أسمهان.. العذوبة التي تحملها الرهافة
على سطح باخرة متجهة إلى بيروت وضعتها والدتها، وكأنما الطبيعة تقصدت أن تعمدها بماء البحر وباضطراب أمواجه التي لم تهدأ ليلتها، الحياة المضطربة أيضا ستشبه فيما بعد حياتها، كمغنية من الطراز الطربي الرفيع، يسعى المشهور من المطربين والمطربات في زمنها، لإفشالها، لكن صوتها الساحر، كان دائما يبزهم قوة وإقناعا بالنسبة للجمهور السميع، حيث تمر أغنيه “يلي هواك شاغل بالي” في خاطر كل من سمعها ولو مرة، وكأنها مشهد تراه العين كشريط سينما يمر تحت الأنظار، لأنها من رقتها تعلق في الذاكرة فورا، صوت أسمهان-1917-1944- وألعاب حباله اللينة، جعلت الكلمات تصبح أليفة إلى أذن المتلقي وعاطفته؛ الكلام التي كتبه “أحمد رامي”-1892-1981- وهو في قمة إحساسه بالرهافة، ووضع لحنه الصحيح الذي جاء وكأنه من روح القصيدة نفسها، الأخ الذي كان مشجعا لحياتها الفنية في بدايتها، “فريد الأطرش”-1917-1974- بقيت تنافس على الأكثر سماعا حتى بين مطربات اليوم، هذا ما تقوله الأرقام في الشابكة الإلكترونية، التي تسجل كل استماع لأغنية بديعة مثل “يلي هواك شاغل بالي”.
لكن ما السبب الذي يجعل أغنية كالوارد ذكرها، واحدة من الأغاني النادرة التي تحبها الأجيال باختلاف أمزجتها؟، وما الذي يوجد في تلك الأغنية وغيرها طبعا من الأغاني البديعة، يجعلها تعاند الزمن، ربما لأن حياتها الشخصية وخصوصيتها كانت عرضة للانتهاك بعد مخططات شيطانية وضعها لها أقرب الناس إليها، وخصوصا علاقتها العاطفية، التي تم العمل على تشويه سمعتها الشخصية ذات حسد.
ابنة السويداء التي أرهقت الورد برهافتها، وفي مصر التي كانت وما تزال سيدة الفنون الشرقية كالغناء والموسيقى، لم تستطع أمام ذاك الصوت البديع الشجن، إلا الاعتراف وبكل جدارة، بأن ثمة من جاء إليها، ليزيد فنها فنا ويعلي شأنه، لا ليتكئ عليه.
تمّام علي بركات