في ضربة للنهضة.. اتفاق بين نداء تونس واتحاد الشغل على تغيير شامل للحكومة
في خطوة وصفها مراقبون ببداية تشكّل خارطة تحالفات سياسية ومدنية تونسية جديدة بعيداً عن حركة النهضة الإخوانية، أعلن نداء تونس أنه توصل مع اتحاد الشغل إلى اتفاق يقضي بتغيير شامل وعميق للحكومة.
وقال بلاغ صادر عن النداء: إن كل من حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي للنداء ونور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل التقيا في مقر المركزية النقابية، واتفقا على “ضرورة إيجاد حل سريع يمكّن من وضع حد للأزمة التي تواجهها البلاد من خلال تغيير عميق وشامل للحكومة بغرض الشروع في الإصلاحات”.
وأضاف البلاغ، الذي حمل توقيع حافظ السبسي: إن النداء “لمس استعداد اتحاد الشغل الانفتاح على الإصلاحات الضرورية الممكنة شريطة وجود الأطراف الحكومية الجادة والأطراف السياسية القابلة للتضحية الجماعية”.
ويعد الاتفاق الأول من نوعه لكونه أشار أولاً على استبعاد حركة النهضة، وثانياً على تقارب بين النداء والاتحاد في أعقاب تصعيد انتهجه نور الدين الطبوبي خلال الأسابيع الماضية ضد حكومة يوسف الشاهد التي يقودها النداء.
وجاء الاتفاق في أعقاب لقاءات ومشاورات قادها اتحاد الشغل خلال الأيام الماضية مع غالبية القوى السياسية والمدنية الديمقراطية.
ويستبطن الاتفاق، كما يذهب إلى ذلك محللون سياسيون، ضرورة تجاوز الخلافات وبناء تحالف سياسي مدني من شأنه أن يساهم في حلحلة الأزمة السياسية بالبلاد وسط خروج النهضة عن حالة الإجماع بين الأطراف الموقّعة على وثيقة قرطاج2 من خلال تمسّكها بالشاهد رئيساً للحكومة.
وقال البلاغ: إن الاتفاق يهدف إلى “الشروع في الإصلاحات بما يساعد على المضي قدماً في تحقيق نمو حقيقي ودائم والسيطرة التدريجية على نسب التضخم والبطالة”. وتصل نسبة التضخم وفق بيانات حكومية إلى أكثر من 7 بالمئة، ما عمّق المقدرة تدهور المقدرة الشرائية للتونسيين، فيما تبلغ النسبة العامة للبطالة أكثر من 15 بالمئة.
وأكد البلاغ أن الاتحاد “شدد على تمسكه بوحدة الصف الوطني والانحياز التام للقضايا الأساسية للشعب بعيداً عن كل التجاذبات السياسية المفتعلة وبعيداً عن كل المعارك الشخصية التي يريد البعض التسويق لها على حساب المصلحة العليا للوطن”.
ورأى خليل الرقيق، المحلل السياسي، أن “البلاغ يحمل رسالة مزدوجة موجّهة الأولى إلى حركة النهضة، ومفادها أن كلاً من النداء والاتحاد لن يرضخا لسياسة المساومة والابتزاز، والرسالة الثانية موجهة للشاهد، ومفادها أن ارتهانه للنهضة لن يحول دون رحيله وتركيز تركيبة حكومية جديدة تحظى بثقة الحزب والقوة المدنية الأولى بالبلاد”، وشدد على أن “الخاسر الوحيد من الاتفاق هي حركة النهضة التي خرجت على الإجماع الوطني بشأن رحيل الشاهد”، لافتاً إلى أن “الاتفاق يمكن أن يكون بداية بناء تحالفات بين المركزية النقابية وعدد من الأحزاب المدنية والعلمانية التي تؤسس المشهد السياسي المتعدد فكرياً وسياسياً”.
وجاء الاتفاق، الذي من شأنه أن يحلحل الأزمة السياسية، ويخفف حالة التوترات، ليكسر شوكة النهضة، ويحبط مساعيها القاضية بترحيل ملف الشاهد إلى البرلمان.
ويحمّل مراقبون النهضة مسؤولية تفاقم الأزمة في ظل سياسة المخاتلة والمناورة التي ما انفكت تقودها في تعاطيها مع ملفات الأوضاع العامة وفي مقدمتها الأزمة الهيكلية.
ويذهب المراقبون إلى حد وصف الاتفاق بأن “بداية تشكل جبهة وطنية مدنية ديمقراطية تتبنى مشروعاً ديمقراطياً يقطع الطريق أمام مشروع النهضة.
وقال محمد الكيلاني الأمين العام للحزب الاشتراكي: “إن النهضة وقفت طيلة السنوات الثماني الماضية ضد توحّد الأحزاب الديمقراطية ضمن قوة واحدة”، وأضاف: “إن النهضة بذلت وتبذل جهوداً كبيرة لـ”فرملة” مسار الانتقال الديمقراطي في مسعى إلى فرض مشروعها على التونسيين ولي ذراع الديمقراطيين، ما قاد إلى تشتت القوى الديمقراطية”.
وتقول حركة النهضة: إن تمسّكها بالشاهد رئيساً للحكومة، مرده حرصها على الاستقرار السياسي بما من شأنه أن يساهم في أكثر ما يمكن حظوظ نجاح الإصلاحات، حسب زعمها، غير أن العارفين بالشأن التونسي يشددون على أن “يافطة الاستقرار السياسي” تخفي وراءها مساومة الحركة من خلال مقايضة تعديل موقفها شرط فرض أجندتها.
ويرى الرقيق أن الاتفاق يشي بإعادة رسم الخارطة السياسية بما يعزّز تقارب النداء مع مختلف القوى السياسية والمدنية، ويكسر شوكة النهضة التي نخرت مفاصل الدولة، ويضيف: “حان الوقت للحسم بين المشروع الوطني الحداثي الذي تتبناه غالبية القوى المدنية والسياسية وبين مشروع الإسلام السياسي الذي تسعى النهضة إلى فرضه على التونسيين”.