مؤتمنو الإغاثة..
عندما كلفت وزارة الإدارة المحلية بملف الإغاثة عوضاً عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قبل سنوات كان التوجه تقنياً بحتاً ومؤسساتياً يرمي إلى توسيع مظلة تكليف المحافظين بمتابعة الملف الإغاثي، على اعتبار أن وزارة الإدارة المحلية تشرف على المحافظين وأدائهم، إلا أن ذلك لا يعفي الملف الآن وسابقاً على مدار سنوات الأزمة من النقد الذي طال عمليات إدارة “المساعدات” الحكومية والمنظماتية والأهلية حيث وصلت أكداس الشكاوى والطعون والتشكيك إلى سوية طافت بها وسائل الإعلام والجهات الرقابية والتفتيشية لدرجة لم يعد بالإمكان إخفاء فداحة ما سجل من تجاوزات ومخالفات وفساد طويل عريض..؟
إنه فساد لجان الإغاثة ومؤتمني الحصص الغذائية وأصحاب الحظوة ومعهم مستثمرو العمل الخيري والإنساني حيث وصلت الأمور إلى درجة الاعتراف بالحقائق دون القفز فوقها..! واليوم كما من قبل يضج الشارع بالحديث عن لجان الإغاثة التي مارست ارتكابات ولم تزل، والمواطن والمسؤول يشاهدان كيف يحصل غير المستحق على الدعم والسلل الغذائية والمواد الحياتية والمساعدات الأممية والمحلية، أما المستحق فيقع في دوامة الانتظار ريثما يشفق القائمون على المهجر والنازح والهارب من الدمار واللاجئ إلى مراكز الإيواء وحتى ذوي الشهداء سرقت مخصصاتهم “بمعية مدعي الوطنية”.
لا تحتاج المسألة لكثير من التقصي فمشهد الطوابير وفصول التلاعب وسرقة المخصصات والمتاجرة والسمسرة وإساءة الائتمان والأهم الدوس على الأخلاق والحرمات المعيشية والطبية هو أرشيف حي تابعناه في سياق تسجيل يوميات انتظار المواطن المستحق مقابل تلبية أطماع المحسوبين والدسمين من الطامعين بلقمة الجائع من نازح وهارب ولاجئ حتى في أروقة مراكز الإيواء وأمام سيارات الهلال والصليب الأحمر.
لطالما قرأنا على صناديق الإغاثة عبارات عريضة من قبيل “غير مخصص للبيع”، ومع ذلك تجد رفوف الباعة والمتاجر متخمة بمواد الإغاثة، لتصل الأمور إلى افتراش الأرصفة وبيع السلل والمعونات على المفارق والطرقات في قلب المدن الرئيسية.
إنه من نافلة القول أن يأمل السوريون من وصائية الإدارة المحلية على الملف إدارة وسياسة وتطبيقات شمولية وإنجازاً ورقابة تصل إلى كل الجغرافيا على مساحة الوطن الذي يستأهل أبناؤه “الضحايا” رعاية وإغاثة تليق بتحدياته.؟؟ علماً أن الحكومة تتحمل العبء الأكبر من حجم المساعدات الإنسانية وبنسبة تصل إلى نحو 80 % “يسرق الكثير منها| في حين تبلغ نسبة مساهمة المنظمات الدولية في هذا المجال نحو 20 % ، إلا أن العيب فيما سوق من خطط لتحسين الأداء وتطويره في مجال الإغاثة ووضع في جميع المحافظات والذي حكي عن إطلاق نتائجه كثيراً ولم يتحقق منذ سنوات.
علي بلال قاسم