“الهوية الحضارية” موضوع محاضرة فكرية في اللاذقية: كنايسي: العروبة حالة حضارية تتجلى قوتها في تنوعها
اللاذقية– مروان حويجة:
أقام فرع اللاذقية للحزب محاضرة فكرية ثقافية حول “الهوية الحضارية – المقومات الثقافية والتحديات الراهنة “، ألقاها الرفيق الإعلامي محمد كنايسي رئيس تحرير صحيفة البعث، وذلك في صالة الباسل بشعبة المدينة الثالثة.
ورأى كنايسي أن الهوية الحضارية لوطننا العربي تتجلى في العروبة بوصفها حالة حضارية تمثّل الإرادة المشتركة، والمصالح المشتركة، والأديان المشتركة، وكل شيء مشترك بين القوميات المختلفة، ولفت إلى أنّ قوة العروبة تكمن في تنوعها، وليس في انعزالها ونوعها الواحد، بعد أن ولّى ذلك العهد الذي كانت فيه العروبة تؤسس على روابط الدم والنسب لتحقيق أهداف ومآرب سياسية واجتماعية ووجاهية، واستشهد المحاضر بما قاله السيد الرئيس بشار الأسد : “لو كانت العروبة هي فقط عرق عربي لما كان لدينا الكثير الذي نفخر به، فآخر شيء في العروبة هو العرق” .
وبيّن رئيس تحرير “البعث” أنّ الهوية الحضارية تشكّل الشرط الأول لأي مشروع وحدوي عربي، وأن المفعول التوحيدي للعروبة، لا يقتصر فقط، على الصعيد القومي، بل يشمل الصعيد القطري لجهة الاندمج الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية في الدولة القطرية، مشيراً إلى أنّ كل محاولات الدول القطرية لإيجاد هويات مصطنعة بديلة عن العروبة باءت بالفشل وكان مصيرها الإخفاق، وأشار إلى ما تتعرض له الهوية الحضارية من استهداف ممنهج ومباشر من قبل أعداء الأمة العربية لأنّ الهوية الحضارية طاقة كبرى تحرّك الجماهير العربية، ولذلك لم تنقطع محاولات ضرب هذه الطاقة بمختلف الوسائل والأساليب، ومنها التضليل والقمع وغسل الأدمغة وإثارة الفتن والنعرات، وهذا ما تمّ استخدامه فيما يسمى بالربيع العربي الأسود الذي فشل برغم كل ما حشده من طاقات ووسائل تضليل وتزوير وإمكانيات غير مسبوقة لأنّ الوجدان الشعبي العربي وجدان عروبي يتمسك ويتشبّث بالقضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ويتطلع إلى النهوض الوطني والتكامل القومي العربي.
وأكّد كنايسي أنّه رغم كل ما تعرضت له سورية من تآمر، وحشد عدواني سافر، ومن تضليل إعلامي، إلاّ أن الجماهير العربية تقف مع الدولة الوطنية السورية في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني الرجعي الأعرابي، وأن سورية قلب العروبة النابض هي في نظر تلك الجماهير الواسعة أمل الأمة في المستقبل العربي المشرق، وأوضح أنّ هويتنا الحضارية مستهدفة منذ أيام الاستعمار القديم وقيام المشروع الاحتلالي الاستيطاني التوسعي للكيان الصهيوني وليس اليوم، وهذا يكشف عداء الاستعمار الشديد لهذه الهوية، ومحاولته النيل منها بكل الوسائل والطرق، مبيّناً أن المشروع الصهيوني جاء لمواجهة المشروع القومي العربي ومنع تحقيقه في عدوان شرس لضرب هذه الهوية التي حفظت وحدة العرب الثقافية، وشكّلت محرّك نضالهم ضد الاستعمار والصهيونية.
وتساءل كنايسي: هل هي مصادفة أن تركّز الأدوات الإرهابية التكفيرية التي صنّعها الغرب لإسقاط وتقسيم دول المنطقة، ولاسيما الدول عروبية التوجّه مثل سورية على استهداف معالم هويتها الحضارية والثقافية والدينية والأثرية والتاريخية، وأكد على ضرورة التصدي الفكري للأطروحات الفكرية التي ظهرت خلال الفترة الماضية كمفرزات فكرية وسياسية للربيع العربي المشؤوم، ولا سيما العودة الى الهوية القطرية، والفصل بين الوطنية والعروبة وبين العروبة والإسلام، لأن هذه الأطروحات تشكّل خطراً على الهوية الحضارية، ولذلك لابد من التصدي الفكري لها باعتبارها أحد التحديات الفكرية الداخلية.
وختم كنايسي محاضرته بالقول: إذا صحّ أن العروبة ليست جوهراً ثابتاً فوق الزمان والمكان والتاريخ، وأنها أشبه بالبحر الذي تصبّ فيه هويات فرعية متعددة، وأنها يمكن أن تشهد بعض التغيّرات التي تحتاج زمناً طويلاً للحدوث، فإنها بالمقابل ليست لباساً يمكن تغييره بسهولة أو شعاراً يمكن الاستعاضة عنه بآخر، مؤكداً أن سورية هي اليوم محط أنظار كل العرب الشرفاء من المحيط إلى الخليج، وأن انتصار سورية العروبة حتمي وقريب، وأنها ستظل منارة حضارية عروبية تحمل المشروع النهضوي العربي المقاوم.
بدوره تحدّث الرفيق الدكتور محمد شريتح أمين فرع اللاذقية للحزب عن القيمة الفكرية والثقافية النوعية التي تتجلى في هذه القضايا الجوهرية المطروحة في مثل هذه اللقاءات التي تعكس حيوية الحراك الفكري والثقافي التفاعلي، وأكد أن سورية بتلاحم شعبها وبسالة جيشها وبحكمة وشجاعة قائدها الرمز السيد الرئيس بشار الأسد الأمين القطري للحزب تسطر أروع صفحات الانتصار على قوى الشر في هذه الحرب الكونية، منوّهاً بأهمية المسألة الفكرية في الحياة الحزبية، وبما يحصل عليه الرفاق البعثيون من خبرات ومهارات ومعارف تغني ثقافتهم الذاتية والعامة والحزبية وبما ينعكس على فاعلية دورهم الحزبي والمجتمعي.
من جانبه تحدّث الرفيق المهندس مصطفى مثبوت، عضو قيادة فرع الحزب باللاذقية رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام الفرعي، عن دور العملية الفكرية والثقافية في بناء الشخصية البعثية التي تجسّد السلوكية القدوة في المحيط المجتمعي والوسط الشعبي فكراً وممارسة، مشيراً إلى غنى هذا الموضوع المطروح الذي يلامس واقعنا الراهن بكل تحدياته وأبعاده.
واغتنت المحاضرة بمداخلات قيّمة من الرفاق الحضور، وأجاب عنها الرفيق المحاضر، حيث دار حوار موسّّع بين الجمهور والمحاضر كنايسي من خلال مداخلات وأفكار وتساؤلات حول مقومات الهوية الحضارية والتحديات التي تواجهها، وتفعيل المنظومة القيمية الثقافية العروبية في مواجهة كل أشكال وأساليب الهيمنة الثقافية الخارجية والتصدّع الداخلي لمختلف أشكال الفكرية الانعزالية والتطرّفية والظلامية.
حضر المحاضرة الرفاق أمناء قيادات الشعب الحزبية والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية وفعاليات حزبية ورسمية وشعبية.