بوصلة “هيئة الصادرات” باتجاه الإنتاج.. وخيار تعزيز الأسواق المتاحة أمام منتجاتنا يفرض نفسه كأولوية
لعلّ استهداف الأسواق الواعدة لم يكن أولى طموحات اتحاد المصدرين السوري، كما بدا من حديث رئيس الاتحاد محمد السواح، إذ أكد خلال ملتقى الأسواق الواعدة أمس أن الأهم هو تعزيز الأسواق المتاحة حالياً وتنشيطها، وذلك لسهولة التعامل التجاري وانسياب البضائع السورية إليها، إلى جانب العمل على تذليل العوائق التي تتصدّى للبضائع السورية في الأسواق العربية والصديقة المستهدفة، لافتاً إلى أن تجربة المعارض التي قامت في بعض الدول لا يمكن التعويل عليها لفتح أسواق تلك الدول، فالعراقيل تظهر مباشرة بعد انتهاء فترة المعرض كعدم قدرة الحصول على الفيزا أو تسهيل الشحن والتبادل التجاري.
خطة وطنية
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر الخليل أكد في تصريح للإعلاميين أن الحكومة تعمل على مجموعة من السياسات الاقتصادية، ومنها التصدير نظراً لكونه مورداً للقطع الأجنبي، ويشكّل منفذاً لانسياب فائض الإنتاج إلى الأسواق الخارجية، إلى جانب زيادة وتيرة العملية التشغيلية على المستوى الإنتاجي، وخاصة الإنتاج الحقيقي الصناعي والزراعي، وما يؤمنه من فرص عمل وتشغيل لليد العاملة، لافتاً إلى أنه تمّ إقرار الخطة الوطنية للتصدير التي أعدّتها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية هذا العام، وكذلك إقرار المصفوفة التنفيذية للبرنامج التنفيذي لهذه الخطة، موضحاً أنها المرة الأولى التي يتمّ فيها إعداد خطة إستراتيجية واضحة لتصدير المنتجات الوطنية للأسواق الخارجية، تتضمن تشخيص واقع التصدير في سورية والمعوقات التي تقف أمام تصدير المنتجات السورية إلى الخارج، إضافة إلى المقترحات والحلول لتذليل تلك العقبات، مع وضع برنامج تنفيذي واضح لكافة الجهات المعنية لتقوم بكل ما يلزم من إجراءات للوصول إلى تلك الأسواق.
مؤشرات نوعية
وبيّن مدير عام هيئة تنمية الصادرات ودعم الإنتاج المحلي الدكتور إبراهيم ميدة في ورقتي عمل قدّمهما خلال الملتقى واقع الصادرات في سورية خلال ثلاث مراحل أساسية: “المرحلة ما قبل الحرب على سورية، وتتضمن مؤشرات التجارة النوعية، والمرحلة الثانية مرحلة الحرب، والمرحلة الثالثة لما بعد الحرب”، معتبراً أن المرحلة الثالثة هي التي تشكل رؤية مستقبلية في ظل الانتصارات والتعافي الاقتصادي.
واستند ميدة في رأيه إلى قراءة مؤشرات التجارة النوعية التي تدلّ بشكل علمي على الأسواق الواعدة، مشيراً إلى وجوب توجيه صادراتنا إلى الأخيرة، باعتبار أن مؤشر التجارة النوعي يقيس مدى توافق التركيبة السلعية في سورية إلى نسبة التركيبة السلعية لمستوردات الدول الشريكة، ليخلص إلى نتيجة مفادها: عندما يتجاوز مؤشر التجارة النوعية مع إحدى الدول الـ90%، فهذا يعني أن أسواق هذه الدول واعدة، ويمكن أن ترفع من حجم الصادرات السورية، كما لفت إلى مؤشر نوعي مهمّ يعكس درجة أهمية الصادرات نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي السوري في عام 2012 والذي بلغت فيه قيمة صادرات سورية إلى قيمة الناتج الإجمالي المحلي المقاس بأسعار ثابتة في سورية نحو 52.5% أي أكثر من نصف ناتج الإجمالي المحلي كان يمثل صادرات.
وبيّن ميدة أن رؤية هيئة تنمية الصادرات ودعم الإنتاج المحلي سابقاً كانت تهتم بما ينسجم ويتواءم مع الظروف السائدة في عام 2009 والتي لم تعانِ من نقص الإنتاج، فوجهت رؤيتها إلى التصدير فقط، ولكن القانون رقم 3 لعام 2016 وتبعاً لظروف البلد، أوجد الحاجة إلى أدوات جديدة لتسليط الضوء على مرحلة الإنتاج للوقوف على الاختناقات والمحددات التي تعاني منها جميع القطاعات، إضافة إلى مرحلة ما بعد الإنتاج والترويج، معتبراً أن ارتفاع حجم الصادرات خلال عام 2017 إلى 700 مليون دولار بداية لمرحلة مبشرة، وأن العمل وفق خطط إستراتيجية متوسطة وقصيرة الأمد، يتيح للصادرات السورية استرجاع هذه الأسواق، وإعادة الألق والزخم لاقتصادنا من خلال وضع آليات معيّنة لدعم الصادرات، والعودة لما كانت عليه حجم الصادرات في عام 2010 والتي تجاوزت 12.5 مليار دولار.
معايير
وفيما يتعلق بالحلول المقترحة، بيّن ميدة أن إقامة المعارض الخارجية ورفع حجم صادراتنا إلى هذه الدول، يشكلان الخطوة الأولى لفتح الأسواق المستهدفة، إضافة إلى تقديم حوافز للتصدير، والوقوف على المشكلات التي تعاني منها كل القطاعات الاقتصادية والتجارية خاصة فيما يتعلق بالطاقة الإنتاجية والنوعية، مشدداً على ضرورة إصلاح القطاع العام الصناعي، وتوسيع شريحة الدعم للمنتجات الصناعية، وتقديم الحوافز الفنية الاستشارية، والتي لها علاقة بتكلفة الإنتاج الحقيقية، مشدداً على ضرورة وجود معايير لتقديم الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه، كونها تخلق نوعاً من المساواة بين المصدّرين.
غياب التنسيق
وشملت محاور الملتقى مناقشة الإشكاليات التي تواجه تصدير المنتجات السورية، منها صعوبة الحصول على فيزا تمكّن رجال الأعمال من تصدير منتجاتهم ومتابعة نشاطاتهم في الأسواق المستهدفة، إذ أكد رئيس اتحاد الغرف التجارية غسان القلاع على أهمية مجالس الأعمال، وضرورة تفعيل دورها الحقيقي لما لها من دور في إتاحة المجال أمام رجال الأعمال من الجانبين لمناقشة ودراسة أسواق البلدين وبالتالي عقد الصفقات التجارية وفقاً لمتطلبات كل منهما. بينما رأى بسام بازرباشي معاون مدير عام هيئة الضرائب والرسوم أن أهم الإشكاليات تتمثّل بغياب التنسيق ما بين الجهات المعنية في العملية التصديرية، مؤكداً أهمية العمل الجماعي لمناقشة ودراسة الأمور لاستخلاص نتائج واضحة تصحح مسار العملية التصديرية.
فاتن شنان