” رفع الغطاء “
على الرغم من انحسارها جزئياً عقب تحرير حلب من الإرهاب وتعافي القطاع الاقتصادي والإنتاجي تدريجياً، ما زالت ظاهرة التهريب وإغراق أسواق حلب بمواد وسلع غذائية من منشأ تركي ومواد أخرى مجهولة الهوية والمصدر تشكل حالة مقلقة بدأت آثارها ومفاعيلها السلبية تظهر بوضوح على المشهد الاقتصادي بشقيه الصناعي والتجاري، وعلى واقع المنتج الوطني الذي يبدو مكبلاً ومحاصراً بالقرارات والقوانين والتشريعات أكثر من أي وقت مضى وخارج لعبة المنافسة بالنظر لفوارق الكلفة والأسعار المفروضة كأمر واقع من قبل تجار الأزمات وعصابات ومافيات التهريب الذين ينشطون بأريحية كاملة عند مداخل المدينة وفي داخلها.
وقد لا يختلف مشهد الأمس عن اليوم؛ فالجميع يتفق أن حلب باتت ملاذاً آمناً لشريحة واسعة من المهربين ومرتزقي الأزمة وما يسمى بمحدثي النعمة، وهم معروفون بالاسم والشكل ويحكمون قبضتهم على منافذ ومداخل المدينة ويتمتعون بالصلاحيات والنفوذ والقوة إذا لزم الأمر ويضربون عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الأخلاقية والإنسانية، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات والشكوك والريبة حول دور الجهات الرقابية والضابطة الجمركية في لجم هذه الفئة الضالة ووضع حد لتعديها الصارخ على مقدرات الوطن والمواطن.
ولعل الاعتراف الصريح من المعنيين بتفشي هذه الآفة الخطرة واتساع دوائرها خلال الآونة الأخيرة يحل نصف المشكلة، ويمهد الطريق أمام حل الجزء الأخطر من المشكلة فيما إذا توافرت النوايا الصادقة من جميع الشركاء بمن فيهم المواطن نفسه، والمطلوب منه التحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية ويعلن مقاطعته للمواد المهربة وخاصة البضائع التركية التي تشكل خطراً مباشراً على الصحة والسلامة العامة، وهو ما تكشف مؤخراً من خلال ضبط كميات كبيرة من السلع والمواد والمعلبات واللحوم الفاسدة ومنتهية الصلاحية والسامة والمسرطنة.
وبموازاة ذلك ينبغي على الجهات الرسمية والمعنية رفع الغطاء عمن يتسترون بالوطن ويتبجحون بالشعارات الرنانة صباحاً ومساءً خداعاً ونفاقاً وتملقاً ومصلحة، والضرب بيد من حديد كل من يحاول المساس بأمن الوطن واقتصاده.
خلاصة القول: مسؤولية مكافحة التهريب وملاحقة المهربين والمتورطين ومحاسبتهم مسؤولية جماعية، وهو ما يجب أن يترجم على الأرض وفي الميدان جهداً دؤوباً ومخلصاً من منطلق ما يمليه علينا الواجب في حماية وتحصين الوطن ضد أعدائه ومحاولات تخريبه.. فهل نفعل؟؟
معن الغادري