اقتصادصحيفة البعث

فرص اســـتثمارية أســـهل تنـــاولاً.. تحتـــاج لتمكيـــن تحقيقهـــا

 

مند سنوات قليلة خلت أصبحت جميع قرى ومزارع وأحياء المحافظات السورية منضوية ضمن بلديات، ومن المفترض بل المتوجب أن تكون مجالس البلديات ومكاتبها التنفيذية معنية – بصيغة أو بأخرى – بكل ما من شأنه أن يخدم كامل قطاع البلدية، وخاصة فيما يخص مجمل الإجراءات الواجبة لتنشيط الأعمال الإنتاجية الموجودة ضمن قطاع البلدية، ما كان منها عائداً للقطاع العام أو القطاع الخاص أو المشترك أو التعاوني.

ويظهر واقع الحال أن ما من قطاع بلدية يخلو من مشاريع إنتاجية، بعضها متوقفة عن الإنتاج (أو مستثمرة بأقل من طاقتها) لسبب أو لآخر، معامل بلوك – مناشر ألمنيوم – محلات حدادة – معاصر – مناشر خشب – مداجن – أرض زراعية – محلات تجارية مغلقة..إلخ، وعلى الأغلب ليس لمجالس البلديات سلطة على هذه المشاريع، ومع ذلك لا تخلو ساحتها من بعض التهم الموجهة لها بهذا الشأن، ولكي تكون الإدارة المحلية معنية بالجوانب الإنتاجية والخدمية معاً، ومبرأة من أي قصور يخصها، حبذا أن تعمل وزارة الإدارة المحلية لتكليف مجلس كل بلدية بتقديم تقرير نصف سنوي عن واقع هذه المشاريع – بالتعاون مع إداراتها – يظهر واقعها الاقتصادي بجانبيه الإنتاجي والخدمي، مع الاقتراحات اللازمة لمعالجة معوقات العمل، واتخاذ الإجراءات الفاعلة باتجاه تنشيط المشاريع العاملة وتشغيل المتوقفة، وتوجيه مالكيها لتشغيلها خلال مدة معينة، أو النظر في إلغائها أو تغيير نشاطها، والموافقة على إحداث المشاريع الجديدة المطلوبة الإحداث، في ضوء الجدوى الاقتصادية المضمونة، بالترافق مع تحقق الشروط القانونية والبيئية.

ولما كان لكل قطاع بلدية أوضاعه الخاصة، بشأن المشاريع التي تتناسب مع واقعه الجغرافي والبيئي والإنتاجي والتسويقي والاستهلاكي، في ضوء الواقع العام للمحافظة ولبقية المحافظات، فلتكن الإدارة المحلية هي الناظم الإداري الأعلى لإحداث وتشغيل هده المشاريع، ولتعمل الحكومة على تخصيص ميزانية إنفاق استثماري لكل بلدية – على غرار منحها ميزانية إنفاق خدمي- بغية تمكين مجالس البلديات من استثمار بعض المشاريع المتوقفة ضمن قطاعها – كلياً أو تشاركياً مع الجهة المالكة لها- لا بل إحداث بعض المشاريع الجديدة، نظراً لأن هذه المشاريع الاستثمارية ستشكل مصادر تمويل ذاتي هامة للبلديات، هذا التمويل الواجب التحقيق وفقاً لقانون الإدارة المحلية.

وعلى اعتبار وجود العديد من المتعهدين المرخص لهم رسمياً ضمن قطاع كل بلدية، يتربصون الفرصة لتنفيذ بعض الأعمال الخدمية أو الإنشائية التي تعلن عنها البلدية أو بقية الجهات العامة الأخرى، إضافة إلى عدم خلو أية محافظة من شركات للقطاع العام تعمل في هذا المجال، وغالباً ما يحققون دخلاً عالياً من ذلك.. لذا أرى من المتوجب صدور قرار رسمي يقضي بالترخيص لإحداث شركات استثمارية – في القطاعين العام والخاص – تكون معنية، بل متخصصة بالتصدي لاستثمار المشاريع الإنتاجية المتعثرة أو المتوقفة ضمن قطاع كل بلدية، وفقاً لما هو مبين في التقرير النصف سنوي الصادر عنها، أياً كانت أسباب هذا التعثر، على أن يكون هذا الاستثمار بموجب عقود مع مالكي هذه المشاريع، بما يضمن حقوق طرفي التعاقد عبر التنسيق مع البلدية التي تقر وجوب تحقق هذا الاستثمار، شريطة أن تحظى الحقول الزراعية –غير المستثمرة- ومنشآت الثروة الحيوانية في الطليعة الاستثمارية، مع التأكيد على عدم أحقية رفض مالك المشروع، في حال لم يقم هو باستثمار مشروعه ذاتياً، مع وجوب منح هذه الشركات حق إحداث مشاريع استثمارية جديدة.

إن الإعداد لاستثمار مشاريع قائمة متعثرة الاستثمار، يشكل فرصاً استثمارية ممكنة التحقيق وأسهل تناولاً بالنسبة للراغبين في استثمار أموالهم، وحال أتيح ظهور هذه الشركات سنرى تحقق تشغيل عشرات المشاريع المتعثرة أو المتوقفة، أكانت مشاريع تجارية أو خدمية أو إنتاجية، وحبذا أن تمنح هذه الشركات المزيد من التشجيع والتسهيلات الأولية لضمان حضورها وتثبيت أقدامها في الساحة الإنتاجية، لما لهذا الحضور من أهمية، وربما قد يكون من المناسب تصدي شريحة من هذه الشركات للإقلاع بالمشاريع السكنية المتعثرة، أياً كانت عائديتها، بل منحها الترخيص لتنفيذ مشاريع سكنية مناطقية جديدة. فبعض المقاسم السكنية في السكن التعاوني والسكن الخاص التجاري على الهيكل منذ سنوات ناقصة الإنجاز ومسكونة وكأن ما من نية لإكماله..!

عبد اللطيف عباس شعبان

عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية