زيارة بولتون إلى موسكو.. الدبلوماسية وطرقها الغامضة
ترجمة: علاء العطار
عن موقع “فالداي” 29/6/2018
للدبلوماسية طرقها الغامضة، وهذا ما ستبيّنه زيارة جون بولتون إلى موسكو والإعلان عن قمة بين ترامب وبوتين الذي تبع هذه الزيارة.
وبولتون، الذي عُيّن مستشاراً للأمن القومي في أوائل نيسان، هو ثالث شخص يشغل هذا المنصب في ظل قيادة دونالد ترامب، وأكسبته معظم قضايا السياسة على مر السنين صيتاً ذائعاً بتشدّده، وتزامنت فترة عمله في الجناح الغربي مع عدد من المبادرات المتشددة للإدارة الأمريكية، كالحروب التجارية مع الصين وحلفاء الولايات المتحدة، والتخلي عن الاتفاق النووي الإيراني، ونقل السفارة إلى القدس، ورغم أن هذه التحركات ترتبط بوضوح بميول ترامب بشكل أكبر من أي تأثير من جانب بولتون، إلا أن ارتباطه بها ملفت للنظر.
والملفت للنظر أيضاً، أن سلوك الإدارة حادَ عن سلوك بولتون في العديد من المجالات الرئيسية، أحدها كوريا الديمقراطية، حيث تعارض تنظيم قمة سنغافورة، ونتائجها الهزيلة، مباشرة مع تصريحاته كمواطن عادي، والأخرى، بالطبع، هي العلاقة مع روسيا الاتحادية، ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده بولتون في موسكو في 27 حزيران، سأله صحفي أمريكي كيف يمكنه تبرير عقد لقاء شخصي موسع بين ترامب وفلاديمير بوتين، وهو الذي اتهمه بأنه العقل المدبر وراء تلفيق قصة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية وأنه كذب بشأنها علناً، شكر بولتون سائله على “البحث في كتاباتي السابقة”، ثم قال بصراحة إنه أُرسل إلى روسيا لتسهيل إجراء لقاء أراد رئيسه أن يحدث: “حالياً، أنا مستشار للرئيس ترامب، ونحن نسعى إلى تنفيذ أجندته”.
ونيّة تحسين العلاقة مع روسيا، على ما يبدو، هي واحدةٌ من أكثر الأولويات السياسية التي أدلى بها الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة على نحو مكثف، كما أنه واجه صعوبة جمّة في الإيفاء بهذا الالتزام ولم يقم بأي شيء عملي بشأنه، وهذا يعكس جزئياً الحقائق الصعبة التي تفرق بين البلدين في القرم، ودونباس، والعقوبات، وسورية، وما إلى ذلك، وهذا من أعراض المقاومة الداخلية للتعامل مع روسيا- في مؤسسة الأمن القومي، وفي الكونغرس، وفي وسائل الإعلام، وفي الرأي العام- ولا يمكن إنكار أن هذه المقاومة يُغذّيها الاستياء مما يُعتبر تدخلاً روسياً غير مقبول في الانتخابات الرئاسية في عام 2016 التي حملت ترامب إلى البيت الأبيض.
يُعدّ الاتفاق على اجتماع هلسنكي تطوراً إيجابياً، لأن انعدام المحادثات بين دولتينا على المستويات العليا سيشكل خطورة شديدة عليهما، بالنظر إلى قدراتهما العسكرية، فقد شهدنا سابقاً سلسلة من عمليات “إعادة تعيين” هذه العلاقة، والتي تُسفر دوماً عن إحباط متبادل، لذا يجب تحديد التوقعات لهذا الاجتماع، على ضوء ذلك السجل، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن تحقيق أي شيء، فيجب اتخاذ بعض الخيارات أولاً، وعلى ترامب إعطاء الأولوية لنقطة خلاف أو اثنتين وأن يحاول تحقيق تقدم جوهري هناك، ويتعيّن على الرئيس بوتين أن يقرر ما إذا كان سيستمر في تجنب الإجابة المباشرة عن مسألة التدخل الانتخابي، وفكرة بدء حوار بشأن هذه المسألة هي فكرة ينبغي على الرئيسين ومساعديهما أن يولوها اهتماماً جدياً في الفترة القصيرة التي تسبق المصافحة في فنلندا، وربما يتمّ تضمينها في محادثات أوسع حول قواعد الطريق في عصر الانترنت.