30 ألف مواطن في حيين بلا مدرسة.. والمحافظـــة غافلـــة عمـــا اســــتملكته
دمشق – ريم ربيع
لسنوات طوال بقي أهالي الحيين الشرقي والشمالي في معضمية الشام أكثر تضرّراً على خلفية التقاسم الإداري بين مدينة دمشق وريفها، ورغم المعاناة المتعددة الأوجه، إلا أن الأهالي لم يتوقفوا يوماً عن تقديم الطلبات والشكاوي على أمل تحسين الواقع الخدمي المزري في المنطقة كالمياه والصرف الصحي والكهرباء، ولعل أبرز هذه الطلبات إنشاء مدرسة لأطفالهم تقيهم مخاطر ومتاعب الذهاب إلى المناطق المجاورة وحتى إلى قلب دمشق، فمنطقتهم التي تعج بالساحات الفارغة لم تحظَ باستثمار إحداها وبناء مدرسة فيها، رغم تحويل عدد منها خلال السنوات الفائتة إلى تجمعات سكنية جديدة.
30 ألف مواطن في هذين الحيين يعيشون تحت وطأة القلق اليومي والتكاليف المرهقة لإرسال أطفالهم إلى مناطق أخرى كالسومرية أو المزة، حيث يستغل أصحاب وسائل النقل بُعد المدارس ويطالبون ب3500 ليرة وأكثر شهرياً لكل طالب، فالعائلة التي تضم ثلاثة أو أربعة طلاب يصل الإيجار الشهري لوسائل النقل فيها حتى 15 ألف ليرة شهرياً، أي نصف راتب الموظف العادي.! في حين يحاول بعض الأهالي التخفيف من هذه الأعباء خلال فترات الصيف والربيع من خلال إرسال أطفالهم سيراً إلى مدارسهم، متحملين مخاطر الطريق وارتفاع حرارة الطقس، بينما يرى البعض أن مشهد عشرات الطلاب كل صباح يسيرون ما يقارب 2 كم للوصول إلى مدارسهم غير مقبول، خاصة وأنهم مضطرون للمرور في كراج السومرية الذي يشكل الازدحام فيه خطراً على سلامة الأطفال.
ولا تقتصر هذه المعاناة على الطلاب وذويهم فقط، بل المدرّسين الذين كانوا يدرسون في مدارس المعضمية سابقاً وتم نقلهم فيما بعد إلى دمشق، يواجهون ذات المتاعب في التنقل والتكاليف العالية، ويطالبون بإنشاء مدرسة في الحي ومساواتهم بغيرهم من المعلمين الذين يدرّسون في أماكن إقامتهم.
ويشير رئيس المكتب الفني في بلدية المعضمية سليمان شاهين إلى أن أساس المشكلة يعود إلى استملاك محافظة دمشق لأراضي المنطقة منذ 1981 رغم أنها تتبع إدارياً للريف، الأمر الذي يحد من قدرة البلدية أو مجلس المدينة على القيام بأي مشروع من دون الرجوع إلى محافظة المدينة التي تركت المنطقة طيّ النسيان. ويلفت شاهين إلى الظلم الكبير الذي يلحق بهذين الحيّين فلا محافظة الريف قادرة على تحسين الحال، ولا المدينة التي وضعت إشارة الاستملاك ولم تقم بأي خطوة سوى الهدم تسعى إلى تحريك المياه الراكدة في المنطقة، مضيفاً أن عدد السكان الكبير في الحيّين يستحق مدرستين لمختلف المراحل وليس فقط مدرسة واحدة.
مختار الحيّ الشرقي والشمالي علي إبراهيم يؤكد أنه تم تقديم طلبات بالجملة للمحافظة بخصوص بناء مدرسة وتحسين الواقع الخدمي في المنطقة، وشُكِّلت لجنة من الحي اجتمعت بالمحافظ ومندوبي الجهات المسؤولة عن طلبات الأهالي كالتربية والنفط والمخابز والمياه والكهرباء، ورفعت جميع الطلبات للجهات المعنية، إلا أنها عادت مع عدم الموافقة بحجة ضعف الإمكانات واستملاك الأراضي لصالح مدينة دمشق، إلى جانب صدور كتاب من رئاسة مجلس الوزراء في نهاية 2016 منع إقامة المشاريع الجديدة حينها. ورغم الرفض المتكرر طالب الأهالي العديد من المنظمات كالهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية بتخفيف هذه المعاناة على الأقل لطلاب المرحلة الابتدائية، بلا أي رد إيجابي كونها منطقة مخالفات. ويلفت إبراهيم إلى التعاون الإيجابي من قبل رئيس البلدية ومجلس المدينة الذين يقدمون المساعدة لتأهيل المنطقة ضمن الإمكانات المتاحة.