في مونديال روسيا.. الكبار يدفعون ثمن تاريخهم.. والمهاجمون غابوا عن التهديف
مع انتهاء الدور الثاني من كأس العالم، تيقن متابعو المونديال الروسي من تميّز هذا العرس الكروي عن سابقيه، تشريعياً من جهة تنفيذ القرارات الجديدة، ثم سيطرة الكرة الأوروبية على البطولة إلى الآن، فمن أصل الستة عشر فريقاً، عشرة فرق كانت من القارة العجوز، وكل المهتمين توقعوا بداية هذا الدور تأهل أربعة منها إلى دور الثمانية.
وبلغة الأرقام فإن السيطرة الأوروبية لم تقتصر على المنتخبات، بل امتدت للاعبين، حيث إن أغلب لاعبي المنتخبات الـ 16 جاؤوا من الدوريات الأوروبية، وتربع الدوري الانكليزي على عرش أكثر الدوريات تمويلاً باللاعبين لمنتخبات البطولة بواقع 40 لاعباً توزعوا بين مانشستر سيتي، ثم تشيلسي، وتوتنهام الذي موّل الفريق الانكليزي بلاعبيه، وحتى طريقة اللعب، فيما حلّ منافسه الدائم “الليغا الاسبانية” ثانياً بـ 29 لاعباً، والمفاجأة جاءت من الدوري الايطالي بـ 11 لاعباً تميزوا بكل مبارياتهم، وخاصة لاعبي اليوفي.
وبالعودة لدور المجموعات فإن الندية حضرت بقوة في المباريات بين الفرق ذات التاريخ المتواضع بالمونديال، فيما استمرت الفرق الكبيرة بالسقوط، أو الفوز دون إقناع، ويرجع ذلك لتغير مفاهيم اللعب “النتيجة هي الأهم”، ولتحقيق ذلك، نهج المدربون لاتباع أسلوب دفاعي شبه موحد، مع الاعتماد على الهجمات المرتدة، فمهما كانت طريقة اللعب الأساسية نلاحظ ارتداد أغلب اللاعبين إلى الدفاع وفق تشكيل 4-5-1، مع الضغط على حامل الكرة، أو نجم الفريق، وعند تسجيل أي هدف يغلق اللعب تماماً بانتظار خطأ بمنطقة مناسبة، أو تسديدة بعيدة لإنقاذ الفريق الآخر.
لكن معضلة الهجوم ورأس الحربة الصريح كانت المشكلة الأبرز لمدربي المنتخبات، وخاصة الكبيرة منها، فألمانيا، مثلاً، لم يستدع مدربها قناص مانشستر سيتي ساني الذي كان سيمثّل الحل الأفضل لعقم التهديف أمام المكسيك، وعدم إنهاء الهجمة بالصورة الأمثل في باقي المباريات، حيث لم يفلح الثنائي غوميز وفيرنر في هز الشباك رغم وجود صانعي لعب خلفهما على أعلى مستوى.
ونالت الأرجنتين الحصة الأكبر من هذه المعضلة، وخاصة في المباراة الأخيرة التي أدت فيها القراءة والرؤية الغوغائية لمدربها سامباولي إلى خروجها، فلعب ميسي دور رأس الحربة، ما أفقد الفريق إمكانية الاستفادة من كل التمريرات والاختراقات، حتى شاهدنا نجم برشلونة يتراجع إلى مركزه الأساس لصناعة الهجمة، ولاحظنا التغيير الإيجابي فور دخول أغويرو كمهاجم صريح، ولم يثبت المدرب خلال مبارياته الثلاث السابقة على تشكيلة هجومية واضحة، ورغم تألق البلجيكي لوكاكو بالدور الأول، لم يرق إلى المستوى المطلوب في المباراة التي جمعته بنظيره الياباني الذي نجح بشلّ فعاليته، مع كل الكرات التي موّله بها زميله هازارد الذي بدوره تذبذب مردوده بين المقبول والمؤثر، والأمر ذاته ينطبق على مهاجم منتخب البرازيل غابرييل جيسوس الذي كان الحاضر الغائب، فلم يتمكن من هز الشباك في أربعة لقاءات خاضها رغم شلال الفرص الذي صنعه له زملاؤه، وبذلك سيكون رأس الحربة الأسوأ في تاريخ راقصي السامبا إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
وبالحديث عن مهاجمي الدولة المضيفة وعملاقها ارتيم دزوبا، فلم يكن ضمن حسابات المدرب كلاعب أساسي قبل البطولة، لكن تسجيله ثلاثة أهداف جعل بديله سومولوف يحاول جاهداً استعادة مكانه دون جدوى، ليكون أحد الاستثناءات النادرة لغياب الحس التهديفي عند مهاجمي المنتخبات بشكل عام.
سامر الخيّر