضيحة تكفي لأن يعترف بهزيمته ويخرج من اليمن”.
ولفت عبد السلام إلى أن “تعاطي صنعاء الإيجابي مع الأمم المتحدة بشأن إيرادات ميناء الحديدة كانت كافية، لكن العدو قرّر الاستمرار بحماقته”.
وكان عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي أكد أنّ “مطار الحديدة بات محرّراً بالكامل من قوى العدوان بعد فشلها في السيطرة عليه”، وأضاف: إنّ “الجيش واللجان يستمرون بمهاجمة التحالف على الخط الساحلي”، مشيراً إلى أنّ “قوات التحالف تواجه حالة انهيار واسعة بسبب هجمات الجيش واللجان”، وذكر أنّ قوات التحالف السعودي ابتعدت عن مطار الحديدة بعد فشل عدوانها، مضيفاً: إن الأخيرة اعتمدت قصفاً جوياً غير مسبوق على المطار.
وفي هذا السياق، نوّه البخيتي إلى أنّ مقاتلي الجيش واللجان صمدوا رغم كثافة قصف التحالف السعودي على مطار الحديدة، مؤكداً أنه “على قوى العدوان أن تعلم أن الحسم العسكري غير ممكن، ونحن جاهزون لسلام شامل لا ينتقص من كرامتنا”.
ولفت عضو المكتب السياسي لأنصار الله أيضاً إلى “أننا لسنا بحاجة جميعاً لتقديم تنازلات، وعلينا العودة إلى طاولة الحوار، ولا نريد الاستفراد بالقرار”، معرباً عن الاستعداد لطيّ صفحة الماضي حتى مع الذين خانوا وطنهم، وتابع قائلاً: إنّ “وحدة الموقف في اليمن سيجعله أقوى بلداً في المنطقة”، ورأى أنّ السعودية والإمارات تعتمدان أسلوب تعامل سيئ مع المغتربين اليمنيين الذين يتم استهدافهم، لافتاً إلى أنّ المشكلة تكمن في وجود القيادات السياسية في المملكة، حيث تعتبر محتجزة وقرارها مصادر، وأضاف: إنّ السعودية والإمارات ترفضان الاعتراف بأنهما طرفان في الصراع، علماً أنهما مسؤولان عن العدوان، قائلاً: إنّ “العدوان لم يأتِ لمصلحة أحد، وإنما استهدف الجميع، وأظهر أطماع السعودية والإمارات في بلدنا”، ودعا الأطراف السياسية إلى الجلوس على طاولة الحوار لحل مشاكل اليمن.
يذكر أن البخيتي أكد في وقت سابق عدم صحة ما تمّ تداوله عبر وسائل إعلام خليجية وغربية عن سيطرة قوات التحالف السعودي على مطار الحديدة. وفي تسجيل مصوّر له من داخل المطار، شدد على أن “قوى العدوان لم تسيطر لا كلياً ولا جزئياً على المطار”، مضيفاً: إن “هناك زحوفاً متكررة وتكثيفاً للغارات الجوية على جبهة لا يتعدّى طولها 8 كيلو مترات.
وكان زعيم حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي قال الأربعاء: إن الحديث عن تهديد عمليات الجيش واللجان الشعبية للملاحة البحرية “سخيفٌ ولا أساس له من الصحة”، كما أعلن الاستعداد لوقف استهداف القطاع البحري للتحالف السعودي مقابل وقف العدوان.
من جهته، ذكر رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن محمد علي الحوثي أن هناك مؤشرات قوية ترجح خروج دول أخرى من التحالف السعودي بعد ماليزيا.
وكان وزير الدفاع الماليزي محمد سابو، قال: إن بلاده تدرس فكرة سحب القوات الماليزية من التحالف، وأضاف: إن الحكومة الماليزية لا تريد التورط في الصراعات الدائرة في الخليج إلا تحت إطار الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن اليمن بلدٌ إسلامي، لا ترغب بلاده المشاركة في مهاجمته.
بالمقابل، استشهد أربعة يمنيين وأصيب ستة آخرون في غارتين لطائرات العدوان السعودي على محافظة صعدة، وقال مصدر أمنى: “إن طيران العدوان شن غارتين على منزل مواطن بمنطقة غافرة في مديرية الظاهر، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص بينهم نساء وأطفال وإصابة 6 آخرين بجروح”، وأشار إلى أن الغارتين أسفرتا أيضاً عن تدمير المنزل وتضرر ممتلكات المواطنين المجاورة.