مقابل كل رصاصة في هذا الوطن أرسم لوحة

ليس بالأمر السهل الإحاطة بهالة فنه وفكره دفعة واحدة وفي مقالة واحدة، فحرق المراحل والوقت مع هذا المبدع هو ضرب من الغباء..

نصف فكرة تكفي جنونه ليملأ العالم كله ألواناً وأدباً وشعراً، يبتكر اللون والكلمة وكأنه في نزهة جبلية، ويترك الجميع قلقاً بشأنهم..!

يرمي الريشة جانبا وينقب بأصابعه عن لوحة يشغل بها خيال الزمان والمكان، ضمن فضاء خاص به، ينتقل بين اللون والحرف لينسج لنا نصوصا شعرية وأدبية بلون الحب والفرح، ولوحات مثيرة حد الدهشة، يستعمل قلبه دائما للحصول على نظرة أقرب عندما يرسم، دائم وفاعل في المعارض المحلية والعربية والعالمية، حاز على كأس أفضل فنان تشكيلي عربي  في لبنان، إنه الفنان التشكيلي أسامة معلا الذي كان معه هذه الوقفة .

هل لك أن تخبرنا أولا كيف توازن بين أسامة الإنسان وأسامة التشكيلي؟

أظن أن أسامة الإنسان يشبه قليلا أسامة الفنان، تجمعنا الروح المحبّة للجمال ويفرقنا الطبع.. كإنسان أنا أعاني من إنسانيتي المفرطة وقد أموت بنوبة إنسانية شديدة.. وكفنان مجنون لدرجة الكمال.. ودائم الاشتياق لأسامة بكلا الحالتين

عندما ترسم هل تخاطب أحداً أم أنك تكتب بالألوان مونولوجك الخاص؟

أنا لا أرسم.. أنا أرقص وأطير.. ألاعب وحي اللون.. أحب وأكره مبتعداً عن كل ما يمكن أن يضعني على سكة واحدة نعرف جميعاً أين مبتغاها.. لا أحب الريَشْ والأقلام.. أرسم بأصابعي معزوفة على جدار أو قماش أو رمل تاركاً للون إمكانيات القيادة.

أخبرتني بأنك عاقل حتى تبدأ بالرسم فيصيبك جنون من نوع خاص، حبذا لو تسر لنا عن جنون فنك هذا؟!

حين ترسم دع عقلك جانباً، الفن لا يحتاج لعقلك، الظل والنور الكتلة والفراغ، الضوء، العتمة، القصة، الشعر، كله مثبت بالعقل، التشكيل روح، ليوناردو ورينوار وفان غوغ ورامبرانت رسموا قبل اكتشاف الكاميرا لندعهم سلمت يداهم الآن تغير كل الفن.. لست موظفاً عند لوحتي، أنا روح ترسم كالحب كقبلة لا تنتهي.. اللون شهوة أفرغ بها كل ما تحمل أناملي من أصفر وأحمر يليق بجسد حبيبتي

ما هو رأي الفنان أسامة بفن الجداريات الكبيرة، وهل ينتمي فنانو هذا النوع من الرسم إلى مدرسة محددة، لا سيما أنك من أبرز من رسموا على الجداريات، وجدران مدينة بانياس شاهدة على ذلك؟

الجداريات لوحات كبيرة وهي القمة بالنسبة للفنان، هنا تظهر إمكانياته وهل تستطع عيناه الابتعاد عن العمل وهو في مكانه، أم أنه سيرسم بريشة طولها ستة أمتار.. على عينيك أن تبتعد عن اللوحة وأنت تضعين خطوطك وألوانك بالشكل المطلوب، سيشعر المتلقي بضآلته أمام الأعمال الكبيرة.

كيف تواجه فظاعة الواقع المر بنا، والمحيط بك كفنان؟

الواقع مر دائماً ولا حياة من دون قهر وتعب، ما يحصل في بلادي يوجعنا جميعاً ألم وقهر وموت مؤجل، وعلينا أن نواجه القتل بالحب، بالفن، ونخلق مقابل كل رصاصة لوحة.

هل يستفزك البياض؟ هل يثير لديك رغبة معينة بالرسم، أم ماذا؟

حالة التشكيل عارمة، وعندما يحضر الرسم محملا بعشق الأحمر، تنتابني رعشة امتداد.. تذهب يداي باتجاهات خنجر اللون أصرخ لأطعن الأبيض.. أتخلص من بكارته لتبدأ اللوحة بالصراخ، بصراحة كل المساحات الفارغة تثيرني.. أراها علاقات متقطعة بحاجة لتوصيل، كعلاقة المربع بالدائرة، قد تسكن الدائرة ضمنه رغم ذكورته، إلا أنها تتحداه لأنها لا تجد المستطيل مناسبا لها.

هل تريد أن تضيف لكل الجمال السابق أي حرف؟

في النهاية نذهب ويبقى الفن تبقى اللوحة ويبقى الحب الموجود في كل مكان، حين أرسم أو أعيش، ولكن حالة الرسم عشق مختلف يعيش حياته الخاصة ويمارس علينا شتى أنواع الحنين.

بطاقة

أسامة معلا: مواليد سورية 1965، درس الفن التشكيلي والديكور بشكل خاص، رسم في العديد من الصحف العربية والعالمية: الهدف.. الحرية.. الناقد،

نفذ ديكور مجموعة من الأعمال التلفزيونية مع المخرج نجدت انزور، كما نفذ ديكور أوبرا ابن سينا قطر.

أقام معرضاً فردياً في صالة الخانجي حلب 1980- معرض في صاله الشعب دمشق 1983- معرض جدل بيزنطي 2008- معرض ناي 2010- معرض صالة هيشون 2010 اللاذقية- معرض الاكواريوم بيروت 2012- معرض الرقص مع الأصابع عمان2010- معرض الاونسكو بيروت 2012.

حائز على أفضل لوحة لكارل ماركس كوبا 1998، كُرم في ملتقى بيروت من قبل أهم الفنانين العرب 2015، أعماله مقتناة في أميركا وكوبا والخليج العربي ومتحف دمشق والعديد من السفارات العالمية.

لينا أحمد نبيعة